يبدو أن الادارة الأمريكية في طريقها إلي تغيير جذري في استراتيجية أمن الطاقة أحد أهم محاور الأمن القومي، حيث اعتمد البيت الأبيض قرار تأسيس محطات للغاز الطبيعي المسال بغرض التصدير دون أي قيود وهو ما يؤثر علي اتفاقات وقعتها الولايات المتحدة مع دول اخري.
وتعتبر قرارات انشاء محطات للغاز الطبيعي المسال مؤشرا علي اسلوب الأمريكيين في التعامل مع الزيادة المضطردة في الطاقة وهي مسألة لها بعد سياسي حساس لأكبر اقتصاد في العالم.
ويعارض رجال الصناعة المحليون قرار التوسع في تصدير الغاز حتي لا يؤثر ذلك علي ميزة الاسعار الرخيصة جدا لسعر الغاز داخل البلاد وهو رأي يلقي تأييدا داخل بعض اقسام الكونجرس الامريكي والمعروف بارتباط كثيرين فيه برجال اعمال وانشطة تجارية يخشون كسادها.
وينظر الرئيس الامريكي باراك اوباما ومستشاروه إلي ان الزيادة الكبيرة في انتاج البترول والغاز نقطة تحول هامة تعكس الاتجاه الذي ساد في العقود الأربعة الماضية حيث اعتمدت البلاد علي استيراد البترول.
وفي كلمة نادرة له، قال توم دونيلون مستشار الأمن القومي الامريكي إن وفرة الطاقة من مصادر محلية تعزز الامن القومي الامريكي وتشدد من قبضة الولايات المتحدة في مسيرتها نحو تحقيق اهداف الحفاظ علي أمنها الخارجي.
وأشار إلي أن زيادة انتاج الولايات المتحدة والانتاج العالمي ايضا من الغاز الطبيعي سوف يكسران العلاقة الطردية بين اسعار الغاز واسعار البترول الاكثر ارتفاعا وقد يسهم في إضعاف التحكم الذي تتمتع به الدول التقليدية التي تسيطر علي امدادات الغاز العالمية مثل روسيا وقطر.
ويعتقد الامريكيون بحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن بلادهم يمكنها الاعتماد علي الغاز بشكل اكبر لتخفيف الاستهلاك من البترول والفحم أهم مصادر التلوث البيئي وهو ما سوف يسهم في نجاح خطط الحد من الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري.
وبدأت أصوات المصانع كثيفة الطاقة تتصاعد للمطالبة بالحد من تصاريح تصدير الغاز بدون قيود للخارج ومنها شركة داو للكيماويات وشركة الكوا اللتين تؤكدان أن هذه التصاريح سوف تؤدي إلي اهدار ميزة رخص تكلفة الطاقة التي تمتع بها الاقتصاد الامريكي الذي يعاني اصلا من التباطؤ خصوصا بعد تطوير تكنولوجيا الحفر الصخري التي سهلت الوصول إلي البترول والغاز الصخريين.
ومع ذلك، يري المسئولون الامريكيون أن أي قيود علي تصدير الغاز للخارج سوف يعطي اشارات سلبية حول الايمان الحقيقي من قبل الولايات المتحدة بسياسة تحرير التجارة التي تدعمها في العالم كله وهو ما قد يثير اجراءات مماثلة من دول اخري وبالتالي يرتفع السعر العالمي لاسعار الغاز والبترول ايضا.
وقال بيتر اورزاج مدير الموازنة السابق بالبيت الأبيض والذي يعمل حاليا خبيرا في سيتي جروب إن الولايات المتحدة سوف تناضل لاقناع الصين برفع القيود التي تفرضها علي صادرات المعادن الأرضية النادرة التي تتمتع بوفرتها لديها وهو ما يتعارض تماما مع الآراء التي تنادي الولايات المتحدة بتبني سياسة مماثلة نحو الغاز الطبيعي المسال، مشيراً إلي أنه لا يمكن تبرير مبدأ عام بفرض قيود علي الصادرات علي شيء مثل هذا خصوصا أن ذلك لا يمثل أي تهديد للأمن القومي.
وأقرت بالفعل الولايات المتحدة 23 مشروعاً لانتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال للدول التي ترتبط معها باتفاقات تجارية ومع ذلك فإنه لا توجد دول كثيرة تستورد الغاز بكثافة باستثناء كوريا الجنوبية التي من اكبر بلدان العالم التي تشتري الغاز من الخارج.








