صناعة المركبات باتت تشكل ٪15 من الناتج المحلى الإجمالى بطهران مقابل ٪0.5 لدى مصر
«مسروجة»: نحتاج 500 مليون جنيه دعماً سنوياً من الحكومة للمنافسة الإقليمية والعالمية
بيومى: أمامنا فرصة لاختراق أسواق السيارات العربية والأفريقية بموجب الاتفاقات الدولية
أظهرت مقارنة أجرتها «البورصة» بين قطاع السيارات فى مصر وإيران، تدنى مساهمة قطاع السيارات فى الناتج المحلى الإجمالى بمصر التى لا تتجاوز %0.5 مقارنة بـ%10 فى إيران والتى يعمل فى هذا القطاع بها نحو 500 ألف عامل بنسبة %2.3 من القوى العاملة، مقابل %0.16 فقط فى مصر.
وانتقد خبراء بقطاع السيارات عدم سعى الدولة لتدعيم الصناعة فى مصر، التى تراجعت بشدة مقابل الصعود اللافت لها فى إيران، رغم تشابه الحالة بالدولتين، فى ظل خضوعهما لضغوط اقتصادية شديدة، خارجية فى الحالة الإيرانية وداخلية فى مصر.
ورأى الخبراء الاقتصاديين والمصنعين بالسوق المصرى أن تفوق السوق الإيرانى لصناعة السيارات يرجع إلى توجه حكومة طهران للاعتماد على «السيارات» فى مواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليها جراء تطويرها لصناعة الطاقة النووية، حيث أغلقت الأسواق الأوروبية بشكل خاص أمام المنتج الإيرانى بخلاف المقاطعة العالمية.
ورغم أن الحكومة المصرية لديها الفرصة لفتح أسواق جديدة أمام المنتج المصرى ألا أنها أهملت قطاع صناعة السيارات وتركت الصناعة تحت أيدى المستثمرين، مما جعل أصحاب المصالح يتحكمون فى الصناعة.
وبلغت مساهمة قطاع السيارات المصرى فى الناتج المحلى الإجمالى للدولة بحوالى %0.5 بما يعادل 1.3 مليار دولار عام 2013، بينما ساهم فى إيران بـ%10 فى الناتج المحلى ليصل إلى 36.6 مليار دولار خلال نفس العام.
وفيما يضم السوق الإيرانى 13 شركة مصنعة للسيارات استطاعت تصدير منتجاتها إلى 30 دولة ومنها مصر، فى حين تعمل بالسوق المصرى 17 شركة مصنعة للسيارات إلا أنها عاجزة عن طرح سياراتها فى أى سوق خارجى.
قال المهندس رأفت مسروجة، الرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارت «أميك» وخبير السيارات لـ»البورصة» إن قطاع صناعة السيارات فى مصر قطاع مهمل للغاية ولم ينظر إلى أهميته فى القضاء على مشكلة البطالة والتدهور الاقتصادى.
وأوضح مسروجة أن قطاع صناعة السيارات فى مصر يساهم بـ%0.5 من الناتج المحلى الإجمالى للدولة بقيمة 10 مليارات جنيه سنويا، مضيفاً أن عدد السيارات المجمعة محليا المباعة خلال 2013 قدرت بنحو 92.2 ألف سيارة مقابل 103.6 ألف سيارة مستوردة، مشيراً إلى أن إجمالى عدد السيارات المنتجة فى مصر لا يرتقى إلى إنتاج شركة عالمية كبيرة فى هذه الصناعة.
اضاف ان عدد العمالة بالقطاع يبلغ حوالى 46 ألف فرد، منهم 16 ألف عامل بصناعة السيارات و30 ألف عامل بالصناعات المغذية لصناعة السيارات، بما يمثل %0.16 من القوة العاملة المصرية التى تبلغ حوالى 28 مليون عامل حسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2013، مؤكدا أن القطاع لديه القدرة على تحمل أضعاف هذه العمالة إذا تم الاهتمام به.
