بقلم: مارتن وولف
هل تؤدى سياسات منطقة اليورو إلى انتعاش اقتصادى قوى؟ جوابي: «لا» وأصبح لهذه الإجابة أهمية عالمية منذ أصبحت منطقة اليورو تنتج %17 من الناتج العالمى العام الماضى.
إنها ألمانيا التى تضع الاستراتيجية الاقتصادية لمنطقة اليورو، وتتألف هذه الاستراتيجية من ثلاثة عناصر: الإصلاح الهيكلى، الانضباط المالى والتسوية النقدية. وحتى الآن، فشلت كل هذه السياسات فى توليد الطلب الكافى، حيث بلغ الطلب الحقيقى فى منطقة اليورو %5 فى الربع الثانى من العام الجارى، أقل مما كان عليه فى الربع الأول من عام 2008 «ذروة الأزمة المالية».
ويتم حاليا تشجيع فرنسا وإيطاليا لتسريع وتيرة «الإصلاحات الهيكلية» كوسيلة لإنعاش النمو، وبالتالى فى منطقة اليورو نظرا لأهميتهما. هاتان الدولتان تنتجان %38 من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى فى منطقة اليورو، وتنتج ألمانيا وحدها %28 من إجمالى إنتاج منطقة اليورو.
وفى كلا الاقتصادين، تشتمل البرامج الموصى بها على تحرير سوق العمل. فكلاهما يجرى تشجيعهما على اتباع «إصلاحات هارتس» التى تم تطبيقها فى ألمانيا بين عامى 2003 و2005، لكنَّ شيئا واحدا لم تفعله تلك الإصلاحات وهو خلق ديناميكية الطلب الكلي. فبين الربع الثانى من عام 2004 والربع الثانى من العام الجارى، نما الطلب المحلى الحقيقى %11.2 فى ألمانيا، وعند فحص الأرصدة المالية القطاعية وجُِدت فروق بين الدخل والإنفاق الحكومى والقطاع الخاص والأجانب.
وبدأت استجابة القطاع الخاص الألمانى للإصلاحات مطلع عام 2000 وحققوا فوائض مالية هائلة.
ومنذ الفترة التى انكمش فيها العجز المالى، ارتفع تدفق رأس المال وهذه الضربة باختصار، كانت استجابة من القطاع الخاص لإصلاحات سوق العمل والتضييق المالى لتصبح على نحو متزايد رخيصة ومن هنا تتراكم كميات كبيرة من الأصول الأجنبية.
ومن حيث رفع الطلب المحلى الخاص، حققت قليلاً من الإصلاحات وعلى العكس من ذلك، أصبحت ألمانيا تعتمد اعتمادا كبيراً على الطلب الخارجي. وبالمثل، فإن التضييق المالى لا يطلق العنان لإنفاق خاص أقوى. كما نتوقع إصلاحات مماثلة فى سوق العمل لتعزيز الطلب فى فرنسا، وإيطاليا التى من المرجح أن تثبت غاية فى التفاؤل.
هذا لا يعنى أن الإصلاحات لم تحقق شيئا. فألمانيا لديها معدّلات منخفضة من البطالة رغم النمو الضعيف جدا والمملكة المتحدة لديها أيضا معدّلات منخفضة نسبياً من البطالة رغم أن النمو الاقتصادى لا يزال ضعيفا بعد الأزمة.
وفى كلتا الحالتين، شجعت الإصلاحات العمالية تقاسم صدمة سلبية كبيرة عبر السكان عن طريق الأرباح الحقيقية الراكدة. وتتمثل أعراض هذا النوع من التعديل فى ضعف الإنتاجية.
ففى الصناعة الألمانية، لم ترتفع الإنتاجية منذ كان 2007. وكان أداء الإنتاجية فقيرا أيضا فى المملكة المتحدة. لكن البطالة الألمانية وصلت %4.9 فى يوليو الماضى، والمملكة المتحدة %6 فقط، مقابل %10.4 فى فرنسا.
والنتيجة هى أن إصلاحات سوق العمل قدّمت القليل لتعزيز الطلب. وفى ألمانيا، فإن الكثير من الطلب يأتى من الخارج. والسؤال الذى يطرح نفسه فى الوقت الراهن ما الذى تعنيه هذه النتيجة لمنطقة اليورو ككل؟ هناك احتمال نظرى وهو أن منطقة اليورو سوف تسعى لتوليد فائض حساب جارى كبير الذى يتساوى مع الناتج المحلى الإجمالى فى ألمانيا. وهذا يعنى عدم وجود فائض بقيمة 300 مليار دولار، مثل العام الماضى ولكن 900 مليار دولار.
تحتاج منطقة اليورو للتوصل إلى صفقة بين الإصلاح والمزيد من الطلب الاضافى، وللقيام بذلك يجب أن ندرك أن استمرار الركود يشكل تهديدا كبيرا للاستقرار هناك.
إعداد: محمد رمضان
المصدر: الفاينانشيال تايمز







