الأباصيرى: المستثمرون على استعداد للمساهمة فى صندوق تعويم المصانع بشرط آلية واضحة للتنفيذ
18 مليون دولار منح الاتحاد الأوروبى لمركز تحديث الصناعة غير مستغلة فى تدريب العمالة
177 مليون جنيه قيمة بضائع نسيجية مهربة من المنطقة الحرة ببورسعيد
«الأباصيرى»: أزمات السولار المتكررة وراء انخفاض إنتاجية بعض المصانع إلى %30
عدم استكمال أعمال الترفيق عطل مشروعاً للملابس الجاهزة بتكلفة مبدئية 10ملايين جنيه
سرقة محولات الكهرباء بالمنطقة الصناعية الثانية.. واللجوء إلى العرب والخفر لحماية المنشآت من البلطجة
استمرار تدهور أوضاع قطاع الصناعات النسيجية يهدد حجم الصادرات عام 2014
تواجه المناطق الصناعية بمدينة 15 مايو العديد من المشاكل أهمها عدم استكمال أعمال ترفيق الأراضى، مشاكل الطاقة، وضعف التواجد الأمنى بالإضافة لعدم وجود عمالة فنية مدربة، خاصة فى مجال الصناعات النسيجية.
أجرت «البورصة» حواراً مع عبدالغنى الأباصيرى، نائب رئيس جمعية مستثمرى مدينة 15 مايو وعضو غرفة الصناعات النسيجية، للوقوف على أبرز المشاكل التى تعانيها المصانع فى تلك المدينة.
قال الأباصيري، إن المنطقتين الصناعيتين بالمدينة تعانيان أزمة كبيرة فى الطاقة، حيث تعتمد المصانع على السولار فى تشغيل جميع الماكينات بسبب عدم إمدادها بالغاز الطبيعى حتى الآن، الأمر الذى يتسبب فى التوقف التام للمصانع حال حدوث أزمة فى المواد البترولية، مشيراً إلى أن المصنع الواحد يستهلك متوسط 8000 لتر فى اليوم الواحد.
أوضح الأباصيرى، أن أزمة الطاقة التى تعانيها المناطق الصناعية تسببت فى خفض الطاقة الإنتاجية لبعض المصانع إلى %30، والباقى لا يتعدى %60 فقط.
أوضح أن الجمعية طالبت أكثر من مرة بأن تكون هناك آلية واضحة لإمداد المصانع بالمواد البترولية من خلال تفعيل نظام الكروت الذكية أو تخصيص حصة محددة لكل مصنع من قبل الهيئة العامة للبترول، ولكن لم تتم الاستجابة لأى من تلك المطالب.
أضاف أن هذه الأزمة فى المواد البترولية تتسبب فى لجوء أصحاب المصانع إلى السوق السوداء، مشيراً إلى أن الزيادة فى سعر لتر السولار قد تصل فى أوقات الأزمات إلى الضعف، مشيراً إلى أن هذا يضعف قدرة المصانع التى تعمل بالسولار على المنافسة، خاصة أمام منتجات المصانع التى تعمل بالغاز الطبيعى بسبب ارتفاع سعر التكلفة، مشددا على أهمية رفع الدعم عن المواد البترولية للنشاط الصناعى بشكل تدريجى بشرط توفرها بكميات كافية.
أشار إلى معاناة المدينة من الانعدام الأمنى فى المنطقة، ولجوء أصحاب المصانع إلى العرب والخفر لحماية تلك المصانع على نفقتهم الخاصة، مشيراً إلى أن محولات وكابلات الكهرباء فى المنطقة الصناعية الثانية سرقت بالكامل، الأمر الذى لا يمثل مناخاً استثمارياً جاذباً أو ملائماً لأى من المستثمرين المصريين أو الأجانب، موضحاً أن الانفلات الأمنى يعد سبب الركود الذى يعانيه السوق المحلى بنسبة %90، فضلاً عن زيادة الأسعار وارتفاع الدولار أمام الجنيه.
وأضاف الأباصيري، أن من ضمن المشاكل التى تواجه المستثمرين فى المناطق الصناعية بمدينة 15 مايو، صعوبة استخراج تراخيص التشغيل وتجديدها سنوياً بسبب تعنت بعض الجهات الرقابية خاصة الدفاع المدني، بالإضافة إلى خضوع تلك المصانع للتفتيش من قبل ما يزيد على 23 جهة رقابية، الأمر الذى يعد تعسفاً ويعطل استخراج التراخيص ويعرض المصانع فى الكثير من الأحيان للتوقف التام.
وطالب الأباصيرى بضرورة التساهل مع المستثمرين، مقترحاً تجديد رخصة التشغيل على الأقل كل خمسة أعوام وليس سنوياً، لافتاً إلى أن التعسف فى تجديد تلك التراخيص يعطل الإنتاج ويصعب عملية استيراد المواد الخام التى تشكل حوالى %60 من مستلزمات التصنيع.
أوضح أن هناك مشروعاً جاهزاً لمصنع غزل ونسيج وملابس فى المنطقة الصناعية الجديدة فى مدينة 15 مايو، بتكلفة استثمارية مبدئية لا تقل عن 10 ملايين منذ أكثر من عام، لكنه معطل بسبب عدم استكمال أعمال المرافق حتى الآن، موضحاً أن ذلك يعد خسارة للمستثمر وللدولة.
وشدد الأباصيرى على ضرورة أن توفر الحكومة الأراضى المرفقة لتحفيز المستثمر، وهو ما يسهم بدوره فى الحد من البطالة، لافتا إلى أن عدم وجود خطة واضحة لدى الدولة لجذب المستثمرين تسبب فى هروب الكثيرين من السوق المصري، خاصة السوريين الذين خسرت مصر معظمهم بسبب عدم تقديم حوافز كافية، وعدم توفير الأراضى المرفقة، موضحا أنهم تقدموا للحصول على أراض فى مدينة 15 مايو، ولكن الأراضى المتوفرة كانت غير كاملة المرافق.
واعترض الأباصيرى على قانون الصناعة الجديد الذى تسعى هيئة التنمية الصناعية إلى إقراره، الذى ينص على طرح الأراضى الصناعية بنظام حق الانتفاع لمدة 49 عاماً بنظام المطور الصناعي، مشيراً إلى أن ذلك يعد نظاماً غير مشجع للمستثمر ولا يضمن استمرارية المشاريع طويلة الأجل، مطالباً بضرورة عودة دور الدولة فى ترفيق الأراضى وطرحها بأسعار مناسبة للمستثمرين كعامل للتحفيز.
وأضاف الاباصيرى أن وجود المستثمرين السوريين فى قطاع الصناعات النسيجية كان بإمكانه أن يضاعف الصادرات المصرية فى هذا القطاع.
ولفت إلى أن حجم الصادرات لقطاع الصناعات النسيجية لعام 2013 بلغ 2 مليار دولار فقط، منها %75 للسوق الأمريكى و%25 فقط للسوق العربى وهى نفس نسبة للعام الماضي، مشيراً إلى أن هذا العام دخل للسوق المصرى حوالى 35 مصنعاً سورياً جميعها تصدر منتجاتها، بما يعنى أن حجم الصادرات المصرية انخفض هذا العام وكان يجب أن يزيد على 2 مليار بعد دخول الاستثمارات السورية.
واستبعد الأباصيرى كذلك أن تترجم المنح الخليجية لاستثمارات ومشاريع على أرض الواقع فى ظل هذه الأوضاع غير المستقرة والبيروقراطية والروتين الذى تعانيه منظومة الاستثمار فى مصر، بالإضافة لعدم وجود آلية واضحة لطرح وتسعير الأراضى أو رؤية لمستقبل الصناعة والاستثمار للسنوات الخمس المقبلة على الأقل.
وأضاف الأباصيري، أن الصناعات النسيجية بشكل عام ومصانع المنطقة بشكل خاص تعانى نقص العمالة المدربة التى تتناسب مع احتياجات السوق العالمي، بسبب ضعف الدور الذى كانت تلعبه مراكز التدريب والمدارس الفنية.
وقال الأباصيرى، إن مركز تحديث الصناعة قبل الثورة كان قد أعد خطة واضحة فى هذا المجال لضم 27 مدرسة فنية لمشروع تأهيل الطلبة، وكانت البداية بتدريب طلبة 9 مدارس وإمدادهم بالأجهزة والمعدات اللازمة، وبدأ بالفعل تشغيل الطلبة مقابل أجر مادى وتوفير فرصة عمل بعد انتهاء فترة دراستهم براتب يصل إلى 1000 جنيه شهرياً.
وأرجع الأباصيرى سبب انهيار منظومة التعليم تماماً بعد ثورة 25 من يناير إلى ضعف دور وزارة التربية والتعليم فى الاهتمام بالتعليم الفنى وعدم حرصها على التواصل مع القطاع الخاص لإعادة تفعيل هذا المشروع الذى استمر لمدة 4 سنوات قبل الثورة وتوقف تماما الآن بعد انفاق آلاف الجنيهات عليه.
استنكر الأباصيرى كذلك تراجع دور مركز تحديث الصناعة فى إنشاء مراكز تدريب لخدمة المناطق الصناعية على الرغم من دوره الفعال فى خدمة المصانع الصغيرة والمتوسطة الذى لعبه قبل اندلاع الثورة، مشيراً إلى أن مركز تحديث الصناعة لديه منح من الاتحاد الأوروبى تصل إلى 18 مليون جنيه غير مستغلة نهائياً، الأمر الذى يؤثر على مستقبل الصناعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة فى مجال الصناعات النسيجية الذى يتطلب عمالة مدربة على درجة عالية.
وقال الأباصيرى إنه نتيجة لتلك الأزمات التى تعانيها المناطق الصناعية فى المدينة، وصل عدد المصانع المتعثرة لحوالى 26 فى مجالات متعددة فى صناعات نسيجية أو أخشاب وغيرهما، ما بين تعثرات مادية أو بسبب صعوبة استخراج التراخيص أو عدم توفر العمالة المدربة، وتتراوح تكلفة كل منها ما بين 5 و10 ملايين جنيه جميعها مهدد بالإغلاق.
وطالب بضرورة البحث عن حل فورى لمشاكل تلك المصانع، التى يتزايد عددها يومياً وضرورة تفعيل صندوق تعويم المصانع برأسمال 500 مليون جنيه، الذى كانت قد اقترحته وزارة الصناعة منذ فترة ولم ينفذ حتى الآن، مؤكداً استعداد جميع غرف اتحاد الصناعات للمساهمة فى هذا الصندوق بشرط وجود آلية واضحة لإنفاق هذه الأموال حتى لا تتأثر بتغير الحكومات.
عن مشاكل قطاع الصناعات النسيجية قال الأباصيري، إن هذا القطاع يعانى العديد من المشاكل والإهمال التام من قبل الحكومات والمسئولين وعدم اتخاذ أى قرارات لتشجيع هذه الصناعة، رغم أنه يمثل حوالى %25 من قطاع الصناعة فى مصر.
وأوضح الأباصيري، أن ما زاد أعباء هذه الصناعة الفترة الماضية وتسبب فى توقف حوالى %70 من مصانع قطاع الغزل بالمناطق الصناعية بالمحلة الكبرى والعبور و15 مايو، هو عدم وجود أى ممثل لهذا القطاع بعد تجميد غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات وتعيين لجنة من غير المختصين لتسيير أعمال الغرفة لحين الفصل فى قضية استقلال شعبة الملابس الجاهزة على أن تصبح غرفة مستقلة.
وأضاف أن اللجنة التى شكلت برئاسة المهندس فكرى عبدالوهاب، الرئيس السابق للمجلس التصديرى للصناعات الهندسية وفقا لقرار رقم 70 لوزير الصناعة السابق حاتم صالح بإنشاء غرفة ملابس جاهزة ليست على دراية بأى من مشاكل صناعة الغزل والنسيج، ولم تمثل القطاع منذ فترة تعيينها مع حكومة د. حازم الببلاوى لعرض مشاكل الصناعة ومطالب الصناع والمستثمرين بها، مشيراً إلى أن غرفة الصناعات النسيجية لجأت للقضاء للطعن على هذا القرار باعتباره يهدم الصناعة النسيجية ويخلق حالة من الصراع ليست فى صالح الصناعة أو الاقتصاد المصرين.
وطالب الأباصيرى بضرورة تعيين مجلس إدارة من 10 أعضاء مختصين فى قطاع الصناعات النسيجية لتسيير أعمال الغرفة، أو سرعة إجراء إنتخابات لتشكيل مجلس إدارة مختص لإنقاذ الصناعة المحلية.
وعن مشكلة التهريب قال الأباصيري، إنها من أخطر المشكلات التى تواجه الصناعة المحلية سواء التهريب للخامات التى تصنع فى مصر أو تهريب منتجات غير مطابقة للمواصفات، وتتسبب فى العديد من المشاكل الصحية، موضحاً أن ذلك يضعف قدرة المنتج المحلى على المنافسة فى الأسواق العالمية.
وأعرب الأباصيرى عن استيائه لدعم الدولة لصادرات منتج يستورد أكثر من %60 من مكونات إنتاجه من الخارج بنسبة %10.
واقترح أن تحدد الدولة قيمة دعم الصادرات على القيمة المضافة فقط للمنتج، مقابل دعم المنتج الذى يستخدم جميع الخامات من السوق المحلى بنسبة لا تقل عن 15 أو %20 لتشجيع الصناعة المحلية وزيادة قدرته التنافسية.
وطالب بضرورة فرض الرقابة على المنطقة الحرة ببورسعيد، حيث يدخل إلى مصر عن طريق مينائها بضائع مهربة بنحو 177 مليون جنيه سنويا، مشيراً إلى أن ذلك وراء إغلاق المصانع الكبرى فى مناطق المحلة والعبور و15 مايو، موضحاً أن المناطق الحرة الخاصة المتواجدة فى المناطق الصناعية الأخرى تشكل خطراً على الصناعة المحلية، حيث إنها السبب الأول فى تواجد مناطق بيع الأقمشة المهربة، خاصة من دول شرق آسيا مثل ماليزيا والصين والهند وغيرها.
وأضاف أن الغرفة كانت قد اقترحت قبل تجميد نشاطها أن تكون تلك المناطق الحرة تابعة لرقابة الصادرات والواردات بدلاً من الإشراف الجمركى فقط، وألا تستمر الخامات المستوردة فى السوق المحلى أكثر من 6 أشهر، لتضييق الخناق على عمليات التهريب، ولكن لم تفعل هذه الاقتراحات.
وفى سياق متصل، قال الأباصيرى، إن صناعة النسيج بشكل خاص تحتاج إلى فتح أسواق خارجية وتنظيم معارض خارجية للترويج للمنتجات المحلية لزيادة حجم الصادرات، مشدداً على أهمية دور الدولة فى تخصيص ميزانية لإقامة معارض جديدة، نظراً لارتفاع تكلفتها وعدم قدرة المصانع الصغيرة والمتوسطة على المشاركة بها.
أشار إلى أن الجمعية تتجه الآن إلى الدول الأفريقية باعتبارها سوقاً استهلاكياً كبيراً مفتوحاً على كل دول العالم، خاصة بعد غزو المنتجات الصينية السوق الخليجى بالكامل وصعوبة المنافسة هناك.