تستهدف 70 دولاراً للبرميل لوقف ثورة الخام الصخرى الأمريكى
تخوض المملكة العربية السعودية حرباً سرية بطريقتها الخاصة مستخدمة أهم أسلحتها «البترول»، والأسئلة التى تطرح نفسها فوراً تدور حول طبيعة هذه الحرب وضد من وأين تكون ساحة معركة خفية عن أنظار؟. والإجابة بالتأكيد على هذه التساؤلات ستكون من واقع الظروف المحيطة بنظام آل سعود الذى بات مهدداً على الصعيد الأمنى جراء تصاعد نفوذ إيران التى تطمع فى بسط امبراطوريتها الفارسية من المحيط للخليج.
فى الوقت نفسه فرض الربيع العربى على الانظمة الخليجية عموما والسعودية خصوصاً زيادة الانفاق العام خصوصا فى مجالات الاعانات الاجتماعية لامتصاص اى ثورة شعبية قد تطيح بها من على كرسى عرش ممالك البترول العربية. غير أن ثورة البترول الصخرى فى الولايات المتحدة وبريطانيا، وكذلك الصين التى تسعى للحاق بركبها باتت تهدد سيطرة الرياض على سوق الخام وسقف التسعير أهم مصادر تمويل الموازنة.
وتستطيع الولايات المتحدة خلال سنوات قليلة أن تصبح اكبر مصدر للبترول فى العالم بدلاً من السعودية لكن التحدى الاكبر هو ارتقاع تكلفة الإنتاج حيث يتطلب الأمر الاحتفاظ بسعر البترول فوق مستوى الـ 80 دولاراً للبرميل على الأقل.
وبحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الروسية الرسمية نوفوتسى، فإن السعودية على مدار الأشهر الماضية رفضت تخفيض سقف الإنتاج عن 12 مليون برميل يومياً رغم نداءات شركائها فى الاوبك مع تراجع الاستهلاك العالمى فى الدول المتقدمة ومن بعدها الاسواق الناشئة فى آسيا.
ولم يكن الرفض السعودى حرصاً على الحفاظ على مستوى مبيعاتها السنوية بقدر ما هو رغبة فى الضغط على الاسواق للهبوط بسعر البرميل لمستوى أقل من 70 دولاراً كما هو متوقع.
ويقول اندرو كريتشولو، أحد كبار محللى أسواق السلع الأساسية إن السعودية تمتلك أقل تكلفة إنتاج للبترول فى العالم بما لا يتجاوز دولارين للبرميل أى أنها إذا باعت بسعر 60 دولاراً مثلاً فإن هذا يعنى ان ربحها 58 دولاراً. ساهمت التكلفة المنخفضة فى الحد من تأثير تراجع البترول على الرياض لكنه موجع بالنسبة لإيران التى تعانى من العقوبات الدولية التى أوشكت على الانقضاء نظراً لتقارب وجهات النظر مع الغرب حول برنامجها النووى وهو ما يعنى امكانية ضخ طهران نصف مليون برميل يوميا اضافية فى وقت لا يروق للرياض هذا التقارب وبالتالى فان هبوط الأسعار يعنى تقليص عائدات البيع الإيرانية والضغط على موازنتها فى وقت تخوض فيه معارك مسلحة على جبهات عدة فى سوريا واليمن ولبنان لبسط نفوذها.
ويمثل البترول %50 من الموازنة الإيرانية بينما هو المصدر الرئيسى للعملة الصعبة بما يعادل %80 من احتياجاتها من الدولار واليورو.
وعلى صعيد البترول الصخرى الأمريكى تأمل الرياض فى عرقلة التطور السريع لهذا القطاع عبر خفض سعر البرميل أقل من 70 دولاراً بحيث يفقد الإنتاج فى مناطق واسعة بالولايات المتحدة التى يتوافر فيها هذا النوع جدواه الاقتصادية بحيث يكون تكلفة الإنتاج اعلى من سعر البيع.
كما تطمح الرياض فى ان تراجع الاعتماد الأمريكى والغربى على البترول العربى يمكن تعويضه عبر التوسع فى الاسواق الاسيوية خصوصا الصين والهند واليابان فى وقت تعانى فيه هذه الاقتصادات من تباطؤ نسبى فإنها تعتقد أن سعر البترول الاقل سوف يشجعها على الاستيراد اكثر لتحفيز نموها حيث تعتمد معظم الاقتصادات الناشئة على التصدير حيث يوفر لها سعر الخام المنخفض فرصة لإنتاج بتكلفة اقل وبيع سلعها بسعر ارخص وهو ما يزيد الطلب عليها فى السوق العالمية شديدة التنافسية.
ومن المتوقع ان يستعر أتون الصراع داخل منظمة “أوبك” فى اجتماعها المقبل منتصف الشهر المقبل الذى سيتحول مقرها فى جنيف إلى ساحة حرب بين طرف يسعى لخفض الإنتاج لرفع سعر البرميل وطرف مصر على الابقاء على سقف الإنتاج كما هو.
لكن المعركة الاكثر شراسة التى تنتظر النظام السعودى الحاكم ستكون فى الداخل ونتيجتها تتوقف على الاجابة على هذا التساؤل. إلى اى مدى يمكن ان يتحمل السعوديون سعر البترول اقل من 80 دولاراً للبرميل؟!.







