بقلم: روبرت جى شيلر
تزايدت المخاوف فى الأشهر الأخيرة بين الخبراء الماليين ووسائل الإعلام فى العالم من أن تؤدى أسواق الأصول المتضخمة – العقارات، والأسهم، والسندات طويلة الأجل – إلى تصحيح كبير فى الاتجاه وبالتالى أزمة اقتصادية أخرى، ولكن يبدو أن عامة الناس لا تهتم.
ورغم أن قلق الخبراء جدير بالاهتمام وصحيّ، فإن له مخاطره أيضا لأننا لا نعلم إذا كان سيؤدى إلى رد فعل مبالغ فيه من الجمهور لمجرد احتمالية انهيار الأسواق.
كما أصدرت الوكالات الدولية مؤخرا تحذيرات من المضاربات المفرطة فى أسواق الأصول، وأشارت إلى أننا ينبغى أن نقلق من أزمة محتملة، وفى خطاب له فى يونيو الماضي، قال نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، تشو مين، إن أسواق الإسكان فى العديد من الدول فى أوروبا وآسيا والأمريكتين يظهر عليها علامات تضخم الأسعار، وفى نفس الشهر، قال بنك التسويات الدولية فى تقريره السنوى إن مثل هذه العلامات تدعو إلى القلق.
كما تدق الجرائد نواقيس الخطر أيضا، ففى 8 يوليو، كتبت جريدة «نيويورك تايمز» فى صفحتها الأولى عنوانا يقول: «من الأسهم وحتى الأراضى الزراعية، كل شيء يزدهر أو يتجه نحو فقاعة: أسعار كل الأصول تقريبا فى ارتفاع، مما ينذر بمخاطر اقتصادية».
وليس واضحا تماما، لماذا تنطلق هذه الإنذارات الآن بعد خمس سنوات من توسع الأسواق بعدما وصلت لأدنى مستوياتها فى أوائل عام 2009، ولماذا لا يتوقع الناس السعداء المزيد من سنوات التوسع؟
ويبدو أن هذا التفكير متأثر بشدة من المستويات القياسية الجديدة فى أسواق الأسهم، حتى وإن كانت هذه المستويات بلا معنى بالنظر إلى مستوى التضخم، ومن الجدير بالذكر أيضا أن مؤشر مورجان ستانلى كابيتال انترناشيونال لكل دول العالم حطم المستوى القياسى الذى وصل إليه فى 31 أكتوبر 2007.
وأعلن صندوق النقد الدولى الشهر الماضى عن موقع عالمى يراقب أسواق الإسكان ويتتبع أسعار المنازل، ويعرض هذا الموقع مؤشراً عالمياً لأسعار المنازل، ويرتفع هذا المؤشر بسرعة تعادل نفس الوتيرة التى سار عليها خلال الانتعاشة التى سبقت أزمة 2008.
وهناك أيضاً إعلان البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بأنه إذا تقدم الاقتصاد على النحو المتوقع، فإن آخر شراء للسندات من جولة التيسير الكمى التى بدأت فى سبتمبر 2012 سوف تكون فى الشهر الذى يلى اجتماع لجنة السوق المفتوح الفيدرالية فى أكتوبر 2014.
وتؤثر هذه القصة الخبرية على تفكير مراقبى السوق، ولكن ليس بقدر وجود أنباء مؤكدة عن إنهاء البرنامج، خاصة أن الكل يعرف منذ فترة طويلة أن الفيدرالى سوف ينهى البرنامج يوما ما.
وتكمن المشكلة فى عدم وجود طريقة محددة تفسر كيف سيكون رد فعل الناس لهذا التغير فى السياسة النقدية أو لأى علامات على ارتفاع أو تراجع الأسعار أو أى أنباء أخرى يمكن أن تظهر وتكون ذات أهمية بطريقة أو بأخرى.
وفى الواقع، شهدنا ثلاث أزمات عالمية بارزة فى القرن الماضي: فى 1929 – 1933، وفى 1980 – 1982، وفى 2007 – 2009، وهذه الأحداث تعد نسخاً أكبر من التقلبات الصغيرة المتكررة التى تراحا من حين لآخر، ومع ذلك من الصعب أن نفهم هذه الأحداث الكبيرة.
ومع ذلك، هناك شيء مشترك بينها وهو تحركات الأسعار المفاجئة التى تتسبب فى دهشة معظم الملاحظين ويصعب تفسيرها بشكل كامل حتى بعد سنوات من الواقعة، كما أنهم يرتبطون أيضا بأخطاء صناع السياسة، فعلى سبيل المثال، أزمة عام 1980، نشأت بسبب ارتفاع أسعار البترول نتيجة حرب إيران والعراق، ولكن كل هذه الأزمات كانت متصلة بفقاعات فى أسعار الأصول والتى انفجرت وقادت إلى انهيار مالي.
ويحق لهؤلاء الذين يحذرون من مخاطر السماح باستمرار ارتفاع الأسعار دون عوائق القيام بذلك، حتى إذا لم يستطيعوا إثبات أسباب القلق، وهذه التحذيرات قد تنجح فى منع الانتعاشات التى نشهدها حاليا من أن تكون أطول وأكثر خطورة.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: موقع بروجكت سينيديكيت








