أثناء استعادة إصلاحات إمبراطورية «ميجى» فى اليابان، التى بدأت عام 1868، عملت خلالها مجموعة من المسئولين ذوى الميول الإصلاحية والمواطنين معاً للقضاء على الإقطاع، بالإضافة إلى فتح الحدود ودفع البلاد نحو مسار التصنيع السريع. وفى ما يزيد قليلاً على عشر سنوات أعادوا تشكيل اليابان من أعلى إلى أسفل، وتركت تلك الحكاية أثراً وتفاؤلاً كبيرين بين بعض اليابانيين وأنهم عند الضرورة القصوى يستطيعون تغيير الاتجاه، لكن البعض كان يشكك فى امكانية ذلك خاصة المستثمرين الأجانب. ففى عقدين من الركود الاقتصادى فشل زعماء اليابان مراراً فى إنقاذ ثروات بلادهم.
أطلق شينزو آبى، رئيس وزراء اليابان منذ عام 2012 شيئاً لكلا الجانبين العام الماضى أول سهمين من استراتيجية آبى للنمو الاقتصادى، حيث عرض حوافز مالية ضخمة وبرنامج تخفيف القيود النقدية وعزز أداء البورصة، وهو ما أدى إلى ارتفاع شعبيته، وانتصر حزبه الليبرالى الديمقراطى فى انتخابات البرلمان اليابانى.
ولكن محاولته الأولى فى السهم الثالث من الإصلاحات الهيكلية لإطلاق العنان للنمو، التى أعلن عنها فى يونيو من العام الماضى باءت بالفشل.
وقال: يبدو أن الإصلاحات قد توقفت نتيجة ضغوط من جماعات مختلفة فى اليابان، ما أثار غضب المستثمرين الأجانب وعزز الشكوك بأن تركيزه على الإصلاح الاقتصادى قد يضطرب.
ذكرت صحيفة الإيكونوميست، أن هناك سببين للتفكير بأن هذه المرة سوف تحقق اليابان هدف الإصلاحات. الأول، وصلت البلاد إلى النقطة التى ندرك فيها جميعا أن هناك حاجة إلى إصلاح من نوع ما، والثانى أن رئيس الوزراء يتابع خطط التوسع فى جميع المجالات الاقتصادية التى تحتاج إلى التغيير.
لقد تغيرت اليابان فى 20 عاماً من الركود. والسبب الرئيسى وراء ذلك «الديموغرافيا». فقد ظهرت علامات الشيخوخة فى كل مكان. فالمعمرون هم القطاع الأسرع نموا من السكان، بينما تتقلص القوى العاملة بدرجة كبيرة.
يفسر عشرون عاماً من الأداء الضعيف السبب وراء تملك الأجانب معظم الشركات فى البلاد الذين يملكون %30 من اجمالى سوق الأوراق المالية فى الوقت الحالى، فى الوقت الذى كان لا يزيد على %4 عام 1989. وتتوسع مساهمة الرأسمالية وتضع العديد من الشركات الكبيرة أهدافاً طموحة للربحية. الذى قد يساعد إلى حد كبير على تحقيق أهداف آبى واجبار الشركات اليابانية لاستثمار أموالها الضخمة، بدلاً من اكتنازها.
خطة آبى «للإصلاح الاقتصادى» أكبر بكثير من سابقاتها. فهى تسعى إلى تحرير قطاع الرعاية الصحية المقيد بشكل كبير، لتمهيد السبيل لأصحاب المشاريع المحلية والأجنبية فى اليابان واصلاح حوكمة الشركات.
يحتاج رئيس الوزراء إلى الاستمرار فى التركيز على أهدافه وتجنب التعرض للتعثرات من قبل جماعات المصالح لصرفه عن المهمة القومية. فحجم ما قام بطرحه من هذه الاصلاحات كان فقط لالتقاط الأنفاس فهو يوفر أفضل فرصة لتنشيط اقتصاد اليابان، وهو ما يجب أن يرحب به الجميع.








