تشهد تجارة حاويات البترول نموا بأسرع معدلات لها خلال عشر سنوات حيث أسهمت اكتشافات الولايات المتحدة من البترول في الطبقات الصخرية في تحقيق طفرة محلية أدت لانخفاض واردات البترول وبالتالي اضطرت دول التصدير التقليدية إلي البحث عن أسواق بديلة بعيداً عنها.
أوضح تقرير لصحيفة الفاينانشيال تايمز أن نسبة الميل إلي طن البترول، التي تقيس المسافات المقطوعة لنقل الخام ، ارتفعت في 2012 نحو 10% حيث سجلت رقماً قياسياً بلغ 7.8 تريليون طن/ميل بحسب بيانات منظمة ايكاب للشحن والتي تتابع كبريات المؤسسات التي تنقل 80% من التجارة الدولية.
ومن المفارقات التي تؤكد أهمية هذه الزيادة أنها جاءت في وقت تراجع فيها حجم الصادرات البترولية حول العالم وهو ما يكشف عن ارتفاع كبير في طول مسافات الشحن رغبة من المصدرين في تعويض تراجع المبيعات حيث انتقلت الحاويات من من غرب أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلي الهند والصين بدلاً من الولايات المتحدة.
وتلقي هذه التغيرات ترحيبا كبيراً من أكبر المستفيدين وهم شركات الحاويات العملاقة مثل فرونتلاين في برمودا وأوسج الأمريكية والتي عانت من تراجع الطلب عليها في اعقاب الازمة المالية التي وقعت في 2008 في الوقت التي كانت وصلت فيه أعلي مستويات الأداء بفضل الطلب الكبيرعلي ناقلات البترول قبل تلك الأزمة.
ويمثل التغير في نمط تجارة البترول ضغطا علي نقاط النقل الرئيسة إلي اسيا مثل مضيق ملقا الذي يمثل الممر البحري الضيق في طريق التجارة إلي الصين وهو ما يكشف طبيعة التغيرات الناجمة عن ثورة البترول والغاز الصخري في الولايات المتحدة والتي تسببت في معضلات أمنية علي طرق بحرية لم تكن مستغلة بشكل كاف في الماضي.
قال ديفيد جولدويان، الاستشاري الذي عمل في وقت سابق في وزارة الخارجية الامريكية كدبلوماسي رفيع المستوي متخصص في شئون البترول إن زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة غيرت من تدفقات التجارة وتسببت في تنامي الضغوط علي بعد نقاط المرور المختنقة مشيرا إلي تاثير ذلك علي أمن الطاقة العالمي حيث تصبح حاويات البترول عرضة أكثر مما سبق لعمليات القرصنة في ممرات العبور الضيقة.
وبحسب صحيفة فاينانشيال تايمز فإن طفرة الإنتاج الامريكية تدفع فنزويلا ونيجيريا وأنجولا وكل أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول إلي البحث عن عملاء جدد لشراء إنتاجهم بدلاً من الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة في العالم.
قال براهما تشالاني، خبير الدفاع في مركز البحوث السياسية في نيودلهي إن الهند استحوذت علي الشحنات التي كانت تذهب للولايات المتحدة من قبل من أمريكا اللاتينية وغرب أفريقيا بهدف تنويع مصادر الطاقة لديها بعيدا عن المصدر التقليدي في دول الخليج محذراً من المخاطر الأمنية الناجمة عن طول المسافة والطرق البحرية المعرضة للقرصنة.
وأضاف أن هذا التنوع رفع من احتمالات تعرض إمداداتها لخطر الانقطاع وبالتالي فإن الهند ستضطر قريباً إلي إرسال سفن حربية لها تجوب جنوب المحيط الاطلنطي أمام السواحل المقابلة لدول غرب أفريقيا لتأمين الحاويات التي ستنقل البترول إليها.
وبحسب بيانات مؤسسة انريجي اسبيكت للخدمات الاستشارية فإن الصادرات الفنزويلية من البترول للهند ارتفعت ثلاث مرات منذ 2011، كما أن نيودلهي تتوقع أن تحل محل الولايات المتحدة كأكبر مستوردي البترول من نيجيريا خلال الشهر الجاري.
ورغم أن الصين تسعي لتقليل الاعتماد علي النقل البحري لاستيراد البترول عبر تدشين خط أنابيب من كازاخستان وروسيا فضلاً عن دراسة خط جديد قادم عبر ميانمار لكن وارداتها البترولية عبر المحيطات قفزت بنسبة 6% حيث ارتفع معدل المسافة إلي حجم شحنات البترول 13% بعد أن صعدت صادرات فنزويلا إليها من الخام إلي أعلي مستوي لها.