القروض تنخفض إلي 46% من الودائع مقابل 77% في يونيو 2002
مصرفيون: التوسع في التجزئة المصرفية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الطريق الوحيد لتنشيط الائتمان
السيد القصير : الدولة مطالبة بالبحث عن بدائل لتمويل عجز الموازنة بعيداً عن البنوك
انخفضت نسبة توظيف القروض للودائع إلي أدني مستوياتها منذ 2002 لدي الجهاز المصرفي في فبراير الماضي وفقاً للتقرير الأخير للبنك المركزي لتصل إلي 47% مقابل 27% نهاية يونيو 2002.
وتعتبر معدلات توظيف البنوك لقروضها من إجمالي الودائع من أهم المؤشرات البنكية التي يمكن من خلالها قياس قدرة البنك علي توظيف الودائع الموجودة لديه بالإضافة لكونه يعطي دلالات ومؤشرات حول قدرة البنوك علي التوسع ومن ثم الربحية المستقبلية لها.
ويتم احتساب هذا المعدل من خلال ناتج قسمة القروض التي يمنحها البنك إلي إجمالي الودائع المتاحة لديه وتقدر المستويات العالمية لهذا المعدل عند 86% وكلما ارتفع هذا المؤشر دل علي قدرة البنك علي توظيف القروض إلي الودائع الموجودة لديه.
وقال عدنان يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية السابق والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية لـ«بنوك وتمويل» إن نسبة القروض إلي الودائع في مصر لم تتجاوز 54% وهي أقل كثيرًا من المعدلات العالمية التي تبلغ 86% ومعدلات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تبلغ 71%.
ووفقا لتقرير البنك المركزي الاخير بلغ اجمالي الودائع بالبنوك بخلاف البنك المركزي ترليون و128 مليار جنيه في نهاية فبراير الماضي مقابل 952 ملياراً و133 مليون جنيه في نهاية ديسمبر 2010 في حين بلغ اجمالي التسهيلات الائتمانية 530.4 مليار جنيه نهاية فبراير مقابل 458 مليار جنيه.
وقال حسام راجح، رئيس قطاع مخاطر الائتمان باحد البنوك الخاصة ان معدلات التشغيل متدنية بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي ادي إلي ترقب دائم لدي المستثمرين لدخول السوق وبالتالي عدم وجود مشروعات جديدة بحاجة إلي تمويلات بنكية إلي جانب الترقب الذي تتخذه عدة بنوك عاملة في السوق والتي تفضل عدم المجازفة في التوسع في ضخ الائتمان لحين استقرار الاوضاع السياسية علي الاقل.
ووفقا لراجح فإن معدلات التشغيل رغم انها كانت ضعيفة قبل ثورة 25 يناير الا انها كانت تنمو بمعدلات كبيرة خلال العامين السابقين للثورة وكان متوقعا لها ان تتخطي حاجز %55 في 2011 و2012 ولكن قيام الثورة في بداية العام قبل الماضي دفعها للتراجع.
واشار إلي ان البنوك المصرية كانت ستتمكن من تحقيق معدلات الشرق الاوسط وشمال افريقيا البالغة 71% اذا استمرت الاوضاع الاقتصادية كما في 2010.
وطالب راجح بضرورة قيام البنوك بتنويع منتجاتها التمويلية في قطاع التجزئة المصرفية لتوظيف فائض السيولة وعدم الاعتماد علي الاذون وسندات الخزانة لتنفيذ ذلك لما يمثله قطاع التجزئة المصرفية من اهمية لتنشيط الاقتصاد ككل.
وقال إن توفر السيولة الكافية من أهم مقومات نشاط قطاع التجزئة المصرفية للبنوك بشكل عام بالإضافة إلي أنها أصبحت ضرورة تحتمها الظروف الحالية ويمكن للبنوك من خلالها تحقيق عائدات مرتفعة في ظل تراجع الطلب علي التمويل من قبل المؤسسات المالية الكبري وانخفاض عدد المشروعات الجديدة.
ووفقاً لتقارير صادرة من مجموعة HSBC نهاية 2010 فإن التجزئة المصرفية فاقت نصف العائدات السنوية للمصارف العالمية وقدرت بنحو 3.4 تريليون دولار.
وكان التركيز المتزايد علي المصارف لتنوع تقديماتها من المنتجات ضمن محرك النمو القوي للتجزئة المصرفية أحد أبرز التغيرات الناتجة عن الأحداث الاقتصادية والسياسية التي حدثت خلال السنوات الأربعة الماضية.
من جهته انتقد حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصر السابق توجيه البنوك السيولة غير المستغلة لشراء اوراق دين حكومية وعدم توجيهها لقطاعات اشد حاجة كالمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وقال ان البنوك تسعي إلي تحقيق ربح سريع دون جهد يذكر من خلال الاستثمار في اذون وسندات الخزانة التي تتمتع بعائد مجدي للغاية مشيرا إلي ان المركزي يده مغلولة وليس لديه القدرة علي اجبار البنوك علي رفع معدلات التشغيل المتدنية للغاية في مصر بالمقارنة بدول اخري كثيرة رغم جاحة الاقتصاد المصري إلي المزيد من الائتمان خاصة في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي ستكون قادرة في سنوات قليلة علي وضع مصر في مقدمة الدول اقتصاديا.
واشار إلي ان نسب توظيف القروض للودائع لدي البنوك المتخصصة تقترب من النسب العالمية وفي بعض الاحيان تتخطاها بحكم تخصصها في قطاعات معينه وبحكم انخفاض تعاملاتها مع القطاع العائلي وبالتالي انخفاض حجم الودائع لديها.
يعتبر الاتحاد الوطني صاحب اعلي معدل تشغيل في السوق المصري وتبلغ نسبة القروض للودائع لدي البنك 77.27% يليه بنك التعمير والاسكان 75.85% ثم ابوظبي الاسلامي “الوطني للتنمية سابقا” 75.10% ثم NSGB بنسبة 70%.
وتأتي البنوك العامة الاهلي المصري ومصر من بين المراكز الاقل تشغيلا وتصل النسبة في البنك الاهلي المصري 36% وبنك مصر 32% ويعد بنك فيصل الاسلامي الاقل تشغيلا من بين الجهاز المصرفي وتبلغ النسبة لديه 13.77%.
وقال السيد القصير ان معدلات نمو الادخار في مصر اصبحت اعلي من معدلات نمو الإقراض بعد الثورة نتيجة تراجع الاستثمار الاجنبي في السوق ما ادي إلي توجيه نسبة كبيرة من السيولة في اذون وسندات الخزانة وهي ايضا نوع من انواع التوظيف للبنوك تكون مهمة للحكومة لتيسير تعاملاتها اليومية.
اضاف انه من المهم زيادة نسبة توظيف القروض للودائع في مصر مستقبلا ولكن ذلك يتطلب زيادة الاستثمارات الاجنبية وخلق بيئة ملائمة لرجال الاعمال والبنوك مستعدة لتمويل المشروعات الجديدة حال وجودها.
وتوقع ارتفاع النسبة تدريجيا خلال الفترة المقبلة خاصة مع تنفيذ مشروعات قومية عملاقة مثل تنمية محور قناة السويس لافتا ان خلق بدائل تمويلية لعجز الموزانة العامة للدولة بدلا من اذون وسندات الخزانة سيوفر سيولة كبيرة لتمويل الاستثمارات المباشرة ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
واكد ان انخفاض نسبة توظيف القروض للودائع لدي البنوك المصرية بالمقارنة بالبنوك في الدول الاجنبية والعربية ساهم في حماية البنوك من الازمة المالية العالمية ولم يتعرض بنك واحد للافلاس بعكس كيانات عالمية كبيرة واجهت هذا المصير لذا فانه بعض الاوقات يظل عنصر السيولة افضل من عنصر الربحية.
يشار إلي ان الامارات العربية المتحدة تتصدر قائمة الدول العربية في معدلات الإقراض وبلغت النسبة في نهاية 2008 نحو 112.9% تلتها البحرين في المركز الثاني بمعدل إقراض 108% ثم سوريا في المرتبة الثالثة بمعدل إقراض بلغ 101.9% بنهاية عام 2008 وفي المركز الرابع جاءت المملكة العربية السعودية بنسبة 88% وفي المركز الخامس جاءت عمان بمعدل إقراض بلغ وقتها 86% ثم قطر في المركز السادس بمعدل إقراض بلغ 75% نهاية عام 2008 وجاءت الاردن في المركز السابع بمعدل إقراض بلغ 72.9%.
فيما احتلت مصر المرتبة الاخيرة بمعدل إقراض بلغ 55% نهاية عام 2008 وبفارق تجاوز الضعف عن الامارات صاحبة المركز الاول.