«جوهر»: 30 يونيو نقطة تحول إيجابية لمناخ الاستثمار.. والخليج سيلعب دور البطولة فى موجة النمو المقبلة
مخاطر سعر الصرف وانعدام الرؤية والنزاعات القضائية مع المستثمرين أبرز مخاوف الاستثمار
قال هشام جوهر، العضو المنتدب لبنوك الاستثمار بمجموعة “سى آى كابيتال” إن أحداث 30 يونيو جاءت نتيجة غضب شعبى من سوء وتدهور الأحوال الاقتصادية فى البلاد من أزمات الخبز والوقود ومخاوف ضخ استثمارات جديدة فى البلاد، إلا أن الوضع بعد الثورة أصبح أفضل بدعم عدد من الحكومات والمؤسسات العربية للثورة الجديدة وترجم هذا بارتفاع التصنيف الائتمانى للبلاد من قبل S&P إلا ان الوضع بعد الثورة أصبح أفضل، وأكد جوهر فى حوار لـ «البورصة» أن رؤية المستثمرين العرب والأجانب للسوق المصرى أصبحت متفائلة وهو ما لمسته “سى أى كابيتال” خلال الشهور القليلة الماضية، حيث طلب منها لعب دور المستشار المالى للعديد من الصفقات الكبيرة بتكليف من مستثمرين خليجيين.
وشدد جوهر على أهمية عودة مصر على الخريطة الاستثمارية العالمية، حيث لديها مقومات عديدة تجعل منها فرصة استثمارية واعدة لأى مستثمر فى ظل ما يتمتع به من تعداد سكانى كبير فهى من أكبر سوق استهلاكى فى الشرق الأوسط، ويمتاز بمعدلات طلب مرتفعة من شأنها ضمان نجاح أى فرص استثمارية فى القطاعات الاستهلاكية، كما أن معدلات الطلب من المتوقع أن تزيد سنوياً إلى أن تصل بعد 4 سنوات إلى مستوى مرتفع جداً، حيث يحتل الشباب تحت سن الـ25 نحو %50 منه وهو ما يجعل نمو الطلب مضموناً، وبالتالى تحقيق أى استثمار فى القطاعات الاستهلاكية نمواً مستدام فى المبيعات وبالتبعية فى الأرباح.
أضاف أن الموقع الاستراتيجى لها يجعلها دوماً محط أنظار المستثمرين خاصة مع انخفاض تكلفة العمالة بها على عكس دول أوروبا، وبالتالى فإن العوائد المتوقعة من الاستثمار فى السوق المصرى تفوق المخاطر والتحديات التى يعانى منها.
ولخص العضو المنتدب لبنوك الاستثمار بسى آى كابيتال المخاطر التى يخشاها أى مستثمر مقبل على الاستثمار بمصر فى خمسة تحديات، الأول مخاطر سعر الصرف والتى شهدت مؤخراً استقراراً فى أسعاره، لكن يمكن للمستثمر محاولة التغلب عليها وعدم الوقوف أمامها كعقبة إما من خلال الاستثمار فى شركات تقوم بالتصدير، وبالتالى تستطيع توفير العملة الصعبة وموازنة انخفاض سعر صرف الجنيه المصري، وإما بالاستثمار فى شركة أو قطاع يقبل بتحميل زيادة التكاليف الناتجة عن ارتفاع سعر الصرف على المستهلك النهائي، مشيراًً إلى أن الأغذية من أكثر القطاعات قابلية لتحريك سعر البيع، وبالتالى يكون المستثمر قد نجح بذلك فى التغلب على مخاطر سعر الصرف.
أما التحدى الثانى فيتمثل فى السياسات والقوانين المنظمة للاستثمار والتى سيتبعها من خلال توافر سياسات واضحة لكل من سعر الفائدة والطاقة والضرائب، وليس من الضرورى أن تكون أسعار الطاقة أو الفائدة وغيرها منخفضة لكن يشترط المستثمر أن يكون على علم بمخاطر ومستقبل كل منها حتى يضع تلك المخاطر فى تقييماته، وهو ما يستلزم وجود خطة معلنة تجاه تلك الأمور من قبل الحكومة.
ويرى جوهر أن الحكومة الحالية تلعب دوراً مهماً وجيداً تجاه طمأنة المستثمرين وشرح توجهاتها فى مثل تلك الملفات المهمة، وانها نجحت فى تحجيم مشكلة انعدام الرؤية من خلال تواصلها المستمر مع المستثمرين الخارجيين، الأمر الذى من المفترض أن يسهم فى وصول مناخ الاستثمار المصرى إلى مرحلة الاستقرار قريباً.
أما التحدى الثالث فهو تحديد المشاكل التى تواجه كل قطاع على حدة أثناء تقييمه لكل من القطاع والشركة التى يرغب المستثمر فى الدخول بها وتحديد التحديات التى تواجهها وفرص النمو التى تقابلها.
ويتمثل التحدى الرابع فى الانطباع السيئ الذى تركته الحكومة السابقة بشأن فسخ عقودها مع رجال الأعمال ومقاضاتهم على صفقات مر عليها سنوات، مؤكداً أن القلق ما زال يسطر على المستثمرين العرب والأجانب من الدخول فى مشروعات جديدة مع الحكومة المصرية.
أما عن المشكلة الخامسة، فتكمن فى مخاوف استمرار الاضطرابات بالشارع المصرى، خاصة مع عدم وجود رئيس دائم للدولة وبرلمان.
ويرى جوهر أن ارتفاع مخاطر الاستثمار الحالية والناتجة عن تلك التحديات تعد فرصة لأى مستثمر وتؤخذ هذه المخاطر فى الاعتبار، حيث تمثل عامل ضغط قوياً على تقييمات الصفقات، وهو ما يجعل اقتناص الفرص فى الوقت الراهن فرصة ذهبية لن تعوض مستقبلاً، كما أن العوائد المفترض تحقيقها منها ستكون مرتفعة جداً مقارنة باقتناص فرص مماثلة فى أسواق مستقرة والتى ستتراجع حينها معدلات المخاطرة ما سيرفع أسعار التقييمات كثيراً، وهو ما برر به جوهر قابلية المستثمر سواء المحلى أو الخارجى للتغاضى عن تلك المخاطر والاقبال بجدية على الاستثمار فى مصر، الأمر الذى ظهر بوضوح مؤخرا فى ساحة الصفقات كما ان العديد من بنوك الاستثمار تجرى حالياً استعدادات لصفقات جديدة.
وفى المقابل، لم يشكك جوهر فى وجود مستثمرين مازالوا يفضلون انتظار تراجع معدلات المخاطرة لدخول السوق المصري، حتى إن كان ذلك على حساب ارتفاع تكلفة الاستثمار.
ولفت جوهر إلى أنه من المعروف عن البورصة أنها تسبق الأحداث بنحو ستة أشهر، وباعتبارها مؤشراً لتقييم الصفقات فإن صعودها بشكل قوى خلال الفترات الأخيرة يبشر بتعافى معدلات المخاطرة المرتفعة على المدى المتوسط، ومن ثم انتعاش أسعار الصفقات، مشيراًً إلى أنه مع انتهاء كل مرحلة من مراحل خارطة الطريق ستنخفض معدلات المخاطرة تدريجياً، لذا نصح باستغلال الفجوة المتبقية بين أسعار العرض والطلب فى الصفقات قبل أن تتلاشى مع تحسن الأوضاع الاقتصادية.
وذكر العضو المنتدب لبنوك الاستثمار بسى آى كابيتال عدة عوامل من شأنها دفع عجلة الاقتصاد المصرى للنمو خلال الفترة المقبلة، أهمها انخفاض مخاطر الدين المصرى والتى ستعزز قدرة الشركات على الاستيراد، وأيضاً تراجع أسعار الفائدة خاصة على أذون الخزانة المصرية، ما سيضطر البنوك إلى التراجع عن سياساتها الحذرة بضخ معظم أموالها فى الأذون وإعادة التركيز مرة اخرى على التوسع فى الاقراض، الأمر الذى سيؤثر بشكل ايجابى ومباشر على توسعات الشركات فى مختلف القطاعات الاقتصادية، فستتمكن من الحصول على التمويل اللازم لانهاء مشروعاتها والدخول فى مشروعات واستثمارات جديدة من شأنها دعم الاقتصاد.
وأضاف جوهر أن الاقتصاد العالمى يتحسن بصورة ملحوظة خاصة أمريكا وهو ما ينعكس ايجابياً على معدلات السيولة بالعديد من الدول وبشكل خاص الخليج، والتى تحتاج هى الأخرى إلى توزيع استثماراتها وتنويعها، وتأتى مصر ضمن أكثر الدول المفضلة لاستثماراتها كونها أكبر سوق استهلاكى فى منطقة الشرق الأوسط، كما توجد ارتباطات اجتماعية تضع مصر على صدارة خارطة استثمارات الدول ذات الفائض، الأمر الذى سيمثل دفعة جديدة للاقتصاد المصرى.
وشدد جوهر على أن المستثمرين العرب والأجانب على يقين بأن مصر لن تنهار وأن مرحلة التعافى على وشك القدوم حتى إن تأخرت قليلاً بسبب الاضطرابات الحالية، مضيفاً أن وجود رؤية واضحة وخطة محكمة من قبل الحكومة أهم متطلبات التعافى.
ونوه بأن معدلات النمو القوية التى شهدها الاقتصاد المصرى بدءاً من عام 2005 وحتى الأزمة المالية العالمية كانت مدعومة باستثمارات دول الخليج، ومن المتوقع أن تؤدى تلك الاستثمارات نفس الدور فى الموجة المقبلة من النمو، والمتوقع أن تبدأ قريباً.
وأكد امتلاك مصر جميع المقومات التى تؤهلها لريادة الدول النامية والمنطقة بأكملها، لكن عدم استغلال تلك المقومات من جميع النظم التى حكمت البلاد يجعل الاقتصاد المصرى «محلك سر»، ويرى أن أبرز الدول المنافسة حالياً للاقتصاد المصري، البرازيل والهند وباكستان والصين وأن هذه الدول لا تتفوق فى مقوماتها على السوق المصرى بشىء سوى العمالة والانتاج، مشدداً على ضرورة وضع تلك الدول كهدف رئيسى أمام الحكومة المصرية للوصول إليه.