فلسفة جديدة لدعم الصادرات تربطه بتنفيذ السياسة الصناعية واستخدام التكنولوجيا
الحكومة عازمة على اتخاذ القرارات الصعبة لوضع البلاد على الطريق الصحيح
سياسة الوزارة تركز على دعم الصناعات الكبيرة ذات القيمة المضافة والمتوسطة والصغيرة وكثيفة العمالة
استمرار دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك انتهاك للعدالة الاجتماعية
برنامج جديد لمنح حوافز للاستثمار بالصعيد وسيناء والوادى الجديد والمناطق النائية
قال منير فخرى عبدالنور، وزير التجارة والصناعة، إن السياسات الاقتصادية التى تتبع حالياً، سواء كانت المالية أو النقدية، إضافة إلى المساعدات الكبيرة التى تقدمها الدول العربية، كفيلة بالخروج بمصر من أزمتها الاقتصادية التى تعانى منها منذ ثورة يناير. أشار عبدالنور، فى حوار لـ «البورصة» إلى أن الحكومة الحالية تسلمت مهامها يوم 16 يوليو الماضى، بعد 16 يوماً فقط من انتهاء السنة المالية 2012-2013، وكانت الأرقام الكلية مفزعة بشكل كبير، حيث بلغ عجز الموازنة %18.8 من الناتج المحلي، وارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من %13، وعجز الميزان التجارى 212 مليار جنيه، إضافة إلى انخفاض الاحتياطى النقدى إلى 12 مليار دولار، ما مثل تحدياً كبيراً للحكومة.
أضاف عبدالنور، أنه رغم تلك التحديات الصعبة التى واجهها المجتمع على مدار عامين ونصف العام، فإن الاقتصاد المصرى أثبت قدرته وارتكازه إلى مقومات قوية،حيث لم يشعر المواطن بأى أزمات سوى انقطاع الكهرباء ونقص المواد البترولية والطاقة، ولم يشكُ نقص المواد التموينية أو السلع التى تؤثر على معيشته بصورة مباشرة.
قال عبد النور إن الزيادة التى شهدتها الصادرات المصرية خلال السنوات الماضية والمتواصلة حتى الآن تؤكد أن هيكل الاقتصاد المصرى يدعو إلى التفاؤل،لافتا إلى أن استمرار زيادة الصادرات على مدار السنوات التالية لثورة يناير وليست فقط السنة الأولى أثبت أن الزيادة غير ناتجة عن الالتزام بعقود تصديرية سابقة.
وبحسب وزير التجارة والصناعة، تقوم الخطة التى وضعتها الحكومة بالنسبة للسنة المالية القادمة على إتباع سياسة مالية توسعية دون أن تؤثر سلباً على عجز الموازنة، حيث تستهدف تقليص نسبة عجز الموازنة إلى %9 من الناتج المحلى خلال عام 2014، مؤكداً قدرة الحكومة على بلوغ هذا الهدف فى ظل المساعدات الكبيرة من الدول العربية الشقيقة.
من جهة أخرى، قال عبد النور إن السياسة الصناعية للوزارة، تركز على دعم الصناعات الكبيرة التى تركز على استخدام التكنولوجيا الحديثة، وذات القيمة المضافة الكبيرة، مع الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات كثيفة العمالة، مع الوضع فى الاعتبار نسبة البطالة والكثافة السكانية.
وستسلك الحكومة وبالتحديد وزارة الصناعة والتجارة الخارجية سياسة تجارية منفتحة على العالم، ومشجعة للاستثمار والإنتاج الصناعي،مع حماية الصناعة المحلية من الممارسات التجارية غير الشريفة مثل الإغراق والتهريب، سعياً لتحقيق %3.5 نمواً فى الناتج المحلى خلال العام المالى الجديد.
أكد عبدالنور، استمرار برنامج دعم الصادرات لرد أعباء التصدير حتى تتمكن الصناعة المحلية من المنافسة فى الأسواق العالمية، لكن الحكومة فى طريقها إلى تغيير فلسفة البرنامج الجديد لدعم الصادرات، بحيث يكون أداة من أدوات تنفيذ السياسة الصناعية بصفة عامة، وتشجيع الشركات على استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتدريب العمالة وفتح اسواق جديدة لا تدخلها الصناعات المحلية.
وقال إن خطة دعم الصادرات الجديدة هى خطة وزارة الصناعة من الأساس ولا يمكن أن تنسب لوزير معين، وشدد على ضرورة استمرار السياسات فى الوزارة حتى لو تغير الوزراء، مشيراً إلى أن مقارنة مشروع دعم الصادرات الحالية بما كان عليه فى السنوات الماضية تؤكد الفرق الكبير والتطور فى النظام الحالى، نتيجة الحوارات المستمرة مع المجالس التصديرية والقطاعات الصناعية المختلفة، لوضع تفاصيل البرنامج.
فى سياق متصل، شدد الوزير على ضرورة مصارحة العالم الخارجى بحقيقة الوضع فى مصر، وأنها ليست فى حرب أهلية، وإنما فى حالة حرب ضد الإرهاب تخوضها بالنيابة عن جميع الدول التى تنتقد موقفها الحالى فى مواجهة الإرهاب، مؤكداً أن عدم خوض مصر هذه الحرب سيؤدى إلى انتقال هذا الإرهاب إلى محاربة هذه الدول فى عقر دارها.
ورغم المعركة الشرسة التى تخوضها البلاد حالياً ضد الإرهاب، فإن الحكومة مستمرة ومصممة على تهيئة المناخ المناسب للاستثمار، لكى تستعيد مكانتها على الخريطة العالمية كمركز اقتصادى جاذب للاستثمارات الأجنبية والتجارة الدولية،وستبذل الحكومة الجهود الممكنة لحل مشاكل المستثمرين المحليين والعرب والأجانب فى شتى المجالات الصناعية.
ونفى عبد النور وجود شركات سعودية متعثرة فى السوق المصري، وإنما هناك شركات لديها مشاكل قانونية أو غير قادرة على تسجيل أرض مشروعها، أو تعانى مشاكل فنية متعلقة بالإدارة أو مشاكل مالية وفى حاجة لرؤوس أموال طويلة الأجل، وكل حالة تختلف عن الأخرى فى الظروف والأوضاع.
فى سياق متصل، أكد وزير الصناعة، مخاطبته محافظ البنك المركزى لمطالبة البنوك باتباع نوع من المرونة مع الشركات المدينة لها، وتفهم ظروفها وتيسير الديون عليها حتى تتمكن من معاودة نشاطها مرة أخري.
وفقاً لعبدالنور، فقد حصر مركز تحديث الصناعة عدد المصانع المتعثرة وقدرها بنحو 712 مصنعاً، وتمكن المركز من حل مشاكل 110 مصانع خلال الفترة الأخيرة.
أضاف أن هناك اقتراحاً مبدئياً بإتاحة المبلع المخصص للمصانع المتعثرة والمقدر بـ500 مليون جنيه لبنك أو بنكين فقط، ودعوة المصانع المتعثرة للتقدم لأحدهما لطلب مساندة وفقاً لحدود تمويلية معينة،مع مطالبة البنوك بدراسة الطلبات دراسة ائتمانية بحتة، على أن يلعب مركز تحديث الصناعة دور الوسيط بين المصانع المتعثرة والبنك.
ووفقا للاقتراح سيمنح البنك المبلغ بالكامل مجاناً وسيقرض المصانع بفائدة تتراوح بين 2 و%3 بما يغطى المصاريف الإدارية، ما سيوفر تمويلاً رخيصاً للغاية للمصانع.
أضاف عبدالنور أن هناك شركات لا يمكن أن تحل مشاكل تعثرها مهما حصلت على تمويل، نظراً لأنها قائمة على أسس خاطئة أو فقدت منتجاتها أهميتها فى السوق أو تجاوزها الزمن، وبالتالى لا يمكن منحها من المبلغ المخصص دون جدوى منها، كما أن وزارة الصناعة لن تكون صاحبة قرار منح التمويل للمصانع، وإنما ستتم مخاطبة البنوك لعمل دراسة ائتمانية بحتة على أسس اقتصادية موضوعية،تتأكد من جدوى المشروع وقدرته على الخروج من تعثره وسداد القروض.
وانتقل الحوار مع وزير الصناعة والتجارة الخارجية إلى ملف العلاقات التجارية بين مصر ودول العالم، وقال عبدالنور إن أوروبا اكبر شريك لمصر وتمثل التجارة معها %35 من إجمالى الحركة التجارية، كما يعد الاتحاد الأوروبى أكبر مستثمر أجنبى فى مصر باستثمارات تصل 41 مليار دولار.
شدد عبد النور على ضرورة استمرار الاستثمارات الأوروبية فى مصر والعمل على زيادة الحركة التجارية بين الجانبين، خاصة أن مصلحة الاتحاد الأوروبى فى زيادة هذه العلاقة فى ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج فى أوروبا، ونقل جزء كبير من استثماراتها جنوب البحر المتوسط، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج فى أوروبا، ما يدفع المستثمر الأوروبى لنقل مراحل إنتاجه إلى البلاد منخفضة تكاليف الإنتاج، ومصر ينبغى أن يكون لها نصيب مباشر من هذه الاستثمارات.
فى السياق ذاته، اكد عبدالنور أن وزير الصناعة الفرنسى سيصل فى زيارة إلى القاهرة الفترة القليلة المقبلة، لاستكمال المفاوضات التى تمت مع وزير الصناعة السابق حاتم صالح حول عدة مشروعات بما فيها مشروع «لويال»، كما ستستقبل البلاد وفداً آخر من رجال الأعمال الإيطاليين شهر اكتوبر أو نوفمبر المقبلين، لبحث اقامة مشروعات فى قطاعات السيارات والمناجم والتصنيع الزراعى والطاقة الجديدة والمتجددة.
اشار إلى توقف مشروعات الإيطاليين فى مدينة الجلود بالروبيكى حتى إنهاء المشروع، الذى يأتى على رأس أولويات الوزارة الفترة المقبلة، وتترقب الوزارة تدبير وزارة التعاون الدولى مبلغ 1.33 مليار جنيه لانهاء مشروع الروبيكي.
من جهة أخري، قال عبدالنور، إن القطاع الصناعى تباطأ بشكل كبير الفترة الأخيرة نتيجة أزمة الطاقة التى أثرت بشكل كبير على المصانع كثيفة استخدام الطاقة مثل الحديد والأسمنت والأسمدة، إضافة إلى إنخفاض الطلب على المنتجات الصناعية فضلا عن المشكلات الأمنية المتكررة وما ترتب عليها من توقف بعض المصانع.
أضاف عبدالنور أنه منذ تولى الوزارة الحالية مسئولية القطاع الصناعي، وهى تواجه 4 مشاكل رئيسية حيث كان الأمن غير مستتب وأزمة الطاقة متفاقمة، إضافة إلى المشاكل المتعلقة بندرة الأراضى الصناعية والصعوبة التى يواجهها القطاع الصناعى فى الحصول على التمويل، وهى المشكلات التى تبذل الوزارة قصارى جهدها لحلها وتشجيع عودة الاستثمارات.
أشار الوزير إلى تحسن الحالة الأمنية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، لكنه لا يمكن تخفيف القيود الأمنية وإلغاء حالة الطوارئ وحظر التجوال فى ظل الظروف الراهنة.
وفيما يخص الطاقة قال إن هناك اجراءات كثيرة تتخذ وأخرى تحت الدراسة،اهمها يخص الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث يجهز وزير الكهرباء لاستخدام طاقة مولدة من الرياح، وهناك بعض الشركات تسعى إلى استخدام %30 من الطاقة التى تحتاج اليها مولدة من الرياح، كما تسعى وزارة الصناعة إلى حل مشاكل الطاقة فى مصانع الأسمنت من خلال استخدام الفحم.
وبالنسبة لاستيراد الغاز من الخارج، أكد عبدالنور أن الوزارة فى انتظار المناقصة المقرر أن تطرحها هيئة البترول.
وقال الوزير: «الحكومة عازمة على اتخاذ القرارات الصعبة القادرة على وضع مصر على الطريق الصحيح حتى ولو أحدثت آثاراً سلبية لدى الرأى العام».
وأضاف عبدالنور قائلاً: «استمرار الحكومة فى دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك يمثل انتهاكاً صارخاً للعدالة الاجتماعية، خاصة أن المصانع كثيفة استخدام الطاقة تستفيد من الحصول على طاقة مدعومة من الدولة وتبيع منتجاتها بالأسعار العالمية وتستفيد بالفارق فى تكوين ثروات طائلة».
على جانب آخر، اتخذت وزارة الصناعة والتجارة خطوات كبيرة فى توفير الأراضى للصناعيين، حيث ستقوم بتوزيع 1692 قطعة خلال الأيام القادمة، وتعتزم انفاق 3 مليارات جنيه خلال الشهور التسعة القادمة فى ترفيق الأراضى الصناعية فى 36 منطقة صناعية، وستتم إتاحتها للمستثمرين من الإسكندرية لأسوان، حيث سيتم توفير المياه والكهرباء والصرف وجميع لوازم إقامة المشروعات.
أضاف عبدالنور أن الوزارة تلقت 7 آلاف طلب للحصول على الأراضى التى تم توفيرها، وأغلب هذه الطلبات من المستثمرين الأجانب.
وكشف عبد النور أن وزارة الصناعة والتجارة الخارجية تدرس حاليا تقديم برنامج جديد لمنح حوافز استثمارية للاستثمار فى الصعيد وسيناء والوادى الجديد والمناطق النائية.