حققت روسيا خلال العقدين الماضيين طفرة هائلة فى اقتصادها لتصبح من أكبر المساهمين فى الناتج القومى العالمى مقدمة نموذجا للدولة التى تعتمد أساساً على التصدير لكن الركود العالمى كشف هشاشة هذا النموذج رغم استمرار ارتفاع معدلات سعر البترول والغاز عند أسعار مرضية لكن تباطؤ النمو هذا العام اضعف من عائداتها.
توقعت وزارة المالية الروسية انكماش حصة موسكو من الاقتصاد العالمى خلال العشرين عاماً المقبلين بسبب تراجع النمو عن المتوسط العالمى.
ووفقاً لأحدث توقعات الوزارة، فإن الناتج المحلى الإجمالى سوف يرتفع بمتوسط %2.5 خلال 2030 أى أقل من المتوسط العالمى المتراوح بين 3.4 و%3.5، وهذا من شأنه تقليص حصة روسيا من الناتج الاقتصاى العالمى إلى %3.4 بحلول 2030 بدلاً من %4 التى ساهمت بها العام الماضى. وتسلط هذه التوقعات الكئيبة الضوء على تحول حظ الدولة الأكبر كمصدر للطاقة فى العالم التى حقق اقتصادها البالغ قيمته تريليون دولار نمواً سنوياً %7 خلال فترة رئاسة فلاديمير بوتين من عام 2000 وحتى 2008 قبل انكماشه بنسبة %7.8 فى 2009 عندما انهارت أسعار البترول الخام.
وتراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى منذ ان فاز بوتين بدوره ثالثة فى الكريملن فى مارس 2012، فى ظل تحذير كبار المسئولين بما فيهم رئيس الوزراء ديميترى ميدفديف من الإرهاق الذى أصاب النموذج الاقتصادى القائم على التصدير.
وقال نيل شيرينج، خبير اقتصادى بشأن الأسواق الناشئة فى شركة “كابيتال إيكونوميكس” فى لندن، لوكالة انباء بلومبرج إن النتيجة التى يجب التوصل إليها من هذه التوقعات هى ضرورة القيام بتحول كبير فى السياسة وإلا ستتحول روسيا من كونها أحد اكبر الاقتصادات نمواً إلى احدة من الدول الأسوأ أداءً. وقبل ان يتعثر النمو هذا العام، وصلت معدلاته فى روسيا، التى يصنفها البنك الدولى كأكبر تاسع اقتصاد فى العالم، إلى متوسط توسع بحوالى %4 فى الفترة من 2010–2012 عندما اقتربت أسعار البترول من أعلى مستوياتها.
age:A�’�� ��ه فى الظروف الحالية عندما تقترب أسعار الفائدة من الصفر ويكون هناك نقص حاد فى الطلب فى جميع أنحاء العالم، تتبع البلدان المصدرة سياسة «إفقار الجار» التى تؤدى إلى تفاقم ضعف الاقتصاد العالمي.
يقول مارتن وولف إنه ليس من الغريب إذن أن يكون الناتج المحلى الإجمالى فى منطقة اليورو فى الربع الثانى هذا العام أقل من المعدل القياسى الذى حققه قبيل الازمة بنسبة %3.1 وأقل بنسبة %1.1 عن عام 2011، كما تنزلق المنطقة نحو الانكماش الاقتصادى الذى يجعل المزيد من الارتفاع فى معدلات البطالة امرا لا مفر منه ويرفع ايضا من القيمة الحقيقية للدين.
ومن المؤكد أن تؤدى السياسات التى اتبعتها منطقة اليورو تحت توجيهات ألمانيا إلى هذه النتيجة نظرا للأثار المدمرة لضعف الطلب جراء سياسات التقشف المالى، يرى وولف، ان الطريقة الأنسب حتى تكون السياسة النقدية المتشددة فعالة هى خفض قيمة سعر الصرف لعملة اليورو، فإذا اتبع البنك المركزى الأوروبى سياسة التيسير الكمي، على سبيل المثال، على نطاق واسع من خلال شراء سندات الأعضاء وفقا لحصتهم بالبنك المركزى فسوف يكون انخفاض قيمة اليورو هى النتيجة الحتمية، ولكن هذا الامر قد يزيد من نزعة منطقة اليورو الخاضعة للنفوذ الألمانى إلى فرض الانضباط المالى على باقى دول العالم.
ووفقا لما جاء فى المقال، فمن المستحيل ان تحقق منطقة اليورو رخاءً يقوم على النمو الذى يقوده التصدير حيث يتعين عليها تحقيق التوازن الداخلي، وكما أوضح تقرير صندوق النقد الدولى بشأن توقعات الاقتصاد العالمى الصادر فى اكتوبر، فإن الخفض الهائل فى العمالة هو الذى رفع من القدرة التنافسية وانهيار الطلب المحلى هو الذى خفض العجز الخارجى فى البلدان التى ضربتها الازمة المالية، لذلك فإن نجاحات الانضباط المالى هى الوجه الآخر للتراجع الاقتصادى وارتفاع معدلات البطالة وحتى الآن لم يتوقع النقد الدولى تراجعاً كبيراً فى صافى الديون بمنطقة اليورو مما يشير إلى ان إمكانية تعرضها للمخاطر مازال قائماً.