تعقيدات العمل الإدارى تعطل اتخاذ القرار وتعوق العمل التنفيذى
مدراء الشركات الكبرى يقضون يومين إسبوعياً فى اجتماعات بدون هدف واضح
كان «بيتر دراكر» رجل الاقتصاد الأمريكى أول من لاحظ أن مكونات الإدارة تجعل من الصعب على الناس العمل فى كثير من الأحيان، وبعد تسع سنوات من وفاة مُعلّم الإدارة كانت ملاحظته هى الأصدق فغالباً ما يتناقش الموظفون فى تجمّعات تسودها الفوضى من امتلاء البريد الالكترونى الوارد إلى الاجتماعات التى لا نهاية لها، والقوائم الطويلة من الأهداف دون التركيز على عملهم الحقيقي.
ذكرت مجلة الإيكونوميست أن أكثر أشكال الفوضى يتمّثل فى التعقيد داخل الهيكل التنظيمى، وقد تتبعت مجموعة «بوسطن» الاستشارية عيّنة من الشركات فى الولايات المتحدة وأوروبا منذ عام 1955 وعرّفت المجموعة التعقيد على نطاق واسع ليشمل كل شىء من طبقات الإدارة إلى أعداد أشكال التنسيق وأهداف الشركات. فالمجموعة تعتقد عموما أن التعقيد التنظيمى زاد بمعدّل ست مرات منذ ذلك التاريخ.
ويتمّثل النموذج الثانى من الفوضى داخل الشركات فى الاجتماعات وقامت «باين آند كومبانى» الشركة المتخصصة فى استشارات الاعمال بدراسة عيّنة من الشركات الكبيرة، ووجدت أن مدراءها قضوا %15 من أوقاتهم فى اجتماعات وهى الحصة التى ترتفع كل عام منذ 2008 وان أغلب هذه الاجتماعات ليس لها هدف واضح، وتوصلت الشركة إلى أن كبار المدراء التنفيذيين يقضون يومين كاملين فى الأسبوع فى اجتماعات مع ثلاثة أو أكثر من الزملاء. ويرسل المشاركون فى %22 من هذه الاجتماعات ثلاث رسائل بريد الكترونى أو أكثر بمعدل نصف ساعة يجلسون فيها داخل الغرفة دون عمل.
تشّكل هذه الرسائل الإلكترونية الشكل الثالث من الفوضى وتشير التقديرات إلى أن عدد الاتصالات الخارجية التى يتلقاها المدراء ارتفع من حوالى ألف مكالمة فى السنة عام 1970 إلى حوالى 30 ألف مكالمة حالياً وكل رسالة تفرض «ضريبة وقت» على الجمهور حتى يتم انهاؤها وهذه الضرائب يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة ما لم تتتم إدارتها.
وأشارت «الإيكونوميست» إلى أن بعض الفوضى أمر لا مفر منه فهدف الشركات يتمثّل فى الحصول على الموظفين للوصول بشكل جماعى إلى ما لا يمكن القيام به بشكل فردى لذلك سوف تكون هناك حاجة لبعض الاجتماعات والمذّكرات للتنسيق لهم فغالباً التعقيد يكون ثمن النجاح.
تواجه الشركات التى نمت بحجم كبير وتعمل فى العديد من الأسواق مشاكل أكثر تعقيدا من تلك التى تعمل فى مجالات أصغر ولكن «دراكر» كان على صواب بالتأكيد حينما قال إن التنسيق لديه ميول للتحول إلى فوضى.
تؤثر الفوضى سلباً على الروح المعنوية والإنتاجية على حد سواء وقد توصل «تيريزا امبالى» من مدرسة هارفارد للأعمال الروتينية اليومية إلى أن أكثر من 230 شخصاً من الذين يعملون فى المشاريع التى تتطلب الإبداع وجد أن قدرتهم على التفكير بشكل خلاّق انخفضت بشكل ملحوظ إذا تخللت أيام عملهم الاجتماعات بينما يؤدون مهامهم أفضل بكثير إذا ما تركوا فى التركيز على مشاريعهم دون انقطاع لجزء كبير من اليوم.
تحتاج الشركات الكبرى إلى حملات ضد التعقيد الداخلى ويسعى حالياً «جيفرى إيميلت»، رئيس جنرال الكتريك لتقديم «ثقافة التبسيط» كجزء من الخطة لخفض النفقات العامة التى بلغت %18.5 من الايرادات عام 2011 إلى %12 عام 2016.
ويعمل «جو كايسر»، الرئيس التنفيذى لشركة «سيمنز» على الغاء جميع الإدارة الطبقية والحد من عدد الانقسامات تحتها فى الوقت الذى دعا فيه «ألان مولالى»، الرئيس السابق لشركة فورد إلى إجراء مراجعة لجميع اجتماعاتها وحل محلها «لقاء اسبوعى» بدلاً من اهدار الوقت فى الاجتماعات التى لا نهاية لها.








