ويزرف الجمهوريون والديمقراطيون علي حد سواء دموعهم علي وضع البنوك الأهلية ولكنهم في نفس الوقت يغرفون المنح من اللاعبين الكبار
يبلغ معدل الضرائب للشركات الأمريكية الكبري 12.6% ولكن يقترب من 35% للشركات الصغيرة
يستطيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساعدة رئاسته المحاصرة واقتصاد بلاده إذا تبني قضية رواد الأعمال في الولايات المتحدة.
ويتراجع معدل تأسيس الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة علي المدي الطويل، فالعام الماضي لم يتم إنشاء سوي 513 ألف شركة، بعدما وصل عدد الشركات المؤسسة في عام 2011 إلي 543 ألف شركة، وبشكل عام تشكل الشركات تحت 5 سنوات 8% من الشركات الأمريكية، بالمقارنة بـ 18% في عام 1980.
ويقف في طريق رواد الأعمال في الولايات المتحدة مجموعة من المشكلات، فنظام الضرائب الأمريكي أصبح أكثر تعقيداً من أي وقت مضي، ويحابي الشركات الكبيرة التي تستطيع تحمل تكلفة الاستعانة بمحامين لمعاونتهم علي التسلل خلال الثغرات، ونفس الأمر ينطبق علي التنظيمات الفيدرالية حيث تستفيد الشركات الكبري من تعقيداتها.
وعلاوة علي نظام الضرائب، يجد صغار رواد الأعمال صعوبة في الحصول علي قروض، وبالرغم من تعافي الاقتصاد الأمريكي، فإن حجم الإقراض للشركات الصغيرة يواصل تراجعه، وانخفض الإقراض العام الماضي بمقدار 19 مليار دولار إلي 587 مليار دولار، أي أدني من معدلات ما قبل الأزمة بمقدار الخمس، وتزداد قبضة واشنطن التنظيمية إحكاما علي البنوك التي تقرض للشركات الصغيرة أو ما يطلق عليها البنوك الأهلية الأمريكية.
وطبقا لمؤسسة التأمين علي الودائع الفيدرالية، فإن الاحتياطيات في أكبر البنوك الأمريكية تتراوح بين 4 و6% من ميزانياته، أما البنوك الصغيرة التي تقرض العملاء التي تعرفهم فقط، فإن نسبة الاحتياطي تكون 9%.
وبمعني آخر، فإن المشرعين في الولايات المتحدة يكونون أكثر صرامة بمرتين مع البنوك التي تشكل أقل خطرا علي النظام المصرفي.
كما ان الشركات المستقبلية ليست لها جماعة ضغط داخل البيت الأبيض لتعمل علي مصالحها، وفي المقابل لدي الشركات الكبيرة جماعات تشتغل علي تحقيق أفضل المصالح لها.
وعندما كان تيم باولنتي، الحاكم السابق لولاية مينيسوتا، يدير حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2011، قال إن رسالته إلي وول ستريت هي عدم احتكار الأموال والمميزات.
والآن هو يتقاضي 1.8 مليار دولار سنوياً ليضغط لصالح وول ستريت باعتباره رئيس المائدة المستديرة للخدمات المالية، هي جماعة معنية بالدفاع عن مصالح القطاع المالي في أمريكا، ويبلغ راتبه الآن حوالي نصف ما تقرضه البنوك الأهلية الأمريكية البالغ عددها 7000.
وأظهر كبار المشرعين الأمريكيين تسامحا كبيرا لبنوك وول ستريت الكبيرة، والتي يعتبرونها أكبر من أن تفشل ويقدمون لها دعما سنويا يصل إلي 75 مليار دولار، وفي المقابل، جعلوا من المستحيل علي البنوك الأهلية زيادة موردهم الأكبر وهو عملاؤهم، وفي عام 1994 كانت البنوك الأهلية تشكل 38% من إجمالي الأصول المصرفية في الولايات المتحدة، أما الآن فحصتها تقف عند أقل من نصف هذه النسبة.
ويزرف الجمهوريون والديمقراطيون علي حد سواء دموعهم علي وضع البنوك الأهلية ولكنهم في نفس الوقت يغرفون المنح من اللاعبين الكبار، وأوباما ليس استثناءً.
وهناك سببان يدعوان أوباما للتصرف نيابة عن رواد الأعمال والبنوك التي ترغب في تمويلهم، الأول هو أن معظم ما يفعله من أجل الطبقة المتوسطة لا يفلح، فمعظم أفكاره عن تعزيز مشروعات البنية التحتية جيدة ولكن أياً منها لا ينال موافقة الكونجرس، فبدلا من أن يكرر نفس الشيء مرة بعد مرة ويدعو أن تسير الأمور بشكل مختلف في كل مرة عليه أن يتحمل بعض الخطورة.
فمثلا، يبلغ معدل الضرائب للشركات الأمريكية الكبري 12.6% ولكن يقترب من 35% للشركات الصغيرة، لذا ينبغي علي اوباما أن يطلق حملات لتخفيض الضرائب علي الصغار ويرفعها علي الكبار، ويصدر قانون «حلم رواد الأعمال».
ثانيا، جعل الأمور أسهل لرواد الأعمال كي يتمكن من تحقيق الأهداف الاقتصادية التي تراوده، كما أن معظم الوظائف تأتي من الشركات الصغيرة وأيضا معظم الابتكار والإبداع.
وفي هذه المرحلة العصيبة من فترة أوباما الرئاسية الثانية، قد يكون مساندة الشركات الصغيرة هي كل ما يحتاج ليخرج من هذا «الزقاق».
بقلم: إدوارد لوس
المصدر: فاينانشيال تايمز