أمريكا أرض المهاجرين، لكن بعضا من كبرى شركاتها حريصة على الهجرة من البلاد بسبب ارتفاع معدلات الضرائب والنظام الضريبي “العالمي” للولايات المتحدة والذي يقتطع حصة من أرباحها الأجنبية.
الأسلوب المفضل الذي تتبعه الشركات للخروج من الولايات المتحدة هو “التعاكس الضريبي tax inversion” الذي يستغل اندماجا عبر الحدود كذريعة للتخارج في مكان أكثر تساهلا في سياسته الضريبية.
ميدترونيك، شركة مصنعة للأجهزة الطبية، هي أحدث وأكبر مؤسسة أمريكية تغير جنسيتها بهذه الطريقة، حيث ستنتقل المجموعة المندمجة إلى إيرلندا ذات الضرائب المنخفضة، وهي المقر الرسمي لشريكها كوفيدين.
الصفقة هي الخامسة عشر في سلسلة من عمليات التعاكس الضريبي التي بدأت قبل عامين، والتي تلقى رواجا على وجه خاص بين شركات الرعاية الصحية والطاقة، حيث كانت محاولة فايزر الأخيرة الفاشلة للاستحواذ على أسترازينيكا لتصبح الأضخم في هذه الموجة.
وبحسب بلومبرج، فرت نحو خمسين شركة أمريكية منذ تفتق ذهن مخططو الضرائب عن الفكرة في تسعينيات القرن الماضي.
عملية التعاكس الضريبي التي تعتزم ميدترونيك تنفيذها لا تهدف بالأساسإلى تقليص نسبة الأرباح التي تدفعها الشركة على هيئة ضرائب مؤسسية، ولكنتحرير نحو 20 مليار دولار من أرباحها الخارجية التي تكره إعادتها إلى الوطن لأن العم سام سيقتطع 35 بالمئة منها.
الحكومة الأمريكية حاولت مرارا منع الشركات من الهروب إلى الخارج عبر استغلال التعاكس الضريبي، لكن مساعيها لم تحقق النجاح المرجو،حيث سنت قبل عشر سنوات قوانين تقضي بألا تقل قيمة الشريك الأجنبي عن 20 بالمئة من المجموعة المندمجة.
هذه القواعد ساعدت في وقف موجة تخارج الشركات مع واجهات في برمودا وجزر الكايمان الخالية من الضرائب، لكنها كفلت للأمريكيين مزدوجي الجنسية خيارات متعددة للاندماج مع شركات أصغر في أماكن تفرض ضرائب منخفضة على أرباح الشركات مثل إيرلندا وهولندا وبريطانيا.
وتقترح مشاريع قوانين قدمها الديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي هذا العام رفع هذه النسبة إلى 50 بالمئة، أي أن الشريك الأجنبي ينبغي أن يكون مساويا في حجمه للمؤسسة الأمريكية لكي تتم عملية التعاكس، وسيطبق التغيير بأثر رجعي منذ مايو/آيار هذا العام.
فهل ستفلت تلك المشاريع من مقصلة الجمهوريين؟ وحتى ذلك الحين ستظل عمليات التعاكس الضريبي على جداول أعمال مجالس إدارات الشركات الأمريكية.