«ديبكو» و«سونكر» أبرز المشروعات المتوقفة منذ سنوات وتعطل استثمارات بمليارات الدولارات
مستشار وزير النقل: توقيع عقد تسوية «سونكر» خلال شهر مع مجلس الوزراء
أمين: مراجعة جميع عقود الموانئ تحقق الاستقرار وتجذب المستثمرين
خبراء: الوزارة لم تراع الظروف السياسية والاقتصادية للبلاد وقت طرح المشروعات الجديدة.. وانعدام وضوح الرؤية سبب رئيسى فى الفشل
تصاعدت خلال الفترة الماضية تساؤلات حول أولوية قطاع النقل البحرى ومشاكله المتعثرة لدى وزير النقل الحالى مهندس البترول هانى ضاحى الذى يواجه بانتقادات من المجتمع الملاحى بسبب اهماله القطاع ومشكلاته التى تعد صداعاً مزمناً لكل وزراء النقل السابقين الذين لم يستطيعوا إيجاد حلول جذرية لها منذ سنوات عديدة وأضاعت على الدولة ملايين الدولارات.
ولجأ الوزراء السابقون إلى لجنة فض المنازعات التابعة إلى مجلس الوزراء لحل المشاكل المتعثرة بالنقل البحرى.
وبدأ ضاحى بمشكلة شركة «ديبكو» الكويتية المتعثرة فى تنفيذ محطة حاويات ميناء دمياط منذ 2011 والتى تعطل استثمارات بقيمة 1.2 مليار دولار تمثل تكلفة إنشاء محطة الحاويات، ولكنه بعد إنذارات «شديدة اللهجة» لمسئولى الشركة الكويتية ظل الحال كما هو عليه.
وحصلت «ديبكو» على حق امتياز إنشاء وتشغيل محطة الحاويات خاصة بميناء دمياط على مساحة 600 ألف متر مربع وأطوال أرصفة 2000 متر وعمق 17 متراً.
وشدد وزير النقل خلال تصريحات صحفية نشرت مؤخراً على أنه سيتم فسخ تعاقد شركة «ديبكو» من تنفيذ مشروع محطة حاويات دمياط فى حالة عدم البدء فى تنفيذ المشروع قبل نهاية العام الجارى.
من جانبه، قال أحمد أمين، مستشار وزير النقل لشئون القطاع البحرى والنهرى إنه تم عقد عدد من الاجتماعات مع ممثلى شركة «ديبكو» للبدء فى تنفيذ المشروع قبل نهاية العام الجارى إلا أن الشركة لم تبدأ فيه بعد ولم يتحرك أى شيء على الأرض.
أكد أمين أن وزارة النقل لن تتنازل عن أى مستحقات مالية على الشركة والتى تتمثل فى الغرامات الواقعة عليها لتأخرها فى تنفيذ المشروع والتى تزيد عن 120 مليون دولار.
وأوضح مستشار وزير النقل لشئون النقل البحرى فى تصريحات خاصة «لوجستيك» أنه تم عقد اجتماع مع مساهمين شركة «ديبكو» الكويتية خلال الشهر الماضى تم الاتفاق على تقديم خطة للبدء فى تنفيذ المشروع وتوفير التمويل المالى قبل نهاية الشهر الجارى أو سيتم فسخ التعاقد واسناد المشروع لشركة أخرى.
وكان من المقرر بدء العمل الفعلى بالمشروع بداية 2007 إلا أن تحالف «ديبكو» تقدم بطلب لتأجيل بدء تشغيل المشروع إلى 31 ديسمبر 2010 وطلب إقرار من الحكومة لتسهيل حصوله على قرض من البنوك المصرية، ووافقت وزارة النقل على طلبات تحالف ديبكو ووقعت هيئة ميناء دمياط اتفاق تسوية مع التحالف، لكن المحطة لم تبدأ التشغيل فى الميعاد الذى طلبت شركة ديبكو التأجيل إليه.
وتقدمت ديبكو بطلب آخر لتنفيذ مشروع المحطة على مرحلتين وتم توقيع ملحق للعقد الأصلى، إلا أن الشركة تقدمت بطلب ثالث بتاريخ 30 يناير 2010 لتأجيل بدء تشغيل المحطة إلى 31 ديسمبر 2011 بدلا من 31 ديسمبر 2