منذ 2003 نجحت دول أمريكا اللاتينية التي تصل قيمة اقتصادها إلي 6 تريليونات دولار في مضاعفة مساهمتها بالناتج العالمي إلي 8% في الوقت الذي نمت فيه الطبقة المتوسطة بنحو 50 مليون نسمة لكن مستوي المساواة في الدخل ورفاهة الحياة انكمش في حالة نادرة وبحسب خبراء المال فإن العالم يعيش عقد أمريكا اللاتينية.
إلا أن العام الرابع من هذا العقد اظهر وجود مخاطر تواجه هذا النجاح تتمثل في تعطل الجهود الاصلاحية التي ضلت طريقها وهو ما زاد من المخاوف ازاء استدامة الاقتصاد الأمريكي الجنوبي.
وتعاني المنطقة حاليا من ضعف الطلب الصيني علي السلع الأساسية التي تنتجها وهو ما أدي لهبوط الأسعار، وبالتالي عائدات الخزانة العامة فضلا عن تباطؤ سوق الائتمان المحلي الذي أنعش في الماضي مستوي الاستهلاك الوطني في دول أمريكا اللاتينية.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلي حجم الضرر من هدوء الطلب علي المواد الخام التي تشتهر بتصديرها المنطقة حيث باتت احد أهم زيادة مصادر الناتج الاقتصادي بما لا يقل عن 15% سنويا.
وتقول صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي سوف تستمر مشكلاته في العام الجاري يثير التساؤل عن امكانية اعتماد المنطقة إلي الابد علي ارتفاع اسعار السلع الاساسية.
وبحسب تقديرات جوزيه انتوني اوكامبو الخبير الاقتصادي في جامة كولومبيا فإن الدورة الكاملة للاسعار الباهظة للمواد الخام لن تزيد علي 30 عاماً، وهو ما يعني أن اسوق السلع باتت في منتصف هذه الدورة وأمام دول المنطقة وقت محدود لبداية اصلاحات حقيقية تغير من طبيعة الاقتصاد المعتمد علي تصدير المواد الخام.
وتعتبر صادرات السلع 50% من إجمالي مبيعات دول أمريكا اللاتينية من البضائع المختلفة وفقا لتقديرات جي بي مورجان ستانلي بينما تسيطر الشركات المتعاملة في هذه السلع علي معظم ارباح أسواق المال المحلية.
وبالفعل بدأت هذه الدول في الشعور بطبيعة الازمة بعد أن تراجعت قيمة الصادرات بنسبة 8% خلال الربع الاول من العام الحالي بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي وهو ما زاد من حجم عجز الحساب الجاري.
وفي دولة مثل تشيلي أكبر مصدر للنحاس في العالم، أكد صندوق النقد الدولي أن مبيعاتها من المعدن الرئيسي المستخدم في معظم الصناعات سوفا تمثل 4% من ناتجها المحلي الإجمالي العام الجاري.
قال والتر مولانو خبير الاوراق المالية في بنك بي سي بي الاستثماري إن الانهيار في اعقاب الصعود السريع هو نسخة مكررة من فيلم اقتصاد أمريكا اللاتينية بسبب التفكير المستمر في دعم الاستهلاك المحلي بدلا من التفكير في زيادة الاستثمار.
وتجدر الاشارة إلي ان صندوق النقد الدولي توقع لدول أمريكا الجنوبية متوسط نمو للناتج المحلي الإجمالي 3.5% وهي نفس النسبة المرشحة لتحقيقها دول آسيا وهي مسألة مشجعة تعني أن هناك فرصة لتحقيق اصلاحات هيكلية في اجواء مريحة قبل وصول الركود وتباطؤ النمو بشكل أكبر.
ويبلغ متوسط الاستثمار من عائدات الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا اللاتينية 24% لكن الاهم من ذلك هو توجيه هذا الاستثمار الكبير إلي الانشطة الاقتصادية المستدامة.
وحذر البنك الدولي من أن سوء توجيه هذه الاستثمارات يعني زيادة التضخم بسبب تدفق السيولة لقطاعات غير مؤثرة فضلاً عن تباطؤ النمو.