وأشار مسروجة إلى أن سوق السيارات فى مصر يستوعب 15 مليون سيارة، مضيفاً أن مصر لم تصدر السيارات الملاكى لاى دولة، بينما استطاعت التصدير لبعض الدول فى مجال سيارات النقل.
بيّن الرئيس الشرفى لمجلس المعلومات لسوق السيارات «أميك» أن إيران استطاعت من خلال دعم صناعة السيارات أن تعتمد على الإنتاج المحلى لمواجهة العقوبات الدولية، وفى المقابل تركت الحكومة المصرية صناعة السيارات للقطاع الاستثمارى مما جعل الصناعة تتدهور بشكل حاد فى ظل عدم وجود استراتيجية واضحة للنهوض به.
أوضح انه رغم هذا الوضع المتدهور للصناعة لكن صناعة السيارات بمصر تحتل المرتبة الثالثة فى الشرق الأوسط بعد المغرب وإيران، وتوقع تصدر المغرب للصناعة فى الشرق الأوسط بانتهاء العام الجارى.
وأعلن مسروجة أن دراسة أظهرت أن صناعة السيارات المصرى تحتاج إلى دعم حكومى لا يقل عن 500 مليون جنيه سنويا للنهوض بالقطاع، واعداده ليكون من أكبر قلاع صناعة السيارات فى الشرق الأوسط خلال 3 سنوات.
من جانبه، شدد السفير جمال بيومى الأمين العام لبرنامج دعم المشاركة المصرية الأوروبية، على ضرورة اعتماد الاقتصاد المصرى على صناعة كبيرة كصناعة السيارات، مشيراً إلى ان التقديرات الحالية للمبيعات فى حدود 200 ألف سيارة سنوياً لا تناسب سوقاً بحجم مصر، بالإضافة إلى ان متوسط التعريفة الجمركية فى مصر يقترب من %200 من سعر السيارة المستوردة وفقاً لمصلحة الجمارك.
وأضاف بيومى أنه أمام سوق السيارات المصرى الانفتاح على أسواق منها السوق العربى الذى يتسع إلى 350 مليون سيارة، وفى حالة قدرة المُصنع المصرى على تغيير وضع عجلة القيادة إلى الناحية اليمنى فى جزء من خطوط إنتاجه، فسوف تستحوذ مصر على حصة كبيرة من الأسواق الأفريقية، بالاعتماد على اتفاقية الكوميسا.
أشار إلى أن دولة كينيا على استعداد لاستيراد كل سياراتها من السوق المصرى إذا توافرت خاصية وجود عجلة القيادة يمين السيارة طبقاً للنظام الأوروبى.
قال بيومى إن مصانع «مرسيدس» و«بى أم دبليو» بمصر مرشحة للاغلاق عند إتمام اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية لإلغاء الجمارك فى عام 2019، فى حالة استمرارها فى سياستها الحالية فى صناعة السيارات.
أوضح أن استراتيجية الشركتين ينبغى أن تعتمد على التصدير بجانب السوق المحلي، واستغلال الفرص بالأسواق الأفريقية والمحرومة اعتماداً على الاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر ومنها الكوميسا واتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى «جافتا» واتفاقية اقامة منطقة تجارة حرة فى «أوغندا» واتفاقات اخرى مثل اغادير وحتى الشراكة الأوروبية.
وأشار السفير جمال بيومى إلى أن أصحاب المصالح فى قطاع السيارات وبيروقراطية الدولة تحول دون تطور صناعة السيارات فى مصر، مما يتطلب اقامة شركات فى مصر لصناعة السيارات العالمية «Out Sourcing companies»، مشيراً إلى أن دولة المغرب اقتنصت مؤخراً عقداً مهماً مع شركة “رينو” العالمية لإنتاج سياراتها للتداول فى أفريقيا بدلا من مصر.
وأكد بيومى أن مستقبل صناعة سيارات النقل بأحجامه فى مصر أكثر تنافسية فى العالم، بسبب توافر عمالة كثيفة تقوم على هذه الصناعة، بالمقارنة بالدول الأوروبية.
