نصح بعض القادة الإسلاميين في الجزائر الإخوان المسلمين في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي بألا يكرروا أخطاءهم وألا يحملوا السلاح للانتقام من انقلاب عسكري، وقالوا لهم لا تنظروا إلي الجزائر، بل سيروا علي نهج تركيا، حيث أعاد الإسلاميون تنظيم صفوفهم بعد عزل الجيش لرئيس الوزراء الإسلامي عام 1997.
تلك هي نصيحة الدولة الواقعة في شمال أفريقيا التي عانت أكثر من عشر سنوات من حرب أهلية بعد إلغاء الجيش انتصار الإسلاميين في انتخابات عام 1991، وبعد عقدين من الزمان مازالت الجزائر متأثرة بالعنف الذي شهدته حتي إنها مازالت تعاني من الاستبداد مع عدم تمكين الإسلاميين أو الليبراليين، كما أن الهجمات الجهادية التي اجتاحت البلاد منذ فترة طويلة لم تهدأ بشكل كامل حتي الآن.
أصبحت المقارنة بين مصر والجزائر لا مفر منها اليوم، حيث توقفت تجربة انتخابية إسلامية أخري باسم حماية الديمقراطية، ويشير بعض الناس للجزائر علي أنها إشارة لانجراف وشيك للإسلاميين في مصر نحو العنف، ولكن الإسلاميين يتساءلون: كيف ستسمح القوي الغربية بتكرار التجربة الجزائرية التي فشلت فشلاً ذريعاً في القاهرة.
رغم أن الجزائر يمكن أن تقدم حكاية تحذيرية لمصر، فهناك أوجه اختلاف بين التجربتين، حيث إن الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية كانت فكرة أكثر منها حزباً سياسياً استغل السخط الشعبي واسع النطاق ضد الحزب القومي الحاكم في وقت انخفاض اسعار البترول، كما كانت تلك الجبهة مزيجا من التيارات وتفتقر إلي برنامج متماسك، وقد اثار شدة القمع الذي تعرضت له الجبهة من قبل الجيش بعد تعطيل المسار الانتخابي ووحشية النظام رد فعل شرس من الإسلاميين المتطرفين، أما الإخوان المسلمون في مصر فمختلفون، حيث إنهم جماعة دقيقة التنظيم ولها تجربة طويلة في المعارضة، ونجحت في أن تنجو من عقود طويلة من القمع من خلال اساليب المغالبة في بعض الأحيان والمهادنة في احيان اكثر مع أنظمة الحكم.
جاء تحرك الجيش ضد مرسي بعد عام من توليه الحكم عندما استعدي اجزاء كبيرة من المجتمع المصري وحطم وعد الإسلاميين بتحقيق الازدهار، وعلي الرغم من دعوة الإخوان المسلمين يوم الاثنين الماضي للانتفاضة بعد مقتل أكثر من 50 شخصاً من مؤيديهم، أصر العديد من قاداتهم علي ان حملتهم ضد الانقلاب سوف تستمر سلمية، وقد لا يأخذ الصراع في مصر شكل الصراع الجزائري وقد يشبه اكثر تمرد المصريين في تسعينيات القرن الماضي من قبل جماعات متطرفة مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي، لذلك فمثل هذا التمرد قد يمتد إلي خارج حدودها خاصة أن مصر في قلب العالم العربي.
وعلي الرغم من الاختلافات، فإن الجزائر تقدم دروسا لما يجب أن تتجنبه مصر إذا كانت تأمل في مستقبل أكثر استقراراً، فتجربة الإسلاميين الجزائريين تحذر الإخوان المسلمين من الوقوع في فخ الهزيمة الذاتية جراء العنف أو اختيار الخروج من العملية السياسية، كما ان تجربة الجزائر الفاشلة تمثل تحذيرا للجيش المصري من قمع الإسلاميين أو محاولة اقصائهم عن العمل السياسي.
ينبغي ان ينتبه الليبراليون واليساريون الذين حشدوا الشعب ودعوا الجيش للتدخل إلي وجود تطرف نام ينذر بالقلق مما يذكرنا بهؤلاء الذين شجعوا الانقلاب العسكري في الجزائر.
يجب أن ينظروا أيضاً إلي الجزائر ومستقبل العلمانيين المتشددين هناك، فرغم انهم ظلوا تابعين للجيش لفترة طويلة، لم ينجحوا في تعزيز الشرعية الشعبية أو بناء النظام الديمقراطي الليبرالي اللذين زعما أنهم يحاربون من أجلهما.
بقلم: رولا خلف
المصدر: فاينانشيال تايمز