تعتبر ألمانيا من دول العالم التي تعاني تناقص أعداد القوي العاملة وارتفاع متوسط العمر بها، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً للحفاظ علي نموها الاقتصادي، حيث ستلحق هذه المشكلة الضرر بأحد أعمدة قاعدة تحقيق الاستدامة في النمو.
وفي سبيل مواجهة هذه الأزمة تلجأ حكومات برلين المتعاقبة إلي تخفيف قيود الهجرة الشرعية وغض الطرف عن قدر من الهجرة غير الشرعية للشباب دون سن الثلاثين عاماً.
لكن تبقي المشكلة الأصعب هي توفير العمالة الماهرة التي تتمتع بتعليم وتدريب جيدين وهي عادة ما تأتي من داخل القارة الأوروبية وتقدر بعشرات الآلاف سنوياً، وتعتبر الأزمة المالية الحالية بالنسبة لألمانيا فرصة مميزة لجذب مزيد من العمالة الماهرة في تخصصات طبية وهندسية وغيرها، حيث ضربت البطالة جذورها في الدول المتعثرة مثل اليونان والبرتغال ، فيما تعد إسبانيا صاحبة المعدلات الأعلي بين نظرائها في نمو عدد العاطلين عن العمل.
وقدمت حكومة انجيلا ميركل مميزات للحصول علي الوظائف للمهاجرين إليها من دول أوروبا مثل الحوافز وبرامج التدريب والمنح التعليمية، حيث وافقت علي منح وظائف وتدريبات مهنية لنحو خمسة آلاف شاب إسباني عاطلاً عن العمل، وذلك بموجب الاتفاقية التي وقعها وزراء العمل في كلا البلدين.
وتعكس هذه الاتفاقية أيضاً القلق المتزايد في برلين وغيرها من العواصم الأوروبية حيال الأزمة الاجتماعية التي تلوح في الأفق في البلدان الأوروبية مثل إسبانيا والتي وصلت فيها نسبة البطالة بين الشباب حتي الآن إلي 57%، ولكنها تسلط الضوء في الوقت نفسه علي الحاجة المتزايدة في ألمانيا إلي العاملين المؤهلين، تلك الحاجة التي تغذيها التغييرات الديمغرافية والأداء القوي للاقتصاد الألماني مؤخراً.
ويقدر عدد العاطلين في إسبانيا بنحو 1.8 مليون مواطن تحت سن الثلاثين ما دفع المحللين للإشارة إلي أن تقديم خمسة آلاف وظيفة وتدريبات مهنية لن يحدث تغييراً كبيراً.
في حين أشادت فاطيما بانيز، وزيرة العمل الإسباني بالاتفاقية ووصفتها بأنها خطوة كبيرة للأمام بالنسبة للشباب في أوروبا، وأضافت بانيز ونظيرها الألماني في بيان مشترك أن الاتفاقية ستليها قريباً تدابير إضافية من أجل تحسين فرص العمل للشباب في كلا البلدين.
وقال مارسيل جانسين، خبير في سوق العمل وأستاذ الاقتصاد في جامعة مدريد إن حل أزمة البطالة في إسبانيا يجب أن يكون داخلياً ويجب أن تكون الهجرة هي الخيار الأخير، وأضاف أنه يقدر قيام دول أخري بتقديم فرص عمل للشباب الإسباني العاطلين عن العمل ولكنها علامة أيضاً علي أن إسبانيا نفسها فشلت في اتخاذ موقف حاسم من أجل إصلاح سوق العمل.