بقلم: جايمس ماكسويل
حصلت مصر فى الأشهر الأخيرة على ما يقرب من 20 مليار دولار فى صورة قروض ومنح من حلفائها الخليجيين، ولكن ثمن الاستقرار السياسى أعلى من ذلك بكثير.
ففى نهاية أغسطس، أقرت الحكومة الانتقالية حزمة إنفاق على البنية التحتية بقيمة 3.2 مليار دولار، وتهدف هذه الحزمة التى جاءت بعد أشهر من الاضطرابات السياسية والاحتجاجات الشعبية إلى دفع الاقتصاد الذى يعانى من انتشار البطالة وارتفاع أسعار الغذاء والوقود. وكانت هذه المشكلات هى بعينها المشكلات التى لم تعالجها حكومة محمد مرسى وأدت إلى تراجع شعبيته بشدة قبل الإطاحة به. ورحب العديد من المحللين بهذا الاستثمار فى البنية التحتية باعتباره خطوة أولى ضرورية على طريق التعافى الاقتصادي، ولكن تبقى المخاوف بشأن كيف ستستطيع الحكومة دفع تكلفة هذه الحزمة الاستثمارية. وبالرغم من أن عجز الموازنة فى مصر يقف عند أكثر من %10 من الناتج المحلى الإجمالي، فإن الحكومة استبعدت زيادة الضرائب أو تخفيض الانفاق العام باعتبارها طرقاً معقولة لتحقيق التوازن فى النفقات والإيرادات.
وفى نفس الوقت، ترفض مصر شروط قرض صندوق النقد الدولى المتمثلة فى وقف الدعم الحكومى – الذى يعتمد عليه المصريون – للخبز والوقود، ما أدى إلى تعثر المحادثات خلال الصيف الماضى.
ونتيجة لذلك أصبحت مصر أكثر اعتماداً على القروض والمنح من الدول العربية الصديقة، وحصلت مصر فى الأشهر الماضية على قرض بدون فائدة من ليبيا بقيمة 2 مليار دولار وحوالى 5 مليارات دولار فى صورة مساعدة قطرية.
وبعد عزل الرئيس محمد مرسي، تعهدت السعودية والكويت والإمارات بتقديم قروض ومساعدات بقيمة 12 مليار دولار، بالإضافة إلى شحنات من الوقود إلى مصر.
وستساعد هذه الأموال فى تمويل النفقات الإضافية على مشروعات السكك الحديدية ومحطات معالجة الصرف الصحى ومد مترو القاهرة بالإضافة إلى مشروعات كبرى أخرى، ولكن هذه القروض لها أيضاً تداعيات أكثر عمقاً.
فقرار السعودية بتقديم الأموال إلى مصر فى غاية الأهمية، حيث تحرص الرياض على تقليص نفوذ الإخوان المسلمين الذين يُنظر إليهم من قبل بعض السعوديين على أنهم تهديد لوضعهم “كالحامى الإقليمى للإسلام” عبر الشرق الأوسط.
ولكن الأموال التى أرسلت إلى مصر تزيد ارتباط الاقتصاد المصرى بالسعودية التى يعمل بها 2 مليون مصرى وتمثل تحويلاتهم مصدر دخل مهماً للكثير من الأسر المصرية.
وعلاوة على ذلك، فإن زيادة التقارب بين السلطات المصرية والسعودية يؤدى إلى تفكك الروابط المصرية مع الولايات المتحدة وتركيا اللتين قدمتا مساعدات هائلة لمصر فى الماضي، وهى الأموال التى كانت عادة مشروطة بإصلاحات هيكلية اقتصادية وليس للانفاق على برنامج الدعم الحكومي.
وسوف يؤدى التحول عن الغرب إلى الخليج الـ تحرير الحكومة المصرية مؤقتا من اتخاذ القرارات الاقتصادية الحاسمة التى قد تؤدى إلى اضطرابات اجتماعية، وهذا سوف يشترى لها بعض الوقت حتى تخطط لخطوتها التالية.
ومع ذلك، فإن الخطوة التالية مازالت محل تساؤل، فقد قال الرئيس المؤقت، عدلى منصور، إنه سوف يلتزم بالجدول الزمنى المعد مسبقا للانتخابات والذى يعنى جولة أخرى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى من المزمع إجراؤها العام المقبل.
ومع ذلك، لم يفِ منصور بكل وعوده، فبالرغم من تعهداته السابقة، فمازالت الدولة تحت حالة الطوارئ.
والآن، ورغم هدوء الاضطرابات السياسية التى تلت الإطاحة بمرسى نسبيا، فإن الفقر يواصل صعوده كما كان فى السنوات الماضية، ويعانى نحو خمس الشعب من عدم الأمن الغذائي.
وسوف تأمل الحكومة الانتقالية المصرية أن تكفى حزم التحفيز الخليجية لإعادة الاقتصاد إلى مستويات النمو قبل الثورة – عند %5 سنويا مقابل نسبة النمو الحالية عند %2 – كما ستحتاج الحكومة إلى إيرادات إضافية لدفع ديونها.
وينبغى على الحكومة الحالية أن تتذكر جيدا ان الثورة التى أطاحت بالرئيس حسنى مبارك فى 2011 كانت مستلهمة من ارتفاع مستويات الفقر وعدم المساواة مما تسبب فى الخنق على الحكم الاستبدادى لمبارك.
وأخيراً، تمثل أموال الخليج بديلاً مريحاً ولكن قصير المدى من النفوذ الليبرالى الغربى، ولكنه ليس كافياً لضمان الاستقرار السياسى المصرى طويل المدى.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر : موقع «ثينك أفريكا بريس»