بقلم: ديريك سيسورز
من السابق لأوانه، أن نقيّم السياسة الإصلاحية التى أطلقها رئيس الوزراء الهندى الجديد «ناريندرا مودى»، ولن يكون منطقياً أن يكون قد قام بالفعل بإصلاحات عميقة.
وقد تحدث أعضاء حزب «باهارتيا جاناتا»، الذى يرأسه «مودى»، عن ضرورة التغيير السياسى، وأكدوا على أهمية تحسين مناخ الأعمال التجارية والحد من البيروقراطية.
ومع ذلك، فهذه الإصلاحات ستكون متواضعة ما لم تكن هناك إصلاحات أعمق. فالهند تحتاج بالفعل إلى تغيير جوهري. فنظام ملكية الأراضى يتسم بالفوضى. كما أن قيود سوق العمل تخنق قطاع التصنيع.
والولايات الهندية غير مندمجة تقريباً، إلا أن الحكومة الجديدة أهدرت حتى الآن مناسبات عظيمة لـتقرير رؤيتها الاقتصادية التى لاتزال ضبابية، إذ إنها لم تعلن عنها عند قيام الحكومة بكشف النقاب عن الميزانية الجديدة أوائل يوليو الماضي، أو محادثات منظمة التجارة الدولية أواخر يوليو، أو فى خطاب يوم الاستقلال الشهر الماضي.
ويعتمد التقييم العادل لرئيس الوزراء الهندى وحكومته، اعتمادا كبيرا على ما الذى يتوقعه الشعب من الحكومة الجديدة. فهل يرى الهنود أن البلاد لا تحتاج سوى الحد من الفساد وأن تصبح أكثر ودية للأعمال التجارية؟ أم أنهم يروا أن البلاد فى حاجة إلى إصلاحات جذرية؟.
وإذا كان الأول هو ما ينتظره الشعب، فـ «مودى» يسير على الطريق الصحيح. فالتدابير الفعالة لمكافحة الفساد والداعمة للأعمال التجارية صعبة حقا ولكنها ممكنة. أما إذا كان الشعب يتوقع إصلاحات جذرية، فسوف تكون معايير النجاح أعلى بكثير.
وإنطلاقاً من هذا المنظور، فقد كانت إزاحة الستار عن الميزانية – أولى الإجراءات المهمة التى قامت بها الحكومة الجديدة – مخيبة للآمال.
ويقول المدافعون عن الميزانية، إنه لم يكن المنتدى المناسب لتقديم بيان اقتصادى رسمي.. ولكنهم قالوا إن الميزانية لم تركز حقا سوى على نطاق ضيق من الإصلاحات المستهدفة، بما فى ذلك تعزيز مشروعات البنية التحتية والسماح بملكية أكبر للأجانب فى مشروعات التأمين والدفاع.
تعهدت الحكومة فى الميزانية بتخفيض معدلات التضخم وارتفاع النمو، ولكنها لم تشر إلى كيفية تحقيق ذلك.
دعت «نيودلهى» إلى الاستثمار الأجنبى فى خطوط السكك الحديدية وغيرها من القطاعات، ولكن دون إصلاحات داخلية كبيرة. فسوف تستقبل البلاد تمويلاً أقل بكثير من المأمول.
ويتعين على الهند معالجة قضية ملكية الأراضى حتى تتمكن من تحقيق قفزة حقيقية فى تطوير البنية التحتية، ومع اقتراح «مودى» بمواجهة المشكلة من خلال تسهيل إجراءات ملكية الأراضي، فإنه لم يضع يده بذلك على المشكلة الأساسية، إذ أن المشكلة لا تكمن فى صعوبة شراء الشركات والحكومات للأراضي.. ولكن فى عدم حصولها على حقوق الملكية خصوصا الفقراء.
وينبغى على الحكومة الجديدة أيضاً إصلاح سوق العمل من أجل زيادة الاستثمارات وفرص العمل. وفى الواقع، أضاعت قوانين العمل المقيدة على الهند فرصة أن تصبح قوة صناعية.
ولا تعد مسألة تسهيل التجارة بالنسبة للهند مشكلة دولية فحسب، ولكنها مشكلة محلية أيضا، حيث يقوض وجود اقتصاد قومى حقيقى، أى عوائق تجارية بين الولايات. وقد صدق حزب «باهارتيا جاناتا» على ضريبة موحدة على السلع والخدمات، والتى ستحل محل العديد من الأنظمة الضريبية لكل ولاية بآخر قومي، مما يساعد على وجود سوق هندى متكامل. ولكن «مودى» لم يوضح سوى تفاصيل قليلة بشأن كيفية تغلبه على مخاوف الولايات حيال تقاسم الإيرادات.
ويبعث بالتأكيد سجل «مودي» فى ولاية «جوجارات» الهندية، طمأنينة كبيرة بأن مناخ الأعمال سوف يتحسن بمرور الوقت، ولكن الهند لا تستطيع أن تحقق الرخاء من خلال تحسن مناخ الأعمال فقط، حتى تكون سياسة «مودي» الإصلاحية ناجحة، يجب أن تكون أكثر شمولا، فحكومة الهند الجديدة فى سباق «ماراثونى»، ومن غير المنطقى أن تبدأ السباق زاحفة.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: «فورين أفيرز»







