البنوك وشركات التأمين وصناديق المعاشات تتسابق لمساعدة البلدان الأكثر فقراً للتصدى لظاهرة الاحتباس الحرارى
«أتلانتا» الأمريكية تنتج عشرة أضعاف انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى «برشلونة» الإسبانية
يستمر الجدل بشأن العمل على مكافحة مشكلة تغير المناخ، وينعقد العديد من المؤتمرات الدولية، بما فى ذلك قمة الأمم المتحدة المنعقدة فى نيويورك خلال الأسبوع الجارى، بينما تزداد انبعاثات الغازات الدافئة.
ويتساءل مارتن وولف فى مقال له بصحيفة «فاينانشيال تايمز»: هل يمكن أن يتغير ذلك؟ ويجيب بأن هناك شروطا أساسية لهذا التغيير، أحدها هو القيادة، ولكن أهمها الجمع بين القضاء على مشكلة تغير المناخ الجامحة، وتحقيق الرخاء وارتفاع مستويات المعيشة، ما قد يسهم فى تغير شكل الجدل حول هذه القضية.
من ناحية أخرى، أفاد التقرير الذى أصدرته اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ، بأن دعم الوقود الأحفورى يبلغ 600 مليار دولار سنوياً، مقابل 90 مليار دولار فقط قيمة دعم الطاقة النظيفة، ولا يبدو هذا الأمر منطقيا على الإطلاق، نظراً للأضرار الناتجة عن الانبعاثات، فاعتماد الصين، على سبيل المثال، على الفحم جعلها أكبر باعث للغازات المسببة للاحتباس الحرارى فى العالم.
أوضحت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي، أن وضع ضريبة على انبعاث الكربون قد يعود بالنفع على العديد من البلدان، حتى لو تم تجاهل جميع المنافع العالمية.
وكشفت الدراسة أن سعر الضريبة على طن الفحم قد يبلغ – وفقا للاعتبارات المحلية – نحو 57 دولاراً فى المتوسط على أكبر عشرين دولة باعثة للكربون، وهى ضريبة أعلى بكثير من الأسعار الحالية فى نظام تجارة انبعاثات الكربون فى الاتحاد الأوروبى.
علاوة على ذلك، فإن المناطق الحضرية تستهلك حوالى %70 من الطاقة المستخدمة، ويزداد عدد تلك المناطق سريعاً فى الاقتصادات الناشئة، وقد قارن تقرير اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ بين مدينة أتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا فى الولايات المتحدة، ومدينة برشلونة الاسبانية، وكلتاهما مدينتان مزدهرتان، وعدد سكانهما مماثل، ولكن الأولى تنتج عشرة أضعاف انبعاثات ثانى أكسيد الكربون عن مدينة برشلونة.
يقول مارتن وولف، إننا نشهد تراجعاً ضخماً فى تكلفة الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، جنبا إلى جنب تحسن قدرتها على معالجة مشكلة إمدادات الطاقة المتجددة، وأفاد تقرير اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ بأن الطاقة المتجددة وغيرها من مصادر الطاقة منخفضة الكربون، بما فى ذلك الطاقة النووية، من الممكن أن تشكل ما يزيد على نصف توليد الطاقة الجديدة خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، ويمكن تحقيق مثل هذا التحول من خلال وضع ضريبة مناسبة على انبعاث الكربون، والاستثمار، وتشجيع الابتكار والتخطيط، وذلك يتطلب أيضاً تحركاً جادا من القطاعين الخاص والحكومى.
ويوضح التقرير، أن التكاليف الاستثمارية السنوية، على سبيل المثال، للبنية التحتية اللازمة فى النقل، والطاقة، وأنظمة المياه، والمدن، ستبلغ حوالى 6 تريليونات دولار سنوياً، فى حين ستبلغ تكاليف البنية التحتية منخفضة الكربون، مثل الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، حوالى 270 مليار دولار سنوياً.
وقد تعهدت بعض البنوك الكبرى فى العالم والمجموعات الاستثمارية بجمع 200 مليار دولار نهاية العام المقبل، لمكافحة تغير المناخ، وقد جاء هذا التصريح فى بداية قمة المناخ فى الأمم المتحدة التى انعقدت أمس الأول.
وفى خطوة قالت عنها الأمم المتحدة، إنها غير مسبوقة، تكاتفت شركات التأمين الرائدة، وصناديق المعاشات، والبنوك للمساعدة فى توجيه تلك النقود إلى مشروعات من شأنها أن تساعد البلدان الأكثر فقراً على التصدى لظاهرة الاحتباس الحرارى والحد من اعتمادها على الوقود الأحفورى.