وقال أحمد خليل الضبع، الباحث الاقتصادى فى قضايا التعاون الاقتصادى العربى والشرق الأوسط بمركز صنع القرار بمجلس الوزراء إن الاقتصاد الإيرانى شهد خلال العقود الثلاثة الماضية تغيرات جذرية، استجابة للتحديات العديدة التى واجهها، وأهمها العقوبات المتكررة والمتصاعدة التى اعتاد على التعامل معها، ما أكسبه قدرة فائقة على التعايش معها ومناعة نسبية ضد الأزمات التى فرضت عليه.
تابع الضبع أن الحكومة الإيرانية اعتمدت على قطاع صناعة السيارات فى مواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووى.
وأنتجت إيران للسيارات خلال عام 2011 حوالى 850 ألف سيارة وبلغت خلال 2012 حوالى 990 سيارة ووصل إلى 600 ألف سيارة خلال عام 2013، نتيجة توقف برامج التعاون والتجميع مع عدد من الشركات العالمية فى مجال صناعة السيارات بسبب تشديد العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيرانى فضلا عن تراجع الاستثمار ونقص مستلزمات الإنتاج وفقدان عدد من الأسواق التصديرية ضمن العقوبات المفروضة.
وأضاف الضبع أن أهمية قطاع السيارات تكمن فى مساهمته بـ%10 من الناتج المحلى الإجمالى ويوظف 500 ألف عامل بنسبة %2.3 من القوى العاملة، كما يحتل المرتبة رقم 12 فى إنتاج السيارات فى العالم والمرتبة الاولى على مستوى الشرق الاوسط.
وتعمل بإيران اكثر من 13 شركة عامة خاصة لإنتاج السيارات أهمها شركات «خوردو» و«سايبا» و«إيكو» التى تسيطر على %90 من الإنتاج بجميع أنواعه وتنتج علامات محلية مثل «سمند» و«رانا».
كما بدأت إيران التصدير لاكثر من 30 دولة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية ودول الكومنولث المستقلة، كما شرعت فى تأسيس مواقع للإنتاج فى سوريا وبيلاروسيا واذربيجان والسنغال ومصر وفنزويلا.
وأوضح الضبع أن المسئولين الإيرانيين يتوقعون مع دخول المرحلة الأولى من اتفاق جنيف (5+1) حيز التنفيذ الذى يستهدف رفع العقوبات الاقتصادية الدولية عن إيران تدريجياً، ان تعود شركات العالمية للبحث عن فرص بالسوق الإيرانية القادرة على استيعاب نحو 16 مليون سيارة، مستغلة خبرة صانعى السيارات الإيرانيين لإجراء المحادثات حول الإنتاج المشترك مع الشركات العالمية خاصة شركتى «بيجو» و«رينو» بعد أنسحابهما جراء تشديد العقوبات على إيران.
أكد الباحث الاقتصادى أن إيران تسعى لأن تكون مركزاً رئيسياً لتصنيع وتوزيع السيارات فى (الشرق الاوسط) الذى يضم 400 مليون مستهلك.
يصل دخل الفرد الإيرانى 5.2 ألف دولار سنويا ويزيد على 12.5 ألف دولار بمعيار القوة الشرائية عام 2013 وذلك قياسا على قطاع السيارات وبتروكيماويات.
ونجحت إيران نسبيا فى استغلال كل مقومات القوة التى تمتلكها، وخصوصا القوة البشرية البالغ حجمها نحو 80 مليون نسمة، نصفهم من الشباب، فضلا عن الموقع الجغرافى المتميز، والموارد الطبيعية المتنوعة والهائلة، والناتج المحلى الحقيقى الذى يتجاوز 500 مليار دولار، ويصل إلى تريليون دولار بمعيار القوة الشرائية، ويبلغ الناتج المحلى الإيرانى بالأسعار الجارية حوالى 366 مليار دولار خلال 2013.
