محمد ربيع: 31 مليار جنيه مبيعات مستهدفة لسوق الدواء العام الجارى.. و %7 تراجعاً فى 2013
الشركات تطالب بإقرار تحريك أسعار 5 أدوية سنوياً لكل شركة
%5 من الأدوية المتوفرة فى السوق منتهية الصلاحية.. وتجارة «منتهى الصلاحية» فى أضيق النطاق
25 مصنع دواء متعثراً فى الوقت الحالى وتوقف عدد كبير من خطوط الإنتاج
لم تزل أزمة استرجاع الأدوية منتهية الصلاحية بين شركات الأدوية والصيدليات هى المسيطرة على المشهد فى القطاع الدوائى، ففى حين ألزمت نقابة الصيادلة عموم أعضائها بالتخصيم الإجبارى لقيمة الأدوية منتهية الصلاحية من مستحقات شركات التوزيع، وإصرار شركات الدواء على قبول المرتجعات بفاتورة وبنسبة معينة، تظل شركات التوزيع هى حلقة الوسط المتضررة فى الصراع بين الطرفين، وذلك حسبما يرى الدكتور محمد ربيع، رئيس مجلس إدارة إيمك لتوزيع الدواء فى حواره لـ«البورصة».
أكد ربيع، أن مشكلة المرتجعات ليست جديدة ومتكررة وستظل مستمرة بين أطراف المنظومة الدوائية، فى ظل عدم توفر نظام واضح يحكم سياسات قبول المرتجعات ويحدد نسبتها بدقة بين المنتج والموزع والمستورد والصيدلي، موضحاً أن أعضاء المنظومة الدوائية اتفقا عام 2012 على سحب كل الأدوية منتهية الصلاحية فيما عرف بـ”غسيل السوق”، لكن الحملة لم تنجح وتراكمت الأدوية مرة أخرى فى مخازن الصيدليات.
وبحسب ربيع تمثل الأدوية المستوردة السبب الرئيسى للأزمة بين الصيدليات وشركات التوزيع نتيجة رفض المستوردين قبولها، خاصة إن الأدوية المستوردة يحكمها سعر العملة المتغير باستمرار ومشاكل الاستيراد وأن الوسيط سواء كان الموزع أو المكتب العلمى لا يستطيع تحملها، مؤكداً أن شركات الدواء تتجه لقبول الأدوية التى تنتجها المصانع المحلية حال الاتفاق مع الصيادلة.
شدد على أهمية عودة جميع أطراف المنظومة الدوائية إلى مائدة المفاوضات مرة أخرى للوصول إلى حل وسط يرضى الجميع، منتقداً موقف نقابة الصيادلة التى قررت أن تحل الأزمة من طرف واحد بالتخصيم الإجبارى مما فاقم المشكلة.
أضاف أن المنظومة الدوائية كيان واحد تضم المصنع والموزع والصيدلى والمريض، وأن أى خلل فيها يؤدى إلى أزمات كبرى على راسها النقص الحاد فى الأدوية المنتهية والمغشوشة، مؤكداً على ضرورة حل الأزمات الطارئة بقدر من الحكمة حتى تتوقف نهائيا.
قال إن شركات التوزيع لا دخل لها بالأزمة المثارة بين شركات الإنتاج والصيدليات، واصفاً إياها بالوسيط الذى ينفذ السياسة المتفق عليها بين الطرفين ولا يمكن الزج بها للأزمة.
أكد على أهمية ان تضمن العقود الموقعة بين الشركات المنتجة والموزعة سياسة واضحة لقبول المرتجعات، وكذلك بين الصيدلى والموزع والمستورد، وان يلتزم كل طرف ببنود الاتفاق ولا يعترض عليها فى المستقبل حتى نضمن عدم تكرار مشكلة المرتجعات تحديداً.
فى ذات السياق أشار ربيع، إلى تجاوز الأدوية منتهية الصلاحية أكثر من %5 من حجم الادوية الكلية فى السوق المصرى، مؤكداً أن إعادة تدوير هذه الأدوية مرة اخرى بعد تغير تواريخ صلاحيتها فى الأقاليم والعشوائيات كما نشرت البورصة الاسابيع الماضية فى أضيق الحدود، وينتشر بين الصيادلة ذوى الأنفس الضعيفة.
شدد على أهمية اتباع نظام “البار كود” أو ترقيم العبوات الدوائية بما يسمح بتتبعها من المصنع والوزارة لمواجهة كارثة اعادة تدوير الأدوية منتهية الصلاحية واماكن وجودها.
من جهة أخرى قال رئيس مجلس إدارة ايمك لتوزيع الدواء، إن شركات التوزيع تأثرت كثيراً خلال الأشهر الماضية نتيجة الانفلات الأمنى وحالة عدم الاستقرار التى شهدتها الشوارع المصرية، موضحاً أن كل الشركات بلا استثناء تعرضت لحوادث سرقة العربيات والبضائع التى تحويها، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التوزيع على الشركات، حيث انخفضت ورديات العمل وقلت نسبة التوزيع فى المحافظات الجنوبية والصعيد.
كشف عن تراجع نمو قطاع الدواء بنسب تصل إلى %7 خلال العام الماضى 2013، حيث انخفض النمو إلى %11 فقط مقابل %18 خلال الفترة نفسها من العام الاسبق 2012، مرجعاً الانخفاض إلى حالة عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى وتراجع السياحة وضعف الحالة الاقتصادية، وهو ما أثر بشكل قوى على الاستهلاك.
وفقاً لربيع حقق القطاع الدوائى مبيعات كلية بقيمة 27 مليار جنيه خلال العام السابق 2013، بزيادة 5 مليارات على العام السابق له، معرباً عن استهداف القطاع رفع المبيعات إلى 31 مليار جنيه خلال العام الجاري.
أكد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء، على تعثر نحو 25 مصنعاً خلال الفترة الأخيرة بسبب التدنى الشديد فى أسعار الدواء المحلى والمنافسة الشديدة مع الشركات الكبرى والارتفاع المستمر فى تكاليف الإنتاج فى ظل تزايد أسعار العملات الأجنبية خاصة الدولار، مضيفاً أن الفترة الماضية شهدت توقف عدد كبير من خطوط الإنتاج.
أوضح ربيع، أن صناعة الدواء فى مصر تعتمد بشكل اساسى على الخامات المستوردة، إضافة إلى مواد التعبئة والتغليف، وتصل نسبة الخامات التى يتم استيرادها إلى %80 من الخامات المستخدمة فى التركيبات الدوائية، ما تسبب فى وضع الصناعة الدوائية فى مأزق الفترة الأخيرة بسبب أزمة الدولار، فى ظل الارتفاع المستمر فى مدخلات الإنتاج وثبات أسعار المنتج النهائى.
نفى ربيع إغلاق أى من المصانع الدوائية بشكل رسمى خلال الفترة الماضية، موضحاً ان عدداً من المصانع اتجهت إلى تقليل عمالتها وإنتاجها دون ان تعلن توقفها بشكل كامل، مرجعاً ذلك إلى الظروف الاقتصادية السيئة التى تعانيها البلاد بصفة عامة وقطاع الدواء ومشكلاته المزمنة بصفة خاصة.
نوه إلى أن عدد المصانع الدوائية فى مصر حالياً يقدر بنحو 124، بالإضافة إلى 84 تحت الإنشاء.
فى سياق متصل، أكد ربيع أن استمرار سيطرة 10 شركات فقط على نحو %50 من مبيعات سوق الدواء المحلية فى آخر إحصاء لمؤسسة ims المتخصصة فى رصد مبيعات الشركات الدوائية والمنتجات الصيدلانية، لا تغفل حق الشركات الأخرى فى منافسة الشركات الكبرى، مشيراً إلى قوة المنافسة بين جميع اللاعبين بالسوق، وتلعب الدعاية والإعلان دوراً قوياً فى زيادة مبيعات مستحضر على مثيله من إنتاج شركة أخرى.
قال ربيع إن صناعة الدواء المصرية تعانى ثلاث مشاكل رئيسية، يأتى فى مقدمتها الأسعار المتدنية مقارنة بالعالمية والإقليمية والعربية والبلاد المجاورة، مشيراً إلى أن صناعة الدواء إحدى الصناعات التى تتطلب التطوير المستمر وتحديث خطوط الإنتاج والماكينات وكذلك قدرات ومهارات العاملين بها وبالتالى المزيد من الانفاق الاستثمارى، وهو ما لا يتماشى مع استمرار تدنى الأسعار بهذه الصورة، خاصة أن الضغط على ربحية الشركات يؤدى إلى تدهور الصناعة.
أوضح أن مشكلة تسعير الدواء تتركز فى الأدوية القديمة التى تحقق خسائر حال استمرار إنتاجها والمستحضرات الجديدة التى لا تسعر بصورة جيدة، مطالبا بضرورة دراسة سياسة تسعيرية جديدة للأدوية القديمة، خاصة أن كل شركة تتكبد خسائر %20 من منتجاتها.
أكد ربيع، إن مقترحات تحريك أسعار الدواء مازالت على مائدة وزيرة الصحة الدكتورة مها الرباط وتناقش بين الحين والآخر مع غرفة صناعة الدواء دون اتخاذ اى قرارات، مشيراً إلى أن الاقترحات الأبرز لتحريك السعر تنحصر بين بديلين، أولهما تحريك أسعار 5 ادوية لكل شركة سنوياً أو %5 من منتجات كل شركة.
فيما تتمثل المشكلة الثانية التى تعانيها الصناعة الدوائية فى عدم الاهتمام بالبحث والتطوير، والاعتماد الكلى على الدواء الأجنبى المبتكر وتصنيع الجنيس له، الذى يحوى نفس المادة الفعالة، مشددا على أن ضعف البحث العلمى يحجم تطوير الصناعة ويمنع ابتكار الأدوية الجديدة.
أكد ربيع أن اكتشاف الدواء والتمتع بملكيته الفكرية يحدثان فارقاً مالياً كبيراً للشركات، حيث يحق لها الحصول على السعر الأصلى للدواء وليس %65 فقط من أدنى سعر لها على مستوى العالم وفقاً لقرارات التسعير المتعامل بها.
أضاف ربيع أن المشكلة الثالثة التى تؤثر على صناعة الدواء تكمن فى عدم تصنيع المواد الخام محلياً والاعتماد على استيراد %80 منها، فى ظل توافر شركتين فقط لإنتاج المواد الخام، ما يضع الشركات تحت رحمة الدولار صعوداً وهبوطاً، كما تعتمد الشركات على استيراد لوازم التعبئة والتغليف من الخارج أيضاً، بما يضاعف من تأثير ارتفاع العملات الاجنبية عليها.
فى سياق متصل، طالب عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء، بضرورة تقعيل وزارة الصحة لقرار تسجيل الدواء الجديد التى انتهت منه الوزارة مؤخراً بعد إعداده وعرضه على الشركات لإبداء مقترحاتها فيه الشهور الماضية، وهو القرار الذى يقلص فترة تسجيل الدواء إلى ما بين 12 و18 شهراً فقط بدلاً لـ3 سنوات.
وفيما يخص الأدوية المغشوشة التى انتشرت بشكل كبير على مدار السنوات الماضية، أوضح ربيع، أن إقبال الصيدليات على شراء الأدوية بأسعار منخفضة وبخصومات عالية من أماكن غير شرعية لا صلة لها بشركات الإنتاج أو التوزيع فاقم من هذه الأزمة.
يذكر أن التقارير الدوائية العالمية أثبتت العام الماضى إن %10 من الدواء المصرى مغشوش، بقيمة إجمالية تتجاوز 300 مليون دولار، وأن %7 من حجم الدواء المغشوش عالمياً ينقل عبر مصر خاصة فى أعقاب الثورة.
وأعرب ربيع عن أمله فى تطبيق نظام التتبع الصيدلي، الذى دعت وزارة الصحة السابقة إلى تطبيقه فى الشركات والصيدليات لمحاربة غش الدواء، نظراً لجودة هذا النظام وقدرته على محاربة ظاهرة غش الدواء.