استجابة مبكرة لتوقعات تقليص برنامج التيسير الكمى هزت الأسواق
سعت البنوك المركزية إلى زيادة فاعلية اتصالها بالأسواق خلال سنوات الأزمة المالية، حيث كانوا يأملون فى الاستفادة من سلطاتهم الخارقة من خلال بسط نفوذهم على توقعات الأسواق لأسعار الفائدة فى المستقبل، لكن تردد الاحتياطى الفيدرالى فى اللحظة الأخيرة كان اختباراً لمدى توافق توقعات السوق بشأن قرارات الفيدرالى الأمريكى مع الواقع.
قال هو بيل، رئيس قسم الاقتصاد الأوروبى فى جولدمان ساكس، لقد أثار هذا القرار حقا سؤال ما إذا كانت الأسواق ستثق بالفيدرالى الأمريكى بقدر ما كانت تثق به فى الماضى.
قال توم دى جالوما، رئيس تداولات الخزانة فى شركة إيه دى آند اف مان، تبدأ المعاناة مع الشفافية عندما تقوم بالفعل بتغيير رأيك وكأنك مراوغ ماهر.
فاجأ بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى المستثمرين حول العالم الأسبوع الماضى بقراره عدم البدء فى تقليص برنامج شراء السندات بقيمة 85 مليار دولار شهرياً أو ما يسمى التيسير الكمى.
قد تصاعدت التحديات التى تواجهها البنوك المركزية الخاصة بمهارات التواصل مع الأسواق بسبب التوسع الضخم فى السياسة النقدية غير التقليدية، واعترف برنانكى فى مؤتمره الصحفى الذى عقده يوم الأربعاء الماضى بأن البنك يتعامل مع أدوات أقل شيوعاً وأصعب فى تقييمها وتوضيحها.
قال ستيفين ماجور، رئيس قسم ابحاث الدخل الثابت فى بنك اتش إس بى سى، فى الماضى البعيد كانت تحدد أسعار الفائدة وفقا للظروف الاقتصادية، أما الآن فتعطى البنوك المركزية توجيهات بشأن أسعار الفائدة للسنوات القليلة المقبلة كما انهم يستخدمون ميزانياتها العمومية للتأثير على حركة العائدات.
يكمن الخطر فى ان البنوك المركزية فى نهاية المطاف تربك الأسواق من خلال المبالغة فى تعقيد رسائلها.
قال ريتشارد جيلهوي، خبير استراتيجى فى تى دى سيكيورتيز، إن جدال الفيدرالى الأمريكى بأن تقليص برنامج شراء السندات لن يصل إلى حد تشديد السياسة النقدية أثبت أنه امر معقد جداً للتعامل معه.
أوضح المسح الذى أجراه بنك باركليز ونشره قبيل ايام قليلة من اجتماع الفيدرالى الأمريكى أن تقييم خبراء سوق المال لمهارات تواصل البنوك المركزية بالنسبة للبنك المركزى الأوروبى قد تراجع بشكل حاد خلال السنوات القليلة الماضية ومن أحد أسباب هذا الانخفاض هو تسريب الاخبار بشأن الانقسامات داخل مجلس إدارة المركزى الاوروبى ما يؤدى إلى ارباك الأسواق، اما فى الولايات المتحدة فإن الفيدرالى الأمريكى يعرف عنه انه اقل انشقاقا.
ولكن الجميع لا يلقى باللوم على الفيدرالى الأمريكى بشأن اخفاق توقعات السوق- التى توقعت بناءً على تلميحات برنانكى بالبدء فى الحد من برنامج التيسير الكمى أن يتراوح الخفض ما بين 10 و15 مليار دولار فى وتيرة شراء السندات- حيث قال ميجور إن برنانكى قد ربط قراره بقوة الاقتصاد لكن البيانات جاءت ضعيفة.
اضاف ميجور ان الأسواق تميل إلى الالتفاف حول آراء متفق عليها بالاجماع دون اجراء المزيد من التحاليل، فيبدو أن أحداً لا يستمع أو يفكر.
قد يكون المستثمرون بالغوا فى اهمية التوقعات، فأهداف البنوك المركزية هى التضخم وخلق فرص عمل وليس الارباح بالنسبة لمدراء المحافظ المالية.
قال مارك كليف، كبير خبراء الاقتصاد فى مجموعة آى إن جى، تهتم الأسواق بموقف السياسة النقدية للفيدرالى الأمريكى نظراً لتأثيره على الاقتصاد الحقيقى وهو أمر لا ينتبه اليه الناس فى الأسواق المالية.
وقد وُصف قرار الفيدرالى الأمريكى الأسبوع الماضى بأنه اكبر صدمة للأسواق منذ الانخفاض الطارئ فى أسعار الفائدة عام 1998.