بقلم: آنا بوتين
ما الذى سيخلق الوظائف المطلوبة لجعل التعافى فى الاقتصاد البريطانى مستداماً؟ الإجابة هى الشركات الصغيرة والمتوسطة البريطانية، وهو ما يتطلب من البنوك ابتكار الطريقة التى تدعم بها الشركات الصغيرة خاصة ذات إمكانات النمو الكبيرة.
توظف الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالى ثلثى العاملين فى القطاع الخاص، كما أن نسبة ضئيلة جداً من الشركات الصغيرة – حوالى %10 – تقدم ثلثى الوظائف الجديدة التى توفرها المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتواكب الكثير من تلك الشركات الثورة التكنولوجية التى تغير أساليب حياتنا وعملنا بسرعة، فبعد ست سنوات فقط من إطلاق الآى فون، أصبح اكثر من نصف الشباب البريطانى يحملون هواتف ذكية، فهل ستستطيع البنوك مواكبة تلك السرعة؟
وفى اقتصاد يومنا هذا، يمكن للشركات التى تحقق معدلات نمو سنوية عالية أن تمتلك نماذج أعمال معقدة، وتكمن قيمتها فى موظفيها وليست فى الأصول المادية التى تحتاجها البنوك كضمانات لتقديم قروض.
لذا تحتاج البنوك إلى استكشاف طرق جديد لفهم وتمويل الشركات الصغيرة عالية النمو، ونحن فى شركتنا «سانتاندر» اطلقنا برنامجا بقيمة 200 مليون جنيه استرلينى مخصصاً لمساعدة تلك الشركات على انجاز معدلات النمو المحتملة، كما تقدم لهم نوعا مبتكرا من تمويل الميزانين الذى يسمح لرواد الأعمال بالاحتفاظ بملكية شركاتهم بينما يحصلون على الاستثمارات التى يحتاجونها.
وفى نفس الوقت، تحتاج البنوك إلى إنعاش العلاقات مع المديرين المحليين لفروعهم الذين يفهمون الشركات الصغيرة، كما أن تعيين مديرين جدد لكى يكون لهم حضور فى المجتمعات المحلية – كما نفعل نحن – يساعد البنوك على بلوغ هذا الهدف، ولكن لكى يكون هذا النموذج غير مكلف ينبغى أن تكون عمليات البنوك وتكنولوجيته أكثر كفاءة.
والتفكير فى قدر الخدمات التى تقدمها البنوك للشركات الصغيرة يجعلنا نقدر حجم مساهمة البنوك فى الاقتصاد البريطاني، وفى بعض الأحيان، نقيس مدى نفع البنك للمجتمع من خلال حجم إقراضه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن الواضح أن هذا المقياس حساس، فإذا كنا نتمنى أن ينمو الاقتصاد البريطانى ويخلق المزيد من الوظائف فى القطاع الخاص، ينبغى علينا زيادة الإقراض للشركات الصغيرة.
ومع ذلك مازلنا بحاجة إلى التفرقة بين ضرورة تقديم خدمات ممتازة لجميع الشركات الصغيرة والمتوسطة وبين تحدى مساعدة الشركات الصغيرة ذات احتمالات النمو العالية.
هل تقدم البنوك لتلك الشركات جميع الدعم المالى وغير المالى الذى تحتاجه؟ وهل السياسة المالية تساعد على ذلك؟ وما يمكن أن تفعله الحكومة للمساعدة؟
فعلى سبيل المثال، نحن دوما نتجادل بشأن المشتقات المالية التى تسببت فى تضييق الخناق على البنوك، وبمعنى آخر، البنوك الكبيرة الواقعة فى «هاى ستريت» ينبغى السماح لها بإقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة لأن المقترحات التنظيمية الحالية سوف تمنعهم من بيع منتجات تسمح للمصدرين الصغار بإدارة مخاطر العملات الأجنبية.
وإذا أصبحت تلك المصطلحات قانونا، فسوف يضطر المستثمرون الصغار إلى الذهاب إلى البنوك غير المتعثرة أى البنوك الاستثمارية للحصول على مساعدة.
وقد يقول البعض إن هذا لا يهم لأنه سوف يضر بنسبة ضئيلة فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن بعضا من هذه النسبة الضئيلة قد يكون من بين تلك الشركات صاحبة إمكانات النمو العالية.
ومن المتوقع أن تتوسع الطبقة المتوسطة بسرعة خلال العقد المقبل، لذا تحتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة البريطانية إلى مساعدتنا – وليس الشركات المدرجة فى مؤشر «فوتسى» لأكبر 100 شركة عملاقة – لكى تتمكن من غزو تلك الأسواق.
وبالتالى نحن بحاجة إلى حل وسط يسمح للشركات ذات امكانات النمو العالية بالحصول على الخدمات التى يحتاجون إليها وفى نفس الوقت يبقى البنوك آمنة ومستقرة.
وتستحق جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة البريطانية الأفضل من بنوكها، ولكن الشركة الصغيرة التى يمكن أن تصبح رائدة عالميا تحتاج إلى نوع جديد من البنوك البريطانية، فهى تحتاج إلى بنك كبير بما يكفى ليكون كفئاً وصاحب نمو مستدام ولكنه فى نفس الوقت صغير بما يكفى ليكون محليا ومحب للمبادرة.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز