شراء الأدوية المنتهية بـ٪50 من سعرها الأصلى وترويجها فى الأقاليم والعشوائيات
«غرفة الدواء» تطالب الصحة بإصدار قرار يلزم الشركات بقبول المرتجعات شريطة ألا تزيد على %2
رئيس لجنة الصيدليات: حجم الأدوية منتهية الصلاحية يتعدى %5 من السوق.. ويعتزم مقاضاة «الصحة »
اشتعلت أزمة جديدة بين الصيادلة وشركات الدواء بسبب رفض الأخيرة قبول مرتجعات الأدوية منتهية الصلاحية، ما تضطر بعض الصيدليات إلى بيعها لتجار الأدوية المنتهية والمغشوشة، الأمر الذى يهدد بكارثة مجتمعية جديدة.
كشفت الأزمة الدائرة بين أطراف القطاع الدوائى عن ظهور ما يسمى «مافيا» تجارة الأدوية منتهية الصلاحية، والذين يروجونها فى الأقاليم النائية والقرى الفقيرة وبعض المناطق العشوائية بالمحافظات الكبرى، بعد تغيير تاريخ الصلاحية فى ظل غياب الدور الرقابى لوزارة الصحة.
وفى جولة لـ «البورصة» بعدد من صيدليات القاهرة، أكد صيادلة عدم قبول جزء كبير من الشركات الدوائية للمرتجعات خلال الشهور الأخيرة، بالمخالفة للقانون الذى ينص على استردادها بحيث لا تتعدى %2 من حجم مشتريات الصيدلية.
اتفق مجموعة من الصيادلة على أهمية ضغط وزارة الصحة على الشركات لقبول المرتجعات، لغلق الباب أمام «أصحاب النفوس الضعيفة» من الصيادلة على الاستجابة لما سموها مافيا تجارة الدواء المغشوش ومنتهى الصلاحية، موضحين أن الظروف الاقتصادية السيئة وغياب الضمائر وتعنت الشركات والعروض المغرية من تجار الدواء منتهى الصلاحية أسباب كفيلة بتفشى هذه الظاهرة فى المجتمع وتهديد حياة ملايين البشر.
أشاروا إلى أن عدداً من تجار الادوية منتهية الصلاحية يترددون بين الحين والآخر على الصيدليات، لشراء ما يرغبون بأسعار تتراوح بين 50 و%75 من سعرها الأصلي، مؤكدين على صعوبة تحديد هوية هؤلاء التجار والصيدليات المتعاملة معهم، وهل هم من اصحاب المخازن وشركات التصنيع لدى الغير كما يشاع أم لا، لكنهم فى الوقت نفسه يؤكدون توزيع هذه الأدوية منتهية الصلاحية فى الاقاليم والمناطق العشوائية التى لا تحظى برقابة على الأسواق التى تشهد أعلى نسب الفقر والجهل.
وفى الوقت الذى طالب بعض الصيادلة بضرورة رفع نسبة المرتجعات التى تقبلها الشركات لتصل إلى %20، شدد البعض الآخر على أهمية تحمل الشركة جميع المرتجعات مع تحجيم الصيدليات مشترياتها حتى لا تزيد على الحد.
فيما انتقد عدد من الصيادلة ضعف الرقابة والتفتيش من وزارة الصحة على الصيدليات والأسواق للبحث عن الأدوية المنتهية والمغشوشة.
كشف د.أحمد فاروق، رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة، عن اعتزام النقابة العامة رفع قضية على وزيرة الصحة الدكتور مها الرباط، ومديرة الإدارة المركزية لشئون الصيدلة الدكتور حنان الليثى خلال أيام، واتهامهما بالقتل العمد للشعب المصرى والتقصير فى مواجهة مشكلة الأدوية منتهية الصلاحية التى أصبحت تجارة رائجة فى الأقاليم المصرية والعشوائيات، وعدم قيامها بدورها فى إعدام الأدوية منتهية الصلاحية.
قال فاروق لـ «البورصة»، إن تفاقم مشكلة الأدوية منتهية الصلاحية سببه رفض الشركات قبول مرتجعات الأدوية من الصيدليات، مما تضطر بعض الصيدليات إلى بيعها لمافيا تجارة الأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية، الذين يغيرون تواريخ إنتاجها وإعادة تدويرها فى السوق المصرية.
أضاف أن تجار الأدوية الفاسدة تشترى هذه الأدوية منتهية الصلاحية التى تملأ مخازن الصيدليات بأسعار بخسة لإعادة تدويرها بطرق غير شرعية، وأن عدداً كبيراً من الصيدليات يلجأ إلى الموافقة على بيعها لتجنب الخسائر الكبيرة.
أوضح رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، أن شركات الدواء يجب أن تقبل %2 فقط كمرتجعات وفقاً للقانون، الإ إنها فى أغلب الأحيان ترفض، وأن هناك نوعية معينة لا يمكن للشركات استبدالها نهائياً.
