بقلم: رولا خلف
هناك تساؤل يخشى الكثير من السوريين أن يسألوه، وهو هل تجدد الحكومات الغربية فى ظل تحول الدولة إلى بوتقة من المجاهدين الأجانب علاقاتها ببطء مع الرئيس بشار الأسد بدلاً من التخطيط لرحيله؟.
وكنت قد سألت أحد نشطاء المعارضة عن شعوره بأى شك فى محادثاته مع المسئولين الغربيين فى الوقت الذى تستعد فيه جميع الأطراف لمؤتمر السلام الأول هذا الأسبوع الذى سيعمل نظريا على التخطيط لمرحلة انتقالية بعد الأسد لإنهاء الحرب التى استمرت 3 سنوات.
وقال إنه لا توجد أى إشارة حتى الآن بخلاف المرحلة الانتقالية، فهى الاستراتيجية الوحيدة المطروحة على الطاولة حاليا، ما يعنى ان الرئيس سيسلم سلطاته التنفيذية إلى سلطة جديدة.
ومع ذلك، ظهرت فى اليوم التالى تقارير تفيد بوجود اتصالات مع النظام، وصرح نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، لـ «بى بى سي» إن وكلاء الاستخبارات الغربية زاروا دمشق لأن الجهاديين الأجانب يتدفقون إلى سوريا من أوروبا وأصبحوا يشكلون تهديدا لحكوماتهم.
ومن الممكن ألا تزيد تلك الاتصالات على كونها امتداداً للتواصل الذى حدث بشأن نزع السلاح الكيميائى السورى، ومع ذلك فإن وكلاء الاستخبارات يقومون بأعمال أخرى لا تستطيع الحكومات الإفصاح عنها علنا وهذا يتضمن لقاءات مع جميع الشخصيات البغيضة التى قد تكون مصدراً جيداً للمعلومات.
وأخبرنى أحد الخبراء الاستخباراتيين أن هناك بعض حسابات للتكاليف أمام الفوائد تضطر الحكومات أن تقوم بها عندما تحاول تقدير تداعيات المحاربين الاجانب من سوريا، ويلجأون فى بعض الأوقات إلى التعامل مع الشيطان نفسه.
ومع ذلك، وفى حالة سوريا، هناك تساؤلان يجب أخذهما فى الاعتبار، الأول، هل يمكن الوثوق فى الأسد ومعاونيه فى تقديم معلومات استخباراتية بشأن الجهاديين، خاصة مع شكوك المعارضة بأن النظام له عناصره داخل تلك المجموعات مثل جماعة الدولة الإسلامية فى العراق والشام، التابعة للقاعدة؟.
أما السؤال الثاني، ما هى الرسالة السياسية التى يمكن ان ترسل لرجل قوى طلب منه مراراً أن يتنحى؟ فبالتأكيد الرسائل المختلطة ليس جيدة عند محاولة الإطاحة بأحد.
رغم أن الحرب وصلت إلى طريق مسدود، يقول الدبلوماسيون الغربيون إن تصور الأسد لوضعه أصبح أقوى بسبب الخلاف بين المعارضة والجهاديين الذين انضموا إلى صفوفها.
وبالنظر إلى أفعاله المزيد من القصف فى مناطق المعارضة وإلى الكلمات الواثقة لمسئولية، يمكن القول إن الاتفاق الروسى الأمريكى بنزع الترسانة الكيماوية شجعه أكثر لان تطبيق هذا الاتفاق يتطلب تعاونا من قبل النظام، وهذا يعنى بقاءه لفترة أطول فى مكانه.
وتتمثل معضلة الدول الغربية فى أنهم مجبرون على النظر إلى سوريا من منظار مكافحة الإرهاب الذى لطالما كان أولوية للوكالات الاستخباراتية، وسببا فى معارضتهم خلال 2013 للتدخل العسكرى حتى لا يتسبب هذا التدخل فى زيادة التصادم مع الغرب حتى ولو كانت الحكومات المشتركة تحارب نفس العدو وهو اتباع القاعدة.
وتقلق العواصم الغربية من انتكاسة على غرار ما حدث فى أفغانستان فى 1990، فبعض المجاهدين الذين مولتهم السعودية وسلحتهم الولايات المتحدة خلال الحرب ضد الاحتلال السوفيتى فى 1980، انتهى بهم الأمر بتكوين القاعدة وشبكتها العالمية.
وفى ظل محاربة المتمردين لبعضهم البعض، ونضال الحكومات الغربية لتنسيق مجهودات محاربة الإرهاب مع استراتيجية سياسية أوسع، سوف يسعى الأسد إلى استغلال هذا التخبط.
فنفسية النظام من النوع الذى يعتبر أى علامة على التساهل كرخصة لمواصلة الحرب التى لا ترحم، وسوف تقوم استراتيجيته فى محادثات السلام على اللعب على الوقت وليس التخطيط للمرحلة الانتقالية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز