اتحاد المستثمرين يبدأ حملات ترويجية للصناعة المصرية فى دول حوض النيل
«الغرفة الهندسية» تستعين بمكتب استشارى لدراسة السوق الأفريقى وتحديد أبرز مجالات الاستثمار
صفوت عبدالبارى: إنشاء «منطقة حرة مشتركة للتنجيم» يحّول مصر لمحور الصناعات التعدينية فى القارة
خميس: مصر فقدت مكانتها عندما أهملت القارة السمراء والاستثمار سلاحها لحفظ الأمن القومى
هلال: التوجه إلى السوق الأفريقى ضرورى لتحسين العلاقات السياسية
شهدت العلاقات المصرية الأفريقية مزيجاً من التوترات السياسية والاقتصادية على مر العقود الثلاثة الماضية ، خاصة فى السنوات الأخيرة لحكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وهو ما انعكس على تدهور دور مصر الإقليمى فى القارة الأفريقية، وهدد الأمن القومى للبلاد ومصالحها المائية.
وجاءت ثورة الـ25 من يناير، وأحداث 30 من يونيو لتحث الأنظمة الجديدة على إعادة هيكلة سياستها الخارجية تجاه دول الجنوب الأفريقي، لاستعادة دورها الإقليمى والحفاظ على أمنها المائى من جهة وتحقيق التكامل الاقتصادى ودعم مجالات الاستثمار المتاحة ودعم التبادل التجارى من جهة أخرى.
قال محمد فريد خميس، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن الاستثمار أحد أسلحة مصر فى الفترة القادمة، والذى يمكنها من الحفاظ على أمنها القومى والمائى، موضحاً أن مصر فقدت مكانتها حينما أهملت دورها فى أفريقيا، وهو ما يجب أن تتداركه الدولة مع القطاع الخاص فى الفترة المقبلة.
وأعلن «خميس» عن بدء الاتحاد القيام بحملات ترويجية للصناعة المصرية فى دول أفريقيا بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص.
وأوضح أن الاتحاد سيبدأ تلك الجولات بسفر مجموعة من شركات العاشر من رمضان لمعرض المنتجات المصرية فى أوغندا مايو المقبل، تعقبها ندوة للتعريف بفرص الاستثمار فى دولة كينيا بحضور السفير المصرى هناك و70 من المستثمرين المصريين خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن الاتحاد سوف يوفر الخبراء لإجراء الدراسات التى يحتاجها أى مستثمر مصرى يرغب فى التوجه للسوق الأفريقى والتعرف على طبيعة السوق ومتطلباته.
وأكد د. محرم هلال، رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان استعداد العديد من مستثمرى الجمعية للتوجه للسوق الأفريقى للتعاون فى المجال الصناعي، موضحاً انهم فى انتظار استقرار الأوضاع السياسية فى البلاد ومعرفة توجهات الدولة للمرحلة القادمة وإمكانية دعم الحكومة لهؤلاء الصناع للتوسع فى السوق الأفريقى.
وشدد هلال على ضرورة وضع مشكلة سد النهضة وتحسين العلاقات مع إثيوبيا على رأس أولويات الرئيس القادم، معتبراً أفريقيا بمثابة الأمن القومى لمصر.
وأشار إلى ضرورة دخول المستثمرين المصريين للسوق الأفريقى، حتى لو لم يكن المناخ الاستثمارى فى تلك الدول ملائماً، مطالباً الحكومة الجديدة بتشجيع الاستثمار فى دول الجنوب الأفريقى وتقديم تسهيلات وحوافز للمستثمرين.
لفت إلى أن 18 شركة من المنطقة الصناعية فى العاشر من رمضان ستشارك فى معرض أوغندا فى الفترة من 12 إلى 25 مايو القادم.
يأتى ذلك فيما أكد صفوت عبدالباري، نائب رئيس جمعية نهضة وتعدين، على ضرورة جذب الدول الأفريقية للمشاركة فى عمليات التنجيم فى مصر، موضحا أن الجمعية رفعت مذكرات أكثر من مرة للحكومات المتعاقبة بشأن إقامة منطقة حرة للتنجيم، تعتمد على استيراد الخامات المهمة للصناعة المصرية خاصة «النيكل» و«النحاس» غير المتوافرين وإعادة تصنيعهما فى مصر ليعاد تصديرهما بقيمة مضافة، لتصبح مصر واحدة من المنظومات الأساسية للصناعات التعدينية فى أفريقيا.
وأوضح أن هذا المشروع لن يكلف الدولة سوى تخصيص قطعة أرض للمنطقة الحرة، تخضع لنظام المناطق الحرة، تديرها شركة عالمية لتوفير الطاقة والبنية التحتية والدعاية.
وأضاف أن رئيس المجلس التعدينى السودانى كان فى زيارة لمصر الشهر الماضى، ورحب بشدة بفكرة مشروع المنطقة الحرة، وأعلن عن استعداد مستثمرين من بلاده للاستثمار فى مجال الصناعات التعدينية فى مصر، مشيراً إلى أن الأمر يتوقف على موافقة الدولة المصرية فقط.
وأوضح عبدالبارى، أن مثل هذا المشروع سوف يكون نوعاً من مد الجسور مع أفريقيا وإعادة دور مصر الريادى فى القارة، لتكون فى موقع قوة قادرة على حل أى مشاكل تواجهها مثل أزمة سد النهضة التى لم نتوصل لحل لها حتى الآن.
ومن جانبه قال حمدى زاهر، رئيس المجلس التصديرى للصناعات التعدينية، رئيس جمعية نهضة وتعدين إن مصر لديها جميع المقومات التى تؤهلها لدخول السوق الأفريقى بقوة ولكن لم تستغلها، مثلما لم تستفد من الإتفاقيات المشتركة وعلى رأسها «الكوميسا».
أشار زاهر، إلى أن السوق الأفريقى مازال بكرا ومتعشطا للصادرات المصرية، ولابد من استهدافه الفترة القادمة، فيما عدا دول جنوب أفريقيا وأنجولا ونيجيريا لأن لديها خططاً تنموية لجميع القطاعات.
ووصف زاهر توجه الحكومة فى الوقت الراهن للسوق الأفريقى بـ«الموضة» نظراً إلى إهمال أفريقيا لعقود طويلة، مشيراً إلى اهمال الحكومات السابقة جميع المقترحات التى قدمت من قبل رجال الأعمال لوضع استراتيجية للتصدير للسوق الأفريقى من بينها إنشاء شركة قابضة للاستثمار فى أفريقيا بنحو 100 مليون جنيه ولم يبت فيها إلى الآن، وإقامة منطقة حرة للتنجيم فى مصر.
وأعرب رئيس المجلس عن استيائه من الروتين الحكومى فى اتخاذ بعض القرارات البسيطة الفارقة فى عمر الاستثمار، مشيراً إلى أنه سيبدأ بتوسيع استثماراته فى السوق الأفريقى بشكل فردى دون انتطار دعم من الحكومة.
وقال مجدى الوليلي، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية باتحاد الصناعات، إن مصر لم تحسن استغلال الاتفاقيات الموقعة مع الدول الأفريقية مثل «الكوميسا وشرق أفريقيا»، التى كان من الممكن أن تستغنى من خلالها عن الدول الأوروبية التى تستورد منها القمح وغيره من المحاصيل الزراعية.
وأضاف الوليلى أن استراتيجية الرئيس القادم يجب أن تتغير تجاه الملف الأفريقى الذى تعامل مع جميع المسؤلين بعد ثورة يناير بعدم اهتمام رغم كونه أهم الملفات أمام الدولة المصرية على الإطلاق، حيث تعد أفريقيا أمناً قومياً بالنسبة لمصر.
أوضح أن الأمر الذى لا يشجع رجال الأعمال المصريين على الاستثمار فى الدول الأفريقية، هو عدم تأمين الدولة على الصناعات المهاجرة لتلك البلاد من المخاطر التى يمكن أن تلحق بها، خاصة فى ظل الظروف السياسية المضطربة فى تلك البلاد.
وأضاف أنه لا يوجد شركات تأمين قوية تضمن للمصّدر الحماية الكافية، مطالباً بتسهيل التشريعات اللازمة لتشكيل مثل هذه الشركة بالتعاون مع أحد البنوك الأجنبية التى تعمل فى الدول الأفريقية لتشجيع المستثمرين.
وقال إن السوق الأفريقى واعد يبلغ تعداده حوالى 200 مليون نسمة، يجب أن تعمل مصر على استغلاله بشكل جيد لزيادة حجم التبادل التجارى وتحقيق انطلاقة اقتصادية حقيقية.
وفى سياق متصل قال مجد المنزلاوي، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن الغرفة تبذل مجهوداً كبيراً فى التوسع بالصادرات للسوق الأفريقى، حيث تتبع سياسة الزيارات الترويجية خاصة لدولتى «كينيا وأوغاندا» للترويج للصناعات المحلية.
وأعلن المنزلاوى عن استعانة الغرفة فى الوقت الحالى بمكتب استشارى لإعداد دراسة للسوق الأفريقى وأهم المجالات التى يمكن الاستثمار بها، مشيراً إلى أن المستثمرين المصريين سوف يبدأون بالتصدير لتلك الدول لحين اكتمال الدراسة واستقرار الأوضاع الاقتصادية فى البلاد.
وأضاف أن الغرفة تحرص على حضور معرض الخرطوم للصناعات الهندسية بشكل سنوي، الذى يعد من أهم المعارض الأفريقية، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يكون المناخ الاستثمارى غير الملائم فى تلك الدول هو ما يعيق عملية بدء إقامة مصانع هناك.
وقال رأفت رزيقة، نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن التصدير للسوق الأفريقى يواجه بعض التحديات خاصة فى ظل صعوبات النقل وشحن البضائع وارتفاع التكلفة، فى ظل عدم وجود موانئ لبعض الدول التى لا تطل على مسطحات مائية.
وأضاف رزيقة، أن التصدير للسوق الأفريقى يحتاج إلى المزيد من الحوافز الاستثمارية تشجع رجال الأعمال على العمل فى أفريقيا من بينها زيادة نسبة المساندة التصديرية خاصة للسوق الأفريقي، بالإضافة إلى إقامة معارض دائمة لتسهيل عملية الترويج للصناعات المحلية وإطلاع السوق الأفريقى على كل ما ينتجه السوق المصرى أولا بأول.
وأوضح أن هناك العديد من المجالات الاستثمارية بأفريقيا يمكن لمصر استغلالها خاصة فى مجال الصناعات الهندسية ومواد البناء والمواد الغذائية لإنعاش السوق الأفريقى وزيادة حجم التبادل التجارى بين مصر ودول القارة.
وأشار إلى أن فكرة إنشاء مجلس أعمال مصرى أفريقى من الصعب تنفيذها نظراً لتعدد الدول الافريقية واتجاهاتها وسياستها، خاصة أن المجلس يدعم العلاقات السياسية أكثر من الاقتصادية.
طالب علاء السقطي، رئيس جمعية مستثمرى بدر، الدولة بفتح جميع المجالات الاستثمارية للدول الأفريقية، وتقديم حوافز لرجال الأعمال الأفارقة فى مصر، خاصة أن العديد يرغب فى دخول السوق المصرى لكنهم فى انتظار استقرار الأوضاع السياسية والتشريعية.
وأضاف السقطى أن مصر فى ظل الأزمة التى يعانيها الاقتصاد لا تملك رفاهية الانغلاق على نفسها، خاصة أن الدولة موقعة على العديد من الاتفاقيات مثل الكوميسا وغيرها التى تسهل دخولها للسوق الأفريقى لكن الحكومات السابقة لم تحسن استغلالها.
وأوضح أن الحكومة الإثيوبية كانت قد خصصت قطعة أرض لمجموعة من المستثمرين المصريين، تصل مساحتها إلى مليون متر مربع شاملة المرافق، بنظام حق الانتفاع بما قيمته 10 جنيهات للمتر الواحد سنوياًـ ومتاحة للاستثمار فى جميع المجالات، ولا يوجد بها حتى الآن سوى ثلاثة مصانع فقط باستثمارت تصل إلى 50 مليون دولار، مشيراً إلى أن التوترات السياسية التى حدثت فى الفترة الأخيرة لم تؤثر على المميزات الممنوحة للمستثمرين المصريين فى إثيوبيا.
وشدد السقطى على ضرورة دعم الدولة للمستثمرين المصرين لإقتحام السوق الأفريقى وتنشيط حجم التجارة البينية والاستثمار بين البلدين، وإزالة جميع المعوقات التى تقف حائلا أمام ذلك خاصة أن إثيوبيا تمثل العمق الاستراتيجى لمصر.