رأى مشاركون في مؤتمر “الإسلاميون ونظام الحكم الديموقراطي” الذي انعقد في الدوحة أن الإسلاميين فشلوا وأهدروا فرصة وجودهم في السلطة، فيما اعتبر آخرون أنهم لم يحظوا بفرصة كافية للحكم إذ “تم إفشالهم”.
وقد اختلف الباحثون والمفكرون المشاركون في المؤتمر الذي استضافته قطر التي تعد الداعم الإقليمي الأبرز لتيار الإخوان المسلمون، حول تقييم تجربة حكم الإسلاميين الذي تلقوا صفعة كبيرة مع عزل الرئيس المصري محمد مرسي.
وقال حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث حول الوطن العربي ودول المتوسط في جنيف لوكالة فرانس برس: “لقد فشل الإسلاميون في الحكم حيثما مروا، وفشلهم كان واضحا في ملفي الاقتصاد والأمن” بشكل خاص.
وأضاف عبيدي أن الإسلاميين “أخطأوا منذ البداية عندما حكموا على أنفسهم بالنجاح المطلق منذ نجحوا في الانتخابات فأصيبوا بحالة من العنجهية وترجموا ذلك بقوانين العزل السياسي وحرمان الدولة من كوادرها”.
من ناحيته قال الباحث الجزائري طيبي غماري إن الإسلاميين “عجزوا عن تطوير مشروع سياسي يتوجه إلى المواطنين وليس فقط إلى المؤمنين”.
وأضاف غماري “بدل أن يركزوا على ملفات التنمية اهتموا بموضوع الهوية وتغيير أنماط المجتمعات التي حكموها فوجدوا أنفسهم يدورون في حلقة مفرغة وتدهور الأمن والاقتصاد”.
إلا أن رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عزمي بشارة قال لفرانس برس إن “الإسلاميين لم يحكموا حتى نتحدث عن فشل أو عن نجاح”.
وأضاف “الأصح هو القول إنه تم إفشالهم من طرف العسكر والدولة العميقة”.
ووافقه في الرأي الباحث السعودي فهد الغفيص الذي رأى أن “الدولة العميقة وحتى الثوار أفشلوا حكم الإسلاميين في مصر مثلا، وكان الجيش جاهزا للانقضاض على الفرصة”.
وكان بشارة ألقى في مستهل مؤتمر “الإسلاميون والحكم الديموقراطي” محاضرة مطولة أنحى فيها باللائمة على النخب العربية التي أفشلت تجربة حكم الإسلاميين في بلدان الربيع العربي على حد قوله.
وقال عزمي بشارة “فضلت النخب المناهضة للتحول الديموقراطي تعبئة الناس ضدّ الخصم (الإسلامي) لإفشاله على الحوار معه أو الاكتفاء بمعارضته سياسيا”.
وتعرض بشارة للتجربة المصرية بالاسم قائلا إن “جهاز الدولة القائم، أو ما يسمى هناك الدولة العميقة، لم يحترم نتائج الانتخابات ولم يتعاون مع الحاكم المنتخب، وحين توفرت القاعدة الشعبية المتضررة من مشكلات مرحلة التحول الصعبة وعدم استقرارها انقلب عليه”.
وشكل عزل الرئيس المصري محمد مرسي مطلع يوليو ضربة قاسية للاسلام السياسي في المنطقة العربية كما يواجه حزب النهضة الحاكم في تونس غضبا شعبيا متزايدا على مدى ما يقرب من سنتين في الحكم.
وبين الموقفين من فشل أو نجاح الإسلاميين في الحكم قال الباحث في جامعة توليدو الأمريكية عويمر أنجم لوكالة فرانس برس، “إن كان الإسلاميون قد فشلوا في الحفاظ على السلطة فقد نجحوا في تغيير الخطاب حتى لدى العلمانيين وكرسوا قيم المجتمع الإسلامي بشكل واضح في الحياة اليومية التي أعقبت الربيع العربي”.
أما الأكاديمي العراقي لقاء مكي فقد رأى أن “الإسلاميين لم يحظوا بالفرصة كاملة لإثبات النجاح أو الفشل”.
وذكر الباحث أن “هؤلاء جاءوا إلى الحكم مباشرة بعد الثورات فوضعوا انفسهم في فوهة المدفع مواجهين خزانا من الغضب الشعبي والسلطة قاتلة في مثل هذه الأوقات” بحسب تعبيره.
وحول الفرص المقبلة للإسلاميين قال فهد الغفيص إن “الإسلام السياسي سيأخذ وقتا طويلا لكي يصبح قادرا على الحكم بعد تطوير نفسه”.
اما حسني عبيدي فقد دعا الإسلاميين إلى “القيام بمراجعات فكرية عميقة تنتهي بانتقالهم من تبني الفكر الديني الفئوي إلى فكر الدولة والمواطنة المتساوية”.
وقال عزمي بشارة في هذا السياق إن “انقسام المجتمعات العربية بين علمانيين ومتدينين، أو قوى سياسية علمانية، لا يقود إلى تعددية سياسية بل إلى شرخ مجتمعي يمنع التعددية”.
وخلص إلى القول إنه يجب “تفضيل الشراكة في المراحل الانتقالية على الانفراد بالحكم لكي تراقب الأحزاب السياسية بعضها وتوازن بعضها، خلال عملية إدارة مرحلة الانتقال”.
لكن الباحث الجزائري طيبي غماري رأى أن “حكم الإسلام السياسي ينتهي في أغلب الحالات الى نهايات تراجيدية كتفكيك المجتمعات او الحرب الأهلية”








