تتجه الحكومة الكويتية إلى تنفيذ مشاريع إسكانية عملاقة بعد أن تفاقمت الأزمة الإسكانية للمواطنين وتجاوزت طلبات مستحقي الرعاية السكنية المئة ألف طلب، وسط ارتفاع حاد في أسعار الأراضي والمنازل، حيث بات من الصعب على العائلات والأفراد من محدودي ومتوسطي الدخل بناء منزل أو شرائه رغم الدعم الحكومي.
وتلتزم الحكومة الكويتية بموجب القانون ببناء منازل أو تقديم أرض سكنية مع قرض بسعر مدعوم يتم تقسيطه على آجال طويلة. ويقول تركي الحصم أحد منتظري منزل العمر إنه ينتظر أكثر من 7 أعوام للحصول على دور في الرعاية السكنية، بسبب تراكم طلبات المواطنين عبر الأعوام الماضية. وقد شكل تركي ومجموعة من الشباب الكويتي حملة «ناطر بيت» للضغط على الحكومة للتسريع في معالجة الأزمة، خصوصا أن طلبات المنتظرين بلغت 103 ألف طلب حسب آخر بيانات لمؤسسة الرعاية السكنية، بينما يبلغ متوسط ما توفره المؤسسة سنويا نحو 5% فقط من المطلوب.
وتكمن أزمة سكن المواطنين الكويتيين في تملك الحكومة أكثر من 90% من مساحة الدولة الصغيرة نسبيا، ما أدى الى ندرة المعروض من الأراضي السكنية والمنازل في السوق، وهو ما ينعكس بدوره على الأسعار.
وبات متوسط سعر المتر المربع يتراوح بين 3 آلاف إلى 3500 دولار في منطقة لمتوسطي الدخل، أي إن سعر منزل بمساحة 400 متر قد يصل الى مليون ونصف المليون دولار. وهذه المبالغ ليست بمقدور الشباب الكويتي الذي يشكل الأكثرية من المواطنين، وهو ما يزيد الضغوط الحياتية على هؤلاء، رغم أن الدولة غنية ويعتبر متوسط دخل الفرد فيها من الأعلى عالميا حيث يبلغ 45 ألف دولار سنويا.
ويقول رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح: «إذا أردنا أن ننجح في حل المشكلة الإسكانية فيجب تحرير الأراضي وإيجاد بنية تحتية وإشراك القطاع الخاص وتغيير الفلسفة الإسكانية القائمة حاليا على تكوين الثروات وليس المأوى».
ودفع هذا الوضع الحكومة الى التسويق أخيرا لحلول جديدة خصوصا أن المشكلة باتت أشبه بكرة ثلج متدحرجة.
ومن المرتقب طرح مجموعة من المدن الإسكانية متكاملة الخدمات والمرافق على شكل شركات تنموية عملاقة، يتشارك القطاع الخاص (مواطنون وشركات) مع الحكومة في ملكيتها وبنائها، وذلك للتقليل من طلبات الانتظار وإتاحة عروض جديدة في السوق يمكنها أن تقلل الأسعار الحالية.
ويقول سالم الأذينة، وزير الإسكان والمواصلات الكويتي«لدينا حلول وهي المدن الإسكانية الجديدة، لدينا 4 مدن أساسية، مدينة الخيران 35 ألف وحدة، وفي الصبية 52 ألف وحدة، في المطلاع مدينتان وحدة 52 ألف وحدة، والأخرى 22 ألف وحدة، ومشاركة القطاع الخاص أساسية لبناء هذه المدن».
ومن الحلول أيضا تغيير الالتزام الحكومي الذي يقضي حاليا ببناء منازل للمواطنين بمساحات كبيرة نسبيا (400 متر) أو منحهم قسيمة سكنية مع قرض مدعوم بأقساط طويلة الأجل، أما الجديد فهو إعطاء خيارات عدة لمنتظري الرعاية السكنية.
ويقول المدير العام للمؤسسة العامة للرعاية السكنية صبحي الملا، إن «هناك خيارات أمام المواطن، فلن نجبره على أن يأخذ 400 متر أو 600 متر (للمناطق البعيدة عن العاصمة)، بل ستكون هناك خيارات أمامه كبيرة مثلا قسيمة، بيت، مبان، تاون هاوسسز، شقق، لكن أيضا ستكون الأسعار بالطلبات حسب هذه الخيارات».
ويعتبر هذا الحل مجديا خصوصا إذا تم فتح مجال للمواطنين بالسكن العمودي، وتغيير فلسفة السكن القائمة حاليا، التي تفترض فيها كل عائلة الحصول على منزل كبير، لا تحتاجها في الغالب العائلات الصغيرة، علما أن هناك أبعادا اجتماعية تمنع بعض العائلات المحافظة من السكن بجوار آخرين في شقق سكنية على سبيل المثال، لكن هذا الوضع لا يشمل الجميع خصوصا مع الجيل الجديد الأكثر انفتاحا.
وقد ينتج عن هذه الخيارات المطلوبة في السوق ارتفاع في عدد الوحدات السكنية التي توفرها الدولة للمواطنين، حيث يبلغ متوسطها السنوي نحو 5000 وحدة، وبالتالي الى انخفاض الأسعار تدريجيا. لكن، وحسب هذه الأرقام، تحتاج الحكومة الى مضاعفة ما توفره حاليا لكي تتمكن من إنهاء الطلبات المتراكمة في 10 سنوات قادمة، بينما ستكون طلبات أخرى قد دخلت في الحسبة ناتجة عن طالبي الرعاية السكنية الجدد.