أشار إلى أن حجم الأدوية منتهية الصلاحية بالسوق المصرية بلغ أكثر من 500 مليون جنيه، خلال العام الجاري، وأن الأزمة تتفاقم بمرورالأيام نتيجة مجاملات وزارة الصحة لشركات الدواء على حساب المواطنين وأصحاب الصيدليات.
أكد أن حجم الأدوية منتهية الصلاحية فى الصيدليات المصرية لا تتعدى %4 على مستوى الجمهورية، ولكن المشكلة فى تراكم الأدوية وعدم قبول الشركات لهذه المرتجعات.
أوضح أن وفقاً لقرار 11 لعام 2011، تقع على الوزارة مسئولية إعدام جميع الأدوية منتهية الصلاحية بالتعاون مع الشركات التى تسترد مرتجعاتها لما تشكله من خطورة على الأمن القومى وصحة مواطنيه، موضحاً أن عملية الإعدام لابد أن تتم فى محارق معينة خاصة بالوزارة، وأن هناك بعض الأدوية التى تحتوى على مواد بيولوجية مثل ادوية السرطان والأمصال واللقاحات، لابد أن تحرق فى محرقة واحدة متوفرة بالسويس، لأن طريقة إعدامها تمثل خطورة بالغة على المواطنين
وأكد فاروق أن نقابة الصيادلة مصممة على إجبار وزارة الصحة الضغط على الشركات لقبول كل مرتجعات الصيدليات دون تحديد نسبة معينة كما كان يحدث، قائلاً إن أعضاء النقابة وأصحاب الصيدليات ستبدأ تصعيد الموقف 12 نوفمبر المقبل والاعتصام داخل مقر الوزارة حال رفض الوزارة الموافقة على مطلب النقابة.
من جانبه، قال أسامة رستم، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء، والعضو المنتدب لشركة ايبيكو، إن موضوع مرتجعات الدواء بحث العام الماضى مع نقابة الصيادلة، وتم الاتفاق على ما يسمى بـ «غسيل السوق»، بما يعنى قبول الشركات لكل المرتجعات منتهية الصلاحية لمدة عام كامل انتهى مارس الماضي، شريطة الزام الصيادلة بعد انتهاء المهلة بتحديد الكمية التى تناسبه فقط من كل دواء للحد من المرتجعات.
أكد رستم أن هناك عدداً من الشركات تقبل المرتجعات، وأن شركة «ايبيكو» على سبيل المثال تقبل الأدوية منتهية الصلاحية بعد فحص المرتجعات والتأكد أنها من تصنيع الشركة، وان يتم الترجيع من خلال الموزعين المعتمدين أو الشركات التابعة لها، مشيراًً إلى أن كل شركة لها سياسة خاصة بالمرتجعات، ولا يوجد قانوناً ينظم هذه الأمور التجارية البحتة، وأن إثارة الأزمة فى هذا الوقت يستهدف التشهير بالشركات.
أعرب عن اندهاشه من استمرار أزمة المرتجعات فى السوق المصرية، مؤكدا على دور الشركات فى عدم بيع الأدوية بما تزيد على طاقة الصيدلية.
أشار إلى أن أصحاب النفوس الضعيفة من الصيدليات وراء تفشى ظاهرة تجارة الأدوية المغشوشة والمنتهية، خاصة أنهم يعلموا تماماً أن بيعها بعد انتهائها يمثل خطراً داهم على صحة المواطنين، متهماً بعض أصحاب المخازن ومندوبى الشركات بالوقوف وراء هذه التجارة التى تمثل %2 من حجم مبيعات السوق.
أكد عضو مجلس إدارة الغرفة، على أهمية مناقشة الأمر بهدوء بين الغرفة ونقابة الصيادلة للوصول إلى حل، مطالباً وزارة الصحة بإلزام الشركات بقبول المرتجعات وفقاً لقانون، بحيث لا تتعدى النسبة %2 من حجم مسحوبات الشركة السنوية.
أضاف أن الشركات عليها الالتزام بتوريد أدوية للصيدليات وفقاً لطاقتها، وأن تعلن سياسة قبول المرتجعات بكل شفافية وعلى الصيدليات الالتزام بها، مشيراً إلى أن المشكلة الكبرى للصيدليات تكمن فى الدواء المستورد التى لا يقبل مرتجعاتها.
وفى ذات السياق قال إن الأدوية المنتهية لابد أن تعود للشركات وان يصدر بها محضر إعدام بمعرفة وزارة الصحة، موضحاً أن اتهام الصيدليات لوزارة الصحة بعدم التفتيش على الصيدليات منذ ثورة يناير على درجة كبير من الصواب، خاصة أن الفترة الماضية تشهد حالة عدم استقرار أمنى أثر على كل النشاطات.