بقلم: ريتشارد بيرنستاين
أصبح معظم المستثمرين مستعدين للاعتراف بأن فقاعة الائتمان العالمية بدأت فى التقلص، ومع ذلك لم يغيروا استثماراتهم الأساسية وفقا لذلك.
ومازال الكثيرون يقللون من أهمية الاستثمار فى أسهم الأسواق المتقدمة نسبيا بالمقارنة بالأصول المتعلقة بالائتمان، ورغم تفوق أداء الأسواق الناشئة والعقارات والسلع والذهب وصناديق التحوط وصناديق شراء الشركات بشكل كبير على الأسهم خلال الفقاعة، إلا انه منذ بدء الفقاعة فى التقلص تراجع أداء كل أنواع الأصول الرئيسية المرتبطة بالائتمان عن أداء الأسهم.
ومع ذلك، يتمسك المستثمرون بالأصول الحساسة تجاه الائتمان على أمل أن تعاود التفوق فى الأداء، وفى بعض الحالات مثل الأصول البديلة، رفع المستثمرون من مخصصاتهم فيها.
وتعد الأسهم اليابانية واحدة من أكبر الفرص فى الاقتصاد العالمى ما بعد الأزمة نظراً لأن اليابان لديها الإمكانية لزيادة تنافسيتها أمام الأسواق الناشئة، ويميل مراقبو سوق الأسهم اليابانى إلى التركيز على سياسات رئيس الوزراء شينزو آبي، ولكن هذا التحليل يهمل قضية أكبر.
فالفقاعات تخلق قدرات انتاجية لا تكون مطلوبة عندما تتقلص الفقاعة، ولم تكن فقاعة الائتمان العالمية استثناءً، فالعديد من الأسواق الناشئة قامت ببناء قدرة إنتاجية هائلة على افتراض بأن النمو فى هذه الأسواق سوف يتسارع، وأثبتت هذه التوقعات عدم صحتها، وبالطبع ينمو فائض الانتاج بينما تخبو الفقاعة الائتمانية.
ويؤدى فائض الإنتاج إلى تغير فى أسعار السلع ومنافسة على الحصة السوقية، وأظهرت الدراسات الحديثة أن نمو الإنتاجية العالمية يتباطأ، وفى غياب تحسن الإنتاجية، ينبغى على الدول التى ترغب فى اكتساب حصة سوقية بأن تخفض قيمة عملتها.
وقد جعل الين القوى من الصعب على الشركات اليابانية التنافس خاصة بالنظر إلى الاتجاهات السكانية للدولة وفقر الإنتاجية، أما الآن فاليابان لديها عملة منخفصة مما يسمح بتسعير بضائعها بطريقة تنافسية، وهبط الين من مستوياته المرتفعة مؤخرا بحوالى %33 أمام الدولار وحوالى %40 أمام اليورو.
وتتمتع اليابان بميزة كبيرة على الأسواق الناشئة فى ظل اشتداد التنافس على الحصة السوقية، ويترتب التضخم على تراجع قيمة العملة، وبالفعل يتسارع التضخم فى اليابان، وهو مرحب به فى طوكيو عن الدول الأخرى وهذا لأن الاقتصاد اليابانى عانى من سنوات عديدة من الانكماش، فقد كان متوسط معدل التضخم السنوى فى الفترة من 1999 وحتى منتصف 2013 عند %0.3.
وحتى مع انخفاض قيمة العملة اليابانية، مازال التضخم عند %1.6، وفى ظل مستوى عجز الحساب الجارى الحالى وانخفاض مستوى التضخم فإن اليابان مازال لديها سبب للاستمرار فى تخفيض قيمة الين، كما تتمتع بالمرونة للقيام بذلك.
أما الأسواق الناشئة فلا تتمتع بمثل هذه المرونة فى سعر الصرف، فالاقتصاديات الرئيسة منها لديها أعلى معدلات فى نمو قيمة العملة ومستوى التضخم، فلا يقل مستوى التضخم عن %3 فى الهند واندونيسيا وتركيا وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا وغيرها.
وبدأت استراتيجية اليابان تجاه الحصة السوقية فى النجاح، وأعلنت إحدى الشركات اليابانية الكبرى أنها ستنقل بعض من إنتاجها من الأسواق الناشئة إلى اليابان مرة أخرى.
ورغم أنها شركة واحدة إلا أن هذا قد يتحول إلى اتجاه إذا استمر الين فى مواصلة انخفاضه وهيمنت أنباء الاضطرابات المدنية وعدم الاستقرار السياسى عفلى أخبار الأسواق الناشئة.
وبدات تعكس تقديرات المحللين لنتائج أعمال الشركات تغير البيئة الاقتصادية فى اليابان وازدياد الميزة التنافسية فيها.
ويتوقع المحللون نمو أرباح الشركات العاملة فى اليابان هذا العام بنسبة %17 مقابل %12 للأسواق الناشئة و%8 للشركات العاملة فى مجموعة البريك وهما البرازيل وروسيا والهند والصين.
وتمثل اليابان قصة نمو أفضل من الأسواق الناشئة، وقد يجد المستثمرون أنه من الأفضل التخلى عن المعتقدات القديمة وقبول الحقائق الجديدة فى اقتصاد ما بعد الفقاعة.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز








