بقلم: رولا خلف
هل نفد حظ قطر ؟ منذ عام مضى، كانت الدولة الخليجية الصغيرة الغنية فى أبهى حالاتها وفى طريقها لترسيخ نفسها كقوة إقليمية سياسية وعالمية.
وبعد أن أطلقت ثروتها من الغاز فى العالم، أصبحت تمتلك محافظ أصول بقيمة مليارات الدولارات، ثم نشرت نفوذها فى العالم العربى المضطرب، ونصبت نفسها نصير القوى الإسلامية الناشئة.
وكان أميرها واثقا للغاية من منزلته حتى أنه تنازل عن العرش لأبنه فى يونيو 2013، فى محاولة للتأكيد على أن قطر من أكثر الدول تقدمية بين الدول الخليجية المتمسكة بالوضع الراهن.
ومع ذلك، فإن عاما فى الشرق الأوسط وقت طويل، وبدلا من التمتع بنفوذ بلاده، اضطر الأمير الشاب شيخ تميم بن حمد آل ثانى أن يدير التراجع.
ويبدو أن نجم قطر بدأ فى التلاشى منذ أن تغيرت الجغرافية السياسية فى الشرق الأوسط ضدها، وبعد تولى الشيخ تميم المنصب بقليل، أطيح بالحكومة الإسلامية المصرية التى ساندتها قطر ماليا وسياسيا، مما حطم استراتيجيتها الإقليمية.
كما انخفضت عائدات قطر من الاستثمار فى حركة التمرد السورية وبعد فشل المعارضة فى قلب آليات الحرب والاطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وخلال الأسبوع الماضى، تداول الإعلام على المستويين العربى والأجنبى الحدث الأكثر صخبا فى عالم كرة القدم بقطر وسط المزاعم بأنها قدمت رشاوى لعدد من الدول من أعضاء الفيفا لترشيحها لاستضافة بطولة كأس العالم لعام 2022، وهو الحدث الذى انتظرته لدعم وضعها الدولى الجديد.
ولا يزال من غير المؤكد مراجعة استضافة قطر للبطولة، فى الوقت الذى نفت اللجنة المنظمة لكأس العالم لكرة القدم 2022 فى قطر ارتكاب أى أخطاء، ولكن خسارتها استضافة كأس العالم سوف يكون بمثابة هزيمة لدولة استقبل انتصارها بالتهليل من قبل المؤيدين والمعارضين فى المنطقة على أنه انتصار لكل العرب.
وسوف يصر حلفاء قطر على تبرأها فى التحريات الجارية حاليا، ويدّعون أن هناك مؤامرة محاكة فى هذه العاصفة المثارة حول كأس العالم.
وتعرضت قطر إلى الكثير من الجدل منذ أن فازت باستضافة البطولة، فأولا، أثيرت التساؤلات حول نقص البنية التحتية الضرورية لكرة القدم ودرجة الحرارة المرتفعة، وهو ما دفع الفيفا للإعلان عن خطط بإقامة كأس العالم المزمع إقامته بقطر فى الشتاء بدلا من موعده المعتاد فى الصيف، ثم تفجر الغضب من معاملة العمالة المهاجرة وسط تقارير بوفيات فى مواقع البناء.
ثم كثفت المزاعم الأخيرة بشأن الرشاوى التى تسربت إلى جريدة “صنداى تايمز” الضغوط على الشيخ تميم، فى الوقت الذى يحاول احتواء السياسة الخارجية القطرية المنهارة.
وأعيد انتخاب بشار الأسد الأسبوع الماضى رئيسيا لسوريا التى حاولت الدوحة الإطاحة به، ونصب عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، رئيسا لمصر، وهو ما يعنى فشل السياسة الخارجية القطرية.
ومع تحول السياسات فى المنطقة، تورط الشيخ تميم فى خلاف علنى غير معتاد مع السعودية والإمارات، ورغم تراجع التوترات فى الأسابيع الأخيرة، فإن المطلعين على تفاصيل النزاع يرون إن الخلافات بين الجيران الخليجيين قد تنشب مجددا.
وأصبحت قطر هدفا سهلا للانتقاد فى الشرق الأوسط، حتى فى محاولات التدخل الحميدة التى ينظر إليها بعين الشك.
وكان من المفترض أن تحتفل قطر الأسبوع الماضى بالتوسط الناجح لتبادل أسرى بين الولايات المتحدة وطالبان، وقد مدحها الرئيس الأمريكى باراك أوباما على ذلك، الا أن الجمهوريين اعترضوا على تفاوض الحكومة مع الإرهابيين، وعلى كل الأحوال، فقد غطت مزاعم رشاوى كأس العالم على قضية تبادل الأسرى.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز