قال الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء ,إن تقرير اللجنة الثلاثية المسؤلة عن تقييم بناء اثيوبيا لسد النهضة كشف عن قصور شديد فى منهجية معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الأثيوبى وجزء كبير منها يحتاج الى تحديث .
وتابع خلال كلمته أمام مجلس الشورى أن الدراسات أوضحت أنه فى حال ملئ الخزان فى فترات الجفاف، فإن منسوب السد العالى يصل إلى أقل منسوب تشغيل له لمدة 4 سنوات متتالية، مما سيكون له تأثير بالغ على توفير المياه اللازمة للرى وعدم القدرة على توليد الكهرباء لفترات طويلة.
كما أنه ليست هناك دراسة عن تأثير انهيار السد، وهى إحدى الدراسات الأساسية التى يجب إتمامها قبل الشروع فى إنشاء السد، وهو الأمر الذى إذا وقع -لا قدر الله- سيكون له آثار مدمرة على أشقائنا فى السودان ويمكن أن يصل تأثيره إلينا.
وشرح رئيس الوزراء أبعاد موضوع سد النهضة الأثيوبى، مشيراً إلى أهمية تناوله فى إطار متكامل وإدراك للعديد من المتغيرات، موضحاً أن مصر قامت باتصالات وتحركات مع الجانبين الأثيوبى والسودانى على مدار العامين الماضيين فى هذا الشأن، بالإضافة إلى مجموعة التحركات لمصرية على المستويين الدولى والإقليمى لتأمين الحفاظ على أمن مصر المائى ومواردها المشروعة من مياه النيل وفقاً للاتفاقيات الدولية.
وأكد د. قنديل أنه تم الإعلان عن مشروع سد النهضة كخطوة أحادية من قبل الجانب الأثيوبى، فى إبريل 2011 ، بعد قيام ثورة 25 يناير وقبل أن تستقر الأمور فى مصر ، وأن إثيوبيامضت فى مشروع السد دون تشاور، وهو الأمر الذى كان محل قلق رسمى وشعبى فى كل من مصر والسودان، وعليه فقد أجرت مصر اتصالات مع القيادة الإثيوبية، والتى صرحت بأن بناء السد لن يضر مصر والسودان، ولن ينتقص من كمية المياه الواردة للبلدين عبر النيل الأزرق.
وأشار إلى أن مصر والسودان طالبت الإطلاع على الدراسات الفنية التى توضح بجلاء الآثار المترتبة على بناؤه من حيث كمية ونوعية المياه التى تتدفق إلى مصر والسودان، بالإضافة إلى ما يؤكد سلامة السد.
وعلى هذا الأساس تم تكوين لجنة خبراء من الدول الثلاث ، وينضم إليها مجموعة من الخبراء الدوليين المحايدين لمراجعة الوثائق والبيانات المتاحة لدى الجانب الإثيوبى حول بناء السد على أن ترفع اللجنة نتائج دراستها إلى الحكومات الثلاثة، وقد إستمر عمل اللجنة على مدى عام كامل، من مايو 2012 إلى مايو 2013، عَقدت خلاله ست إجتماعات، وقامت بأربع زيارات ميدانية لموقع السد، وقدمت تقريرها مطلع الشهر الحالى الذى إنتهت فيه بوضوح إلى أن المعلومات المتوافرة غير كافية ولا تتناسب مع الدراسات اللازمة لمُنشأ بهذا الحجم وهذه الأهمية وهذا التأثير .
وأكد قنديل على إيمان جمهورية مصر العربية الكامل، حكومة وشعباً، بحق جميع دول حوض النيل فى التنمية الشاملة، وفى تلبية إحتياجات شعوبها وتطلعاتها، بل و إستعدادنا الدائم لتقديم كافة أشكال الدعم الفنى والمادى للمساعدة فى سبيل تحقيق تلك الأهداف .
على الجانب الآخر، لا يجب أن يتصور أى طرف أن أمن مصر المائى أمر قابل لأى نوع من المساومة أو التنازل .. فالأمن المائى لمصر يقوم بالأساس على إحترام حقوقها وإستخداماتها من مياه النيل، والتى هى بطبيعتها محدودة ولم تعد تكفى للإحتياجات المتزايدة للشعب المصرى، نظراً لثبات حصة مصر من مياه النيل عند حد 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تم إقرارها عندما كان تعداد شعب مصر 20 مليون نسمة، بينما وصل تعدادنا اليوم إلى أكثر من 85 مليون، ومن المتوقع أن يصل إلى 150 مليون بحلول عام 2050.
وأشار قنديل إلى أن التوصيف الدقيق للوضع الحالى، أننا أمام مشروع ضخم قد ينطوى – إذا لم تؤخذ الإحيتاطات الازمة بعين الإعتبار، ولم يتم التوافق بشأنها بين الدول الثلاث – على مخاطر تؤثر على كمية المياه الوارده إلى مصر والسودان ، لا سيما خلال فترات ملئ الخزان، ومدى تزامن عملية الملئ مع حالات منخفضة أو متوسطة أو مرتفعة للفيضان.
وكل تلك المؤشرات والتقديرات لا يمكن التأكد منها، أو حتى وضع المعايير لمحاولة التعامل معها وتجنبها، دون إعداد دراسات فنية وتفصيلية تشمل سيناريوهات ونماذج رياضية معقدة تأخذ بعض الوقت.
وتأسيساً على ما تقدم، فالتصرف المنطقى المتوقع كخطوة تالية هو ضرورة المطالبة بمنح المزيد من الوقت لإستكمال الدراسات المطلوبة، والتشاور بين الدول الثلاث حول التصميم الأمثل للسد، والأسلوب والإطار الزمنى الأمثل لملئ البحيرة، والبدائل المختلفة لتجنب حدوث أى إنتقاص فى كمية المياه الواردة، على أن ننتقل فى مرحلة لاحقة – إذا ما تم التأكد من توفر الضمانات الكافية – إلى مناقشة إمكانية تحقيق الإستفادة المشتركة من السد.








