في أوتيل “مونترو بالاس” حلوا مشكلتين لمصر وتركيا ويأملون الآن بحل الأصعب
لجماعة “الإخوان” وحركتهم المعتبرة “إرهابية” بموجب القانون المصري، قصة عمرها 77 سنة، وألمت “العربية.نت” بتفاصيلها التي جرت بسبب اجتماع دولي عقدوه في الفندق الذي يستضيف حاليا مؤتمر “جنيف2” حول سوريا في مدينة مونترو، مقر مصانع “نستلة” الشهيرة في سويسرا.
في مايو/أيار 1937 عقدوا مؤتمرا في فندق Montreux palace الأشهر للآن بالمدينة التي يحمل اسمها منذ 108 سنوات، وكان المؤتمر دوليا، دعا إليه الملك فاروق لحل مشكلة مصرية “معنوية” كبيرة، واشتركت فيه معظم الدول الأوروبية، وكان برئاسة مصر التي قام بتمثيلها مصطفى النحاس باشا، رئيس حكومتها ذلك الوقت وزعيم حزب “الوفد” لإلغاء امتيازات خاصة بالأجانب كانت مهينة للمصريين، لأنها تعطيهم حقوقاً في مصر يتميزون بها عن شعبها نفسه.
كان الأجنبي إذا ارتكب جرما في مصر لا يمثل أمام محاكمها، بل أمام محاكم كانت خاصة بالأجانب، سموها “المختلطة” وتميزت بإصدار “أحكام صورية لا يقصد منها إقامة العدل، وتختلف عما كانت تصدره المحاكم الوطنية على المصريين في جرائم متشابهة” لذلك أراد الملك المصري إلغاء تلك الامتيازات، فكان له ما أراد وأصبح الجميع بعد “مؤتمر مونترو” سواسية أمام المحاكم المصرية، وكانت فرحة للمصريين كبيرة، عبروا عنها بطوابع بريد، تنشر “العربية.نت” صورة لأحدها.
قبل السفر “محاضرة” إخوانية
وقبل سفر النحاس للمؤتمر قدم له “الإخوان” مذكرة كتبها حسن البنا، مرشدهم ذلك الوقت، اعتبرت المؤتمر فرصة “ينبغي استغلالها لنختار التشريع الإسلامي الذي ينبع من عقيدة الأمة وتاريخها المجيد” طبقا للوارد بالمذكرة التي راح البنا يشرح فيها بإسهاب بدا معه وكأنه يحاضر أمام من ليس مسلما.
ويبدو أن النحاس استاء من أسلوب البنا، ففيه ظهر “الإخوان” محتكرون للدين الحنيف وغيرهم لا علاقة لهم به على الإطلاق، لذلك فحين عاد ألقى كلمة في الاسكندرية أتى فيها على مذكرة المرشد الشهير والحركة التي أسسها، وقال: “إن جماعة لا وزن لها ولا قيمة تطلب بأن يكون القرآن دستور الأمة، والإسلام عال الجنبات وليس في حاجة إلى هذه الصيحات” وفق تعبيره.
بعد أسبوع كتب البنا في مجلة “النذير” مقالا طويلا جدا ومتعاليا، أنهاه بعد 7600 كلمة بعبارة “ذلك ما نريد أن يفهمه الناس عنا ويحملوا عليه كتاباتنا” فبدا طارحا “الإخوان” كأنهم شيء والمصريون شيء آخر، وفتح بالمقال بابا من المشاكسات استفحلت بين “الإرهابية” والحكومات المصرية المتعاقبة، خصوصا بعد مقتل البنا في 1949 بالرصاص.
فندق ما زال شغالا منذ 177 سنة
كان ذلك في ثلاثينات القرن الماضي، أما “جنيف2” فيعقدوه في الفندق نفسه بدءا من اليوم الأربعاء، وفي “مونترو” البعيدة 95 كيلومترا عن جنيف المطلة مثلها على بحيرة LEMAN الشهيرة، وهي معروفة لمن يقرأ عنها بمهرجان موسيقى الجاز كل عام وبالمصانع التي أسها هنري نستلة في 1893 وفيها دفنوه، وبأنها سبق وحلت مشكلة كبيرة أيضا لتركيا.
في 1936 عقدوا مؤتمرا في “فندق مونتريال بالاس” نفسه، وانتهى ببسط سلطة تركيا بالكامل على مضيق الدردنيل الذي اشتد الصراع عليه بينها وبين الاتحاد السوفياتي وبريطانيا، وتفاصيله متوفرة كالمؤتمر عن مصر في الإنترنت لمن يرغب.
وبنوا الفندق، بحسب ما نقرأ في موقعه، في 1837 باسم مختلف، ثم تغير في 1906 إلى “مونترو بالاس” وبعدها إلى “فيرومنت، لو مونترو بالاس” واختارته مجلة “بيلانتز” في 2011 كثاني أفضل فنادق سويسرا، وهو مكون من 236 غرفة وجناحا، وفيه 3 مطاعم دولية وتوابعها، ومسابح وملعب غولف وقاعة للتمارين، إلى جانب 14 غرفة وقاعة للاجتماعات والمحاضرات والمؤتمرات، أكبرها يسع أكثر من 1200 شخص، وفيه نزل مشاهير عرب وأجانب بالعشرات، وكل ما ينقصه أن يقول الآن إنه في إحدى قاعاته حلوا إحدى أكبر الأزمات دموية في الشرق الأوسط.
العربية