اختارته الجماعة همزة الصلة للتواصل مع رجال الأعمال فحصل على لقب «أحمد عز» النظام الجديد
عضو مجلس اتحاد الصناعات: «ابدأ» ألغت دور منظمات الأعمال واختزلته فى شخص «مالك»
رافق الرئيس السابق فى جميع زياراته الخارجية واختار بنفسه أفراد الوفد المصاحب
لم يكن يتخيل أحد أن تخلق جماعة الإخوان المسلمون،نظاماً مشابهاً تماماً لنظام مبارك فى عام واحد أو أقل، فعلى الرغم من مشاركة الجماعة، قوى الثورة فى اسقاط نظام مستبد وقمعى وإقصائى فى 25 يناير،قامت الجماعة ذاتها بتأسيس دولة جديدة تقوم على نفس السلبيات والأخطاء وتتبع ذات السياسات والأساليب التى اتبعها نظام مبارك، وإن إختلفت الأشخاص فقط، لتضع الشعب مجبراً امام ضرورة تصحيح مسار الثورة فى 30 يونيو الماضى وبعد عام على اختيار رئيس حزب «الجماعة» رئيساً للجمهورية، لتلاقى الجماعة ورجالها مصير من شاركت فى الثورة عليه بعد أقل من 3 سنوات.
وكان من بين هذه الشخصيات البارزة التى لعبت دوراً كبيراً فى رسم السياسات الاقتصادية وخريطة رجال الأعمال فى نظام جماعة الإخوان المسلمون،هو ذلك الملقب بـ «عز الجماعة» أو الكيان الاقتصادى الأول فيها، هو حسن عز الدين يوسف مالك الشهير بـ «حسن مالك» إمبراطور الاستثمار والأعمال فى عهد حكم الاخوان المسلمون، الرجل الأقل ظهورا والاكثر هدوءا بين اعضاء الجماعة، انخرط فى دهاليز الاقتصاد منذ كان طالبا شبهه البعض بأنه النسخة الاخوانية من احمد عز، تربع على عرش رجال الأعمال من خلال جمعية ابدأ التى انشأها حيث لعبت الدور الأكبر فى اختيار رجال الأعمال المصاحبين لرئيس الجمهورية خلال جولاته الخارجية.
وعلى غرار المصير الذى واجه أحمد عز، والذى قبض عليه عقب انطلاق ثورة 25 يناير، تلبية لرغبة الملايين التى ملأت الميادين مطالبة بتطهير الدولة من الرموز الفاسدة، كان هو الحال لحسن مالك «عز الإخوان»، والذى لم تصدر النيابة العامة حتى الآن قراراً بمنعه من السفر أو تجميد أرصدته فى البنوك،على عكس العديد من القيادات والكوادر الإخوانية التى واجهت مصير رجال نظام الرئس المخلوع حسنى مبارك الإ أنه مطلوب للجهات الأمنية .
ولد حسن مالك فى أغسطس 1958، نشأ تحت رعاية الاخوان حيث كان والده احد أعضاء الجماعة الذى اعتقل عدة مرات إبان عصور الاستبداد، وانخرط معه حسن فى سوق العمل منذ كان طالبا بكلية التجارة جامعة الاسكندرية، ليرث بعد ذلك وإخوته مصنع مالك للغزل والنسيج بمدينة السادس من أكتوبر وتزوج من جيهان عليوة شقيقة رجل الأعمال الاخوانى محمد سعد عليوة صاحب شركة الحجاز لتوظيف الاموال، ليرسخ مبدأ الاخوان فى زواجهم من بعضهم البعض، ولديه منها 7 ابناء اكبرهم معاذ 28 سنة واصغرهم عائشة 14 عاما، كما تزوجت شقيقتيه الأولى بالدكتور خالد الزعفرانى القيادى الإخوانى السابق والثانية بأحمد أبو الفتوح الشقيق الأصغر للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن الجماعة.
شملت حياة مالك فى عالم الأعمال والاستثمار العديد من المفارقات، فقد شارك خليله وصديق رحلة كفاحه خيرت الشاطر القيادى الاخوانى البارز والذى كان قد تعرف به عام 1978 اثناء دراستهما بنفس الجامعة، فى العديد من المشروعات والشركات، أبرزها شركة سلسبيل للكمبيوتر والبرمجيات والتى قاما بتأسيسها سنة 1983 وعلى الرغم من انها ساهمت بشكل كبير فى انطلاقه نحو الثراء غير انها نفس الشركة التى كانت السبب فى اعتقاله عاماً تقريبا وذلك بعد أن رسا عليها مناقصة لتنظيم فاعليات دورة الألعاب الافريقية التى نظمتها مصر عام 1991، بعد أن وجهت أجهزة الدولة حينها إليه أن لديها بلاغاً يفيد وجود قاعدة بيانات لأعضاء بجماعات محظورة على أجهزة الشركة.
وبعد تلك المرحلة عاود مالك نشاطاته الاستثمارية بقوة ويعد أول من ساهم فى صنع الكمبيوتر بمصر، من أوائل من حصل على توكيلات لمحلات عباءات شهيرة مثل الفريدة وبيت العباية الشرقى بجانب محلات سرار للملابس الرجالى، وأول من افتتح معارض للسلع المعمرة،فضلا عن محلات «استقبال» للأثاث وفروع محلات بلادونا ودالى دريس ودانيال مرموا وغيرها من سلاسل لماركات عالمية شهيرة.
ليصبح مع بداية الالفية الجديدة واحداً من أبرز رجال الأعمال داخل جماعة الإخوان والتى تسبب انتماؤه اليها، بالحكم عليه بالسجن سبع سنوات فى القضية رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية، وذلك بعد قيام بعض طلبة جامعة الأزهر الأعضاء بالجماعة بالاستعراض العسكرى الشهير داخل حرم الجامعة.
وبعد ثورة 25 يناير المجيدة كان مالك ضمن من أصدر بحقهم قرار بالعفو، لتبدأ مرحلة جديدة فى حياته بتكوين إمبراطورية بعد حكم مرسى لم تكتمل، حيث رأس لجنة تواصل الرئاسية التى ضمت 20 رجل أعمال كانت مهمتهم توصيل مقترحات ومشاكل رجال الأعمال والتجار للرئاسة.
أسس مالك الجمعية المصرية لتنمية الأعمال «ابدأ» التى دعا اليها أكثر من ألف رجل أعمال من خلال حفل كبير اقامه بعد نجاح مرسى لتضم حاليا اكثر من 600 رجل أعمال، وربما ليست بجمعية حكومية غير أنها مرخصة وحاصلة على جميع الموافقات الرسمية والأهم هو الدور الذى لعبه مالك من خلالها حيث رافق الرئيس السابق فى جميع زياراته الخارجية وامتلك ريموت التحكم برجال الأعمال حيث كان المسئول عن التنسيق بين مؤسسة الرئاسة والاختيار من بين اعضاء الجمعية لتحديد الوفد المرافق لرئيس الجمهورية فى جولاته الخارجية.
ومن غير الواضح دور الجمعية خلال المرحلة القادمة التى كانت تعد لإنشاء مؤسسة جديدة متخصصة فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وما اذا كانت ستستمر بنفس الاقبال من رجال الأعمال عليها، غير أن الاكيد انه لن تصبح مسئولة بالتنسيق مع مؤسسة الرئاسة فى شىء.
كما شغل مالك منصب رئيس مجلس الأعمال المصرى السعودى الذى قد أعيد تشكيله فى يناير الماضى، ويضم العديد من رجال الأعمال من البلدين ويقوم على تهيئة المناخ الاستثمارى الجيد بين الطرفين وجذب المزيد من رجال الأعمال السعوديين للاستثمار بمصر الذين يصل عددهم حاليا إلى 1800 بحجم استثمارات بلغت 27 مليار دولار. غير أنه حاليا وعلى حسب افادة وليد هلال عضو المجلس للبورصة، توقف الأعمال بالمجلس منذ الـ 30 من يونيو، قائلا إن اوضاع المجلس الحالية فى علم المجهول.
ولأنه يعد الأكثر هدوءا والأقل ظهورا بين اعضاء الجماعة والمشهور باتزانه فانه لم يخرج على الشارع المصرى بعد الـ 30 من يونيو بدون وعى بتصريح يثير فتنة أو يحدث بلبلة بين طوائف المجتمع المصرى، كما فعل آخرون من اخوانه، ولذلك لم تشمل قرارات النائب العام بالتحفظ على أموال أو التحقيق فى دعوات العنف على اسم حسن مالك على الرغم من ادراج العديد من قيادات الجماعة البارزين وبعض الوزراء السابقين ضمن المطلوبين على ذمة التحقيق.
قال محمد الشبراوي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات،نائب رئيس غرفة صناعة الأخشاب والأثاث، إن ظهور جمعية إبدأ التى رأسها رجل الأعمال الإخواني،حسن مالك، ألغت دور اتحادى الصناعات والغرف التجارية واختزلت منظمات الأعمال جميعها فى هيئة رجل واحد هو رئيس الجمعية.
أشار الشبراوي، الى أن المجموعة المحيطة بحسن مالك التى اقتصرت على رجال الأعمال الإخوان ومنتفعيها ومؤيدى سياستها، كان لهم الأولوية فى جميع زيارات الرئيس المعزول محمد مرسى فى الخارج، وأن «مالك» كان من يختار الوفد المصاحب للرئيس.
أضاف أن حسن مالك كان يمثل الكيان الاقتصادى والتجارى الأولى فى عهد الإخوان المسلمون،حيث لم يترك مجالاً تجارياً واحداً إلا وشارك فيه، فكانت استثماراته تتنوع بين الملابس والأثاث والأجهزة الإلكترونية والبرمجيات إضافة إلى الغزل والنسيج.
فيما نفى محمد زكى السويدى، وكيل اتحاد الصناعات،تأثير جمعية إبدأ ورئيسها حسن مالك على دور اتحاد الصناعات الفترة الماضية، موضحاً أن كل منظمات وجمعيات الأعمال،كانت تمثل فى لجنة تواصل المكلفة بالتواصل بين رجال الأعمال والرئاسة، وإن «مالك» كان جزءاً من منظمة التواصل فقط.
أكد السويدى لـ «البورصة»، إن حسن مالك كان يلعب دوراً رئيسيا لحل المشاكل بين رجال الأعمال المحسوبين على نظام مبارك، والحكومة السابقة،بشرط عدم تورطهم فى جرائم تتعلق بالدم.
شدد وكيل اتحاد الصناعات،على ضرورة عدم استهداف رجال أعمال جمعية إبدأ أو الضرر باستثماراتهم الفترة المقبلة، لمجرد ارتباطهم بالجمعية التى أسسها «مالك»، لافتاً إلى أن أغلب من عمل مع رجل الأعمال الإخوانى بالجمعية كان يستهدف مساندة الدولة وخلق فرص عمل جديدة.
كتب: مصطفى فهمى
وأحمد داود








