ورغم وصف روحاني بالمعتدل خاصة عند مقارنته بأحمدي نجاد، فربما يكون من الأكثر دقة وصفه بأنه أكثر واقعية
يري روحاني أنه بدلاً من تقديم تنازلات فإنه من الأفضل توضيح موقف إيران للعالم
جاء انتخاب رجل الدين حسن روحاني رئيساً لإيران صدمة للعديد من المحللين الذين اعتقدوا أن المرشد الأعلي لإيران علي خامنئي كان يفضل المرشحين الأكثر تحفظاً ـ سعيد جليل أو محمد باقر قاليباف.
لكن خامنئي الذي يتمتع بالسلطة المطلقة، لم يكن ليفرض أحد المرشحين الأكثر تحفظاً، خاصة أن ذلك يحمل خطر اندلاع احتجاجات مثل تلك التي نشبت عام 2009 عندما فاز محمود أحمدي نجاد علي زعيم الحركة الخضراء، مير حسين موسوي، في انتخابات اعتبرها الكثير مزورة من قبل أحمدي نجاد.
ومع الاحتفالات التي ملأت شوارع إيران بعد فوز «المعتدل» روحاني الذي كان مدعماً من قبل الإصلاحيين وقاداته أمثال موسوي ـ الذي مازال قيد الإقامة الجبرية ـ يستطيع خامنئي أن يتنفس الصعداء، حيث تضاءلت فرص اندلاع أي احتجاجات شعبية أو انتفاضات في المستقبل القريب.
ورغم وصف روحاني بالمعتدل خاصة عند مقارنته بأحمدي نجاد، فربما يكون من الأكثر دقة وصفه بأنه أكثر واقعية.
يعد روحاني مؤيداً للنظام منذ فترة طويلة ومن أوائل اتباع قائد الثورة الإسلامية في إيران خامنئي وانتقد روحاني سياسة أحمدي نجاد العنيدة مع الغرب بشأن البرنامج النووي للبلاد وخدمته السابقة تحت حكم الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي قد أكسبته دعم الإصلاحيين.
وفي مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط، قال روحاني إن إيران لديها برنامج نووي سلمي خاص، وأن الحملة ضدها كانت تغذي وتوجه أولاً وقبل كل شيء، من إسرائيل لتحويل الاهتمام الدولي ليس فقط عن برنامج أسلحتها النووية السري والخطير، بل أيضاً عن زعزعة الاستقرار وسياساتها اللاإنسانية وممارساتها في فلسطين والشرق الأوسط، لذلك يري روحاني أنه بدلاً من تقديم تنازلات فإنه من الأفضل توضيح موقف إيران للعالم.
وأضاف روحاني أنه يتعين علي إيران توضيح موقفها وسياساتها بأسلوب أكثر منطقية وجدير بالتقدير، كما أنه يتعين علي الولايات المتحدة وحلفائها تجنب السياسات المضللة بفبركة أعداء جدد وتصوير إيران وبرنامجها النووي السلمي بأنهما يمثلان تهديداً.
كما دافع روحاني عن النظام السوري الذي يعد في ورطة، قائلاً: إن سوريا كانت الدولة الوحيدة في المنطقة التي تقاوم سياسات وممارسات إسرائيل التوسعية، وعندما يتعلق الأمر بالصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، نري أيضاً استمراراً لسياسات إيران السابقة، حيث صرح روحاني في المقابلة التي أجراها مع صحيفة الشرق الأوسط أن القضية الفلسطينية تحظي بأهمية قصوي منذ نشأة الجمهورية الإسلامية عام 1979، مؤكداً أن إيران سوف تستمر في دعمها للفلسطينيين قلباً وقالباً.
وقال البروفيسور ديفيد يروشالمي، زميل بارز في مركز اليانس للدراسات الإيرانية: «لقد كان من المتوقع أن يكون الإقبال ضعيفاً علي الانتخابات إلا أنه في الساعات الأخيرة من الاقتراع شاركت أعداد كبيرة من المواطنين سواء من مؤيدي حركة الإصلاح أو من الساخطين علي النظام»، مشيراً إلي أن خامنئي لم يكن يريد الدفع بمرشح أكثر تحفظاً خوفاً من الاضطرابات.
يري يروشالمي أنه من المرجح إلي حد كبير أن خامنئ كان يفضل فوز روحاني ولم يتدخل نظراً لقدرة روحاني علي التعامل مع الغرب بشكل أفضل وتخفيف الضغوط الناجمة عن العقوبات جراء برنامج إيران النووي.
وأضاف بروشالمي أن المواطنين المعارضين للنظام شعروا بالارتياح من النتائج، واضعين آمالهم علي أهون الشرين، إلا أن آمالهم قد تكون في غير محلها، خاصة أن روحاني يعد مؤيداً قديماً للنظام منذ نشأته، ومن غير المرجح أن يغير الموقف الاستراتيجي لإيران إلا إذا كانت بمثابة تراجعات تكتيكية من أجل تجنب الضغوط الدولية والمحلية.
بقلم : آريا بن سولمون
المصدر ـ جيروزاليم بوست