صلاح الشرقاوى: الظروف الاقتصادية المتدهورة تهدد بانسحاب الشركات الأجنبية من مصر
تحريك أسعار الدواء أقل من 10 جنيهات ضرورى لاستمرار الإنتاج وتفادى اللجوء للبدائل مرتفعة الثمن
%20 تراجعاً متوقعاً فى إنتاج الدواء 2013 نتيجة للأحداث الجارية.. و%13 نمواً للمبيعات
التأمين الصحى حل أساسى لحماية الملكية الفكرية للشركات وحقوق المريض
أكد صلاح الشرقاوى، نائب رئيس مجلس إدارة «نوفارتس – مصر»، أن وضع قوانين وقواعد واضحة لتسجيل وتسعير الدواء بدلاً للأنظمة الحالية، سيجعل القطاع أكثر جذباً للاستثمار، وهو ما سوف يشجع رجال الأعمال على الدخول فى المجال الدوائى بكل قوة، مشيراً إلى أن الأرباح المناسبة والأمن من أهم عوامل جذب الاستثمارات.
أوضح الشرقاوى، أن القطاع الدوائى يعانى ثلاث مشاكل رئيسية تعرقل نموه بشكل سريع وتعوق ضخ استثمارات جديدة، يأتى على رأسها التسعير المتدنى للمستحضرات، والتى لم تتحرك أسعارها منذ أكثر من 10 سنوات، وبطء عمليات التسجيل التى تستغرق مدد تزيد على 3 سنوات، إضافة إلى عدم وجود ما يضمن حماية الملكية الفكرية للأدوية المبتكرة.
أشار إلى أن تسعير الدواء وتسجيله هما أبرز المشاكل فى القطاع، باعتبارهما المحددين لتصنيع الدواء، وأن اغلب المشاكل التى يشهدها القطاع تترتب عليهما، مشيراً إلى أن القطاع الدوائى كان أكثر المتضررين من زيادة سعر الصرف نتيجة ارتفاع أسعار الخامات المستوردة وثبات أسعار الدواء.
قال الشرقاوى إن تحريك أسعار الدواء أصبح وصمة سيئة يخاف منها الجميع رغم زيادة أسعار جميع السلع غير الأساسية، مؤكداً أهمية الاستجابة لطلب غرفة صناعة الدواء بتحريك أسعار الأدوية اقل من 10 جنيهات لمساعدة الشركات على استمرار الإنتاج، والتوسع فى تصنيع الأدوية الجديدة والمبتكرة، باعتبار ذلك يجنب المريض اللجوء للأدوية مرتفعة السعر حال عدم توفر الرخيصة.
أضاف أن وزارة الصحة يمكنها انتهاج آلية جديدة لتحريك أسعار الدواء، من شأنها مطالبة الشركات بتحديد %10 فقط من أدويتها التى تحتاج لتحريك أسعارها، موضحاً أن هناك عدداً كبيراً جداً من الأدوية لم تتحرك أسعارها منذ أكثر من 10 سنوات، فى ظل الارتفاع المستمر فى تكاليف الإنتاج، وأن الشركات الأجنبية مثل المحلية تحوى بين صفوفها أدوية كثيرة تكبدها خسائر.
وفيما يخص التسجيل طالب الشرقاوى، بضرورة صياغة وزارة الصحة نظاماً واضحاً يضمن وصول الدواء الحديث والمبتكر بأسرع وقت ممكن وبسعر مناسب، بحيث يسجل الدواء المهم المبتكر بالآلية السريع «فست تراك»، فى مدة لا تزيد على 6 أشهر، على آلا يزيد تسجيل الدواء العادى فى مدة أقصاها 18 شهراً.
أكد الشرقاوى، أن من المهم فى نظام التسجيل السريع وضوح امكانية التطبيق الفعلى وآلية تنفيذه واقعيا، وأن النظام الجديد الذى عرضته وزارة الصحة على الشركات جيد من الناحية النظرية.
فى ذات السياق، أشار الشرقاوى إلى أن شركات الدواء الأجنبية والخاصة العاملة فى السوق المصرية تساهم فى تحقيق قدر كبير من العدالة الاجتماعية مثل قطاع الأعمال، حيث توفر الدواء للمريض بجودة عالية وكفاءة وسعر مناسب، موضحاً أن مصطلح السعر المناسب لا يعنى بالضرورة الرخيص، إنما مناسبته للمنتج والمريض على حد سواء، حتى يتمكن من توفير الدواء الجديدد والمبتكر بسعر فى متناول المريض.
أكد أن سعر الدواء فى مصر يعد من الأدنى على مستوى العالم، وإن نوفارتس مصر على سبيل المثال تقدم أرخص الأدوية مقارنة بأسعارالشركة العالمية فى الدول الأخرى.
فى سياق متصل قال إن المنظومة الصحية والقوانين المتبعة فى مصر لا تضمن حماية الملكية الفكرية للأدوية المبتكرة وان القوانين الحماية موجودة دون تطبيق فعلى، موضحاً أن مصر موقعة على معاهدة حفظ وحماية الملكية الفكرية دون تنفيذها.
أوضح أن الحل الأساسى لحماية الملكية الفكرية للشركات دون الإخلال بحقوق المريض فى توفير دواء مناسب وبسعر اقتصادى، هو تطبيق نظام التأمين الصحى بحيث تدعم الدولة فرق السعر من خلال تعاونها مع الشركات، وأن الادوية المبتكرة مكلفة جداً وهناك حدود عالمية لأسعارها ولا يمكن تخفيضها عن الدول المجاورة.
أضاف أن الشركات الأجنبية فى مصر تحصل على حماية الملكية الفكرية من وزارة البحث العلمى، وبمقتضى هذه البراءة تأخذ موافقات بعدم السماح لأحد من الشركات إنتاج هذا الدواء لمدة 20 سنة من تاريخ اكتشاف الخامة الدوائية، أى ما يعادل 10 سنوات من تاريخ إنتاج الدواء، موضحاً أن ما يحدث عكس ذلك تماماً ولا تتوفر حماية للملكية الفكرية وتتساوى بالأدوية الأخرى.
لفت إلى أن الأدوية المبتكرة تدخل السوق المصرية بعد نحو 3 إلى 5 سنوات من إنتاجها فى الأسواق العالمية، رغم أهميتها فى علاج الأمراض الجديدة، موضحاً امكانية اقتصار هذه المدة من خلال تسجيل أهم هذه الأدوية بآلية التسجيل السريع، خاصة سبق تسجيلها بنفس الآلية فى الدول الأخرى.
طالب الشرقاوى بضرورة وضع نظام خاص لإدخال الأدوية ذات الأهمية القصوى للأمراض المستعصية بأسرع وقت، مشيراً إلى أن ادوية السرطان تسجل فى مصر بآلية التسجيل السريع نظراً لأهميتها.
كما انتقد الشرقاوى القواعد المتبعة فى المنظومة الصحية التى لا تساعد على تحجيم ظاهرة الدواء المغشوش، حيث لا توجد عقوبات رادعة، مطالباً وزارة الصحة بتفعيل القانون وتشديد الرقابة لمحاصرة هذه الظاهرة.
طالب الشرقاوى بإنشاء هيئة مستقلة للدواء المصرى تضم أطراف المنظومة الدوائية بالكامل وتتبع رئاسة الوزراء مباشرة، وتساهم فى حل كل المشكلات التى تواجه القطاع، وأن توجد هذه الهيئة داخل منظومة التأمين الصحى الجديد حتى تسهم فى نهوض القطاع.
فى سياق متصل، قال إن تدهور الظروف الاقتصادية فى الفترة الأخيرة أجبرت بعض الشركات العالمية بالسوق المصرى على التفكير فى الانسحاب، خاصة التى لا تملك مصانع، مضيفاً أن الشركات العالمية تضع جميع الاحتمالات باعتبارها كيانات استثمارية فى النهاية.
أشار إلى أن نوفارتس مصر لا يمكن استبعادها أو غيرها من فكرة الانسحاب من السوق المصرية حال تدهور الاوضاع الاقتصادية والأمنية، وأنها إذا رأت الشركة العالمية أن الوضع لا يسمح بالاستمرار وارد جداً أن تغلق مصانعها فى مصر وتحولها إلى مكتب علمى.
وأكد الشرقاوى أن نوفارتس مصر مرت بأزمات كبيرة منذ دخولها السوق المصرية عام 1962 وشهدت حربى 1967 و1973، ولو كان لديها النية فى الانسحاب كانت وقتها الظروف مواتية ولكنها لديها قدرة عالية على تحمل الظروف الصعبة.
أضاف أن الشركات الأجنبية الأم لديها قدرة عالية على تحمل فروعها فى مصر بدرجة أكبر من المحلية، وفى ظل تدهور الظروف الاقتصادية التى تعانيها مصر فى الشهور الأخيرة، استمرت الشركات الأم فى توريد الخامات الدوائية اللازمة والأدوية المستوردة فى موعدها.
ودلل الشرقاوى على كلامه مستشهداً بأن الادوية الناقصة فى السوق المصرية والتى تفاوتت أعدادها الفترة الماضية، كانت من إنتاج الشركات المحلية فى حين التزمت الأجنبية بتقديم خدماتها العلاجية للمريض المصرى وفقاً لالتزام الشركات العالمية تجاها مريضها وإصرارها على توفير الدواء مهما كانت الظروف.
وعن تأثير الأحداث الجارية فى الشارع المصرى من أعمال عنف وإرهاب على القطاع الدوائى، قال إن القطاع تأثر بشكل كبير وتراجع الإنتاج بنسبة تصل إلى %20 واهتزت المبيعات واختفت بعض الأدوية، ,وهو ما شهدته الشهور الماضية من حرمان الشركات المحلية من تسهيلات الموردين للمواد الخام التى كانت تمنح الشركات المواد الخام بنظام الدفع بالآجل، وتتعنت فى الوقت الحالى لدفع الشركات %90 من قيمة الخامات قبل بدء عملية الشحن، مما سبب مشاكل كبرى للشركات فى ظل عدم توفر السيولة من العملة الأجنبية.
و أشار الشرقاوى إلى أن السوق الدوائى يشهد نمواً سنوياً فى المبيعات يصل إلى %13، رغم زيادة الإنتاج بنسبة %2 فقط، مرجعاً السبب إلى اتجاه المرضى إلى استهلاك الادوية مرتفعة السعر لعدم توفر الرخيصة، إضافة إلى أن تطور مراكز الرعاية الصحية يؤدى لزيادة المبيعات والإنتاج.
أوضح الشرقاوى أن رفع أسعار الأدوية الرخيصة يؤدى إلى التوازن بين نمو المبيعات والوحدات العلاجية، وهو ما يساعد عى توفير الأدوية الرخيصة بالأسواق.
من جهة أخرى، أعرب الشرقاوى عن تفاؤله من تحسن مناخ الاستثمار فى مصر مع تحسن الأوضاع السياسية.
وفيما يخص تطبيق الحد الأدنى للأجور قال الشرقاوى، إن القطاع الخاص مربوط بالإنتاج، ولا يمكن منح العامل أجراً مقابل إنتاج ضعيف، مطالباً القطاع الخاص بالحرص على الشفافية والعدل فى توزيع الأرباح، وأن ربط العمل بالإنتاج الجيد قد يصل بالعامل إلى راتب أعلى من 1200 جنيه.
وعن تقييمه لحكومة الدكتور حازم الببلاوى، قال إن الوقت مازال مبكراً للحكم، وأنها تعمل فى ظروف صعبة، وأن هناك تقدماً أمنياً ملحوظاً والوضع أصبح يدعو للتفاؤل أكثر من السابق، مطالباً منح الحكومة مهلة لانتهاء المرحلة الانتقالية.