مع إعلان الحكومة على لسان أسامة صالح، وزير الاستثمار نيتها سن تشريع لحماية المراكز القانونية الناتجة عن بيع شركات قطاع الأعمال لابد ان يشمل هذا التشريع كل عقود الاستثمار وليس الخصخصة فقط.
ومراجعة بسيطة للدعاوى المتداولة بالمحاكم فى مصر بشأن عقود أبرمتها الدولة أو أراض قامت بتخصيصها أو أى تعاقدات ستكشف أن هناك فوضى وإساءة فى استخدام حق اللجوء للقضاء الذى تحول إلى «سبوبة» يتعيش منها البعض ويتم استخدامها لأغراض سياسية وتصفية حسابات بين أصحاب المصالح دون سند أو دافع حقيقى لرفع الدعوى التى يتم تصنيعها لتتلقفها وسائل الإعلام وتبدأ عملية تشويه منظم للأشخاص والقرارات وتوظيف الدعوى بما يخدم من وراءها.
وتلك العشوائية والفوضى فى التقاضى لا تصيب أطراف القضية فحسب، بل تسهم فى مزيد من التشويه لمناخ الاستثمار فى بلد تعقد المؤتمرات وتسعى شرقاً وغرباً طلباً للاستثمار العربى والأجنبي.
ولا يمكن لأحد المطالبة بمساندة أو حماية فساد أى شخص أو جهة ولكن ما يجرى فى غالبية الدعاوى المتداولة ظاهرها الوطنية وحماية أموال وأصول البلاد وباطنها الجهل أو العمد للتشويه وتحقيق مآرب خاصة وتصفية حسابات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بحماية الأموال العامة ومحاربة الفساد.
ولست خبيراً قانونياً لكن لابد ان يكون هناك وسيلة لوقف مهاترات التقاضى فأى شخص يمكنه ان يدعى بأى شىء تحت دعوى حق اللجوء للقاضى الطبيعى وتحديد جلسة لنظر الدعوى وحتى لو تم رفض الدعوى فالغرض من التشويه غالباً ما يكون قد تحقق بالتشويه ونشر تفاصيل تصل فى أحيان كثيرة لمستوى الخرافات وحكايات ألف ليلة وليلة ومع احترامى للقانون والقانونيين لابد ان يكون هناك طريقة لتقييم جدية الاتهامات قبل أن يتم قبولها كدعوى قضائية.
ولابد أن اعتذر لزميلى مصطفى صلاح لعدم نشر الخبر الذى دفعنى للكتابة عن فوضى التقاضى بتحديد جلسة منتصف الشهر المقبل لنظر دعوى بطلان استحواذ بنك قطر الوطنى على الأهلى سوسيتيه جنرال.
وتداول تفاصيل الخبر الخاص بالدعوى كفيل بتبديد جهود تشجيع الاستثمار وتحويلها إلى مجرد تصريحات فى الفضاء الخارجى فالدعوى تتضمن أن عملية بيع البنك تضر الأمن القومى والاقتصاد المصرى لما يحتويه على حسابات حكومية وجهات سيادية وكأن مقيم الدعوى وهو بالمناسبة «محام» لا أعرفه نصب من نفسه قائماً بأعمال الجهات السيادية والتنظيمية من بنك مركزى ومختلف الجهات الأمنية التى يتم استطلاع رأيها فى مثل هذه الصفقات ولكن كل هؤلاء من وجهة نظر مقيم الدعوى لم يقوموا بعملهم.
والطريف ان مقيم الدعوى لم يذكر من قريب أو بعيد أن مالك الحصة الرئيسية فى البنك وصاحب قرار البيع هو بنك سوسيتيه جنرال الفرنسى واذا به يقوم بعمل مخابراتى بالكشف عن علمه بترتيب الصفقة بواسطة الرئيس السابق محمد مرسى واتفاق التنظيم الدولى للإخوان والمخابرات التركية.
ولم يفت مقيم الدعوى ان يخالف قانون سرية حسابات البنوك بالإدعاء بأن الصفقة ستضر بأمن الدولة لوجود حسابات لكثير من ضباط الشرطة والقوات المسلحة بالبنك ورغم أن ذلك لا علاقة له من قريب أو بعيد بالاضرار بأمن الدولة إلا أن السؤال يظل من أين وكيف عرف سيادته أن ضباط الشرطة والقوات المسلحة لهم حسابات بالبنك.. ألا يعتبر ذلك يستحق المساءلة حول كيفية حصوله على هذه المعلومات السرية الخطيرة من وجهة نظره؟!.
وبالطبع قام مقيم الدعوى بدور رئيس هيئة الرقابة المالية وأكد مخالفة سعر عرض شراء البنك
لقواعد السوق.
ورغم وجود محاكم اقتصادية خاصة بالشئون المالية والتجارية وما يتعلق بالاستثمار نجد أن غالبية الدعاوى يتم التحايل بشأنها لرفعها أمام محاكم مثل القضاء الإدارى أو الجنائى وهو ما يستلزم تعديلاً يحيل جميع الدعاوى التى تتعلق بالشئون الاقتصادية للمحاكم الاقتصادية وأن تكون هناك غرف قضائية داخل المحاكم لتوجيه تلك الدعاوى للمحكمة الاقتصادية حال جديتها.
ومع كامل الاحترام لاستقلال القضاء فالفوضى الحالية تحتاج لإعادة تنظيم شامل للمنظومة القضائية أو حتى نسفها بالكامل فمن العبث أن نظل نقدس ما يضرنا وفارق كبير بين احترام القضاء وتقديس إجراءات وتنظيم وقوانين تهدم أى بناء لمستقبل البلاد. Email: [email protected]








