يواجه ثلاثية التضخم والاحتياطى وسعر الصرف ويعمل بأدوات محدودة ويستخدم أحد أضلاع المثلث المرهق لتدعيم بقية الأضلاع.
يفترض أن يعمل باستقلالية وفى نفس الوقت ينسق مع الحكومة حتى لا تتعارض السياستان المالية والنقدية وهو ما يبدو أن هشام رامز محافظ البنك المركزى يفعله حالياً بعد توحيد جهوده تقريبا مع الحكومة لدعم النمو.
واتبع البنك المركزى تحت رئاسة هشام رامز فى الشهور الستة الأخيرة سياسة نقدية توسعية بالرغم من ارتفاع معدلات التضخم، وقام بخفض أسعار الفائدة فى آخر مرتين لاجتماع لجنة السياسة النقدية، وهى السياسة التى ستواجه اختبارات حاسمة فى العام الجديد.
وتختلف هذه السياسة عما كان متبعاً خلال النصف الأول من العام الماضى حيث رفع البنك المركزى أسعار الفائدة فى الوقت الذى كانت معدلات التضخم أقل من نظيرتها فى الوقت الحالى بعدة نقاط مئوية، ضمن سياسته لرفع العائد على الاستثمار فى العملة المحلية التى كانت تواجه خطر الانهيار أمام الدولار.
وأول تحد يبرز أمام رامز فى العام الجديد هو عودة الجنيه للتراجع أمام الدولار مجددا بعد عام فقد خلاله %15 من قيمته الرسمية، وهو ما يضع أول العراقيل فى وجه السياسة النقدية التوسعية بسبب الارتفاع المتوقع لأسعار السلع خاصة الأساسية فى الأسواق.
ويقول محمد أبوباشا محلل الاقتصاد الكلى فى المجموعة المالية هيرمس إن البنك المركزى ليس لديه مانع مؤقتا من زيادة طفيفة للتضخم وهو ما يتسق مع السياسات الحكومية المتبعة.
ويقول أبوباشا إنه فى حالة ثبات أسعار الجنيه فإن متوسط التضخم للعام الحالى سيكون عند %8.5، لكن التضخم سيبدأ العام الجديد عند مستوى %11.5، وبتراجع فى قيمة الجنيه فى السوقين الرسمية والموازية.
وقد لا يستطيع رامز الاستمرار فى دفع البنك المركزى نحو المزيد من التوسع فى السياسة النقدية فى 2014 فى ظل تطورات المشهد الاقتصادى لمصر.
فالمرتبات الحكومية سترتفع بمعدلات كبيرة بداية من يناير الحالى وهو ما سيرفع معدلات الاستهلاك ومستويات التضخم وتعزيز الانفاق الحكومى بـ50 مليار جنيه على الأقل لتحفيز الاقتصاد سيترك مزيداً من السيولة فى السوق لن يكون من الممكن تجاهلها.
ويواجه البنك المركزى حالياً فوائض السيولة الكبيرة فى البنوك ويسحبها عبر حث البنوك على الاستثمار فى ودائعه وهو ما قد يجعل من تخفيض الفائدة للمرة الرابعة أمراً صعب التحقق.
ومن التحديات التى يتعين على رامز أن يواجهها فى العام الجديد هو تآكل الاحتياطى الأجنبى فى حال توقفت المساندة الخليجية لمصر أو تباطأت وتيرتها.
وسيتعرض الاحتياطى لأول اختبار حقيقى له الشهر المقبل إذا لم يتم تجديد المساعدات البترولية المقدمة من دول الخليج وهنا سيمولها البنك المركزى بما يزيد على 900 مليون دولار شهرياً، كما كان يحدث سابقاً.
وفى حال عدم تمديد المساعدات سيتعين على رامز البحث عن مصادر مختلفة للحصول على تمويل أجنبى بآجال مناسبة لظروف البنك المركزى الذى ارتفعت التزاماته قصيرة الأجل بشكل كبير خلال العام الماضى.
ويقدر أبوباشا احتياجات مصر المالية من الخارج بـ35 مليار دولار خلال العامين المقبلين لتمويل العجز فى الموازنة وهى قيمة صعبة التحقق بدون استمرار المساعدات العربية وربما العودة لصندوق النقد الدولى.
وقد يؤدى ارتفاع قيمة الدولار بشكل كبير إلى تدخل المركزى بضخ أموال فى السوق مباشرة على غرار ما فعل خلال العام الماضى وهو سيترك أثره المباشر على الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزى.
كان الاحتياطى قد تراجع خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بشكل متتالى وسجل فى نهاية نوفمبر الماضى 17.8 مليار دولار.
ويعد رامز محظوظاً بعد تدفق المساعدات السخية التى حصلت عليها مصر بعد عزل مرسى من السعودية والامارات والكويت والتى بلغت 12 مليار دولار. ساهمت تلك الدولارات فى اطلاق يد المحافظ الجديد للتدخل بقوة فى سوق الصرف الذى لايزال يؤرق صانعى السياسة النقدية ومكنته من تخفيض العائد على الاقراض لثلاث مرات متتالية بواقع 1.5 نقطة مئوية.
وقال المحافظ الأسبق للبنك المركزى محمود أبوالعيون إن على البنك المركزى أن يسعى إلى تحقيق هدفين فى عام 2014، الأول رفع القيود على تحويل الاموال للخارج تماما والثانى ان يبدأ فى إنشاء صندوق متخصص يدير احتياطيات مصر الخارجية لتعظيم العائد منها.
ويعتقد رامز أن التوقيت الحالى للحصول على قرض صندوق النقد الدولى غير مناسب، بسبب أن خطة الإصلاح الهيكلى للاقتصاد التى يطلبها الصندوق تحتاج إلى حوار مجتمعى، وأن تكون جاهزة للتنفيذ فى الوقت الذى لم تنته الحكومة من إعدادها بالكامل، كما أن الصندوق يرغب فى تطبيق سريع لبرنامج الإصلاح بينما تفضل الحكومة سياسة التدرج حتى لا يتأثر المواطن العادى ، خاصة فى موضوع الدعم.
ويقول محافظ البنك المركزى، إن هناك مفاوضات بين مصر والإمارات العربية المتحدة وأيضا مع السعودية والكويت، والأهم هو الاستثمار وشراء سندات مصرية وليس فقط الاعتماد على المساعدات .