يعتمد قرار بنك الاحتياطى الفيدرالى البدء فى تقليص برنامج شراء السندات الشهر المقبل بشكل كبير على ثقة البنك المركزى الأمريكى بأن معدلات التضخم سوف ترتفع تدريجيا وتقترب من النسبة المستهدفة %2.
ولكن البيانات التى أصدرتها وزارة العمل الأمريكية لم تؤكد هذه الثقة، حيث ارتفع مؤشر أسعار المنتج، الذى يقيس أسعار المنتج دون أسعار الغذاء والطاقة، بنسبة %0.1 فقط فى يوليو الماضى، وقد ارتفع بنسبة %1.2 خلال العام الماضى، ما يعد أقل بكثير من النسبة المستهدفة من قبل الاحتياطى الفيدرالى.
وقد راهن دائما مسؤلو الاحتياطى الفيدرالى على أن معدلات التضخم المتواضعة ظاهرة مؤقتة، وأنها سوف تعود تدريجيا إلى مستوياتها الطبيعية، ولكن كلما استمر هذا التراجع لفترة اطول، ازداد قلقهم حيال مخاطر انخفاض معدلات التضخم أو حتى الانزلاق نحو الانكماش.
قال كريس روبكى، كبير خبراء الاقتصاد فى بنك طوكيو- ميتسوبيشى، إن التضخم هو الخطر الجديد الذى يواجه الاحتياطى الفيدرالي، حيث يوحى تقرير مؤشر أسعار المنتج أننا لم نتخط مرحلة الخطر بعد وسط هذه المخاوف من تراجع معدلات التضخم ونأمل ألا يدفع هذا الانخفاض الاحتياطى الفيدرالى إلى تأجيل أول تقليص لبرنامج شراء السندات.
قال كيفين لوجان، كبير خبراء الاقتصاد فى بنك إتش إس بى سى، إن اتجاه التضخم نحو الانخفاض قد يقنع الاحتياطى الفيدرالى بالتروى فى تقليص برنامج التيسير الكمى.
وقد ارتفع أيضاً مؤشر أسعار المستهلك، الذى يعد أكثر أهمية بالنسبة لمسئولى الاحتياطى الفيدرالي، بوتيرة أبطأ فى الأشهر الأخيرة، حيث انزلق إلى زيادة سنوية بنسبة %1.6 فى يونيو باستثناء الغذاء والطاقة، ما تعد اقل قراءة له منذ عامين.
لم يتجاهل الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى هذا الاتجاه الهبوطى لمعدلات التضخم، حيث صرح فى بيان له عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة الاتحادية يوم 31 يوليو الماضى بأن استمرار معدلات التضخم ادنى من نسبة %2 المستهدفة من شأنه أن يشكل مخاطر على الاداء الاقتصادي. وقد حذر بعض مسئولى الاحتياطى الفيدرالى صراحة من خطر تباطؤ دعم الاقتصاد فى بيئة تعانى ضعف معدلات التضخم.
قال جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطى الفدرالى فى سانت لويس، إن معدلات التضخم قد تتراجع أكثر جراء قرار تقليص برنامج شراء السندات وبالتالى قد تزداد مخاطر الانكماش.
وبحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز، فإن العديد من مسئولى الاحتياطى الفدرالى وخبراء الاقتصاد مازالوا مقتنعين بأن معدلات التضخم سوف ترتفع خلال الاشهر المقبلة.
حتى لو ظل التضخم عند مستوياته الحالية، فقد يقرر الاحتياطى الفيدرالى أنه ليس ضعيفاً للدرجه التى تجعله يتراجع عن البدء فى تقليص برنامج شراء السندات.
وقد كان تراجع أسعار سيارات نقل الركاب من العوامل التى كانت أكثر اثارة للانتباه فى بيانات مؤشر أسعار المنتج، الأمر الذى ارجعه بعض خبراء الاقتصاد إلى الابينومكس أو السياسات الاقتصادية الجديدة فى اليابان التى وضعها رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبي.
قال لوجان إن هذا التراجع قد يعود إلى الضغوط الهبوطية على الأسعار جراء الواردات، خاصة فى ضوء التراجع الحاد فى قيمة الين اليابانى على مدار العام الماضي.
وأضاف لوجان أن انخفاض أسعار الواردات من المرجح أن يستمر خلال الاشهر المقبلة، حيث إن اثار تباطؤ ارتفاع الدولار مقابل العملات الرئيسية مازالت ملموسة.
قال جريجورى داكو، كبير خبراء الاقتصاد فى إى إتش إس جلوبال انسايت، إن النمو العالمى المتواضع يعنى أن معدلات التضخم ستظل متواضعة فى حين أن النمو المحلى المتوسط يحافظ على كون التكاليف المحلية تحت السيطرة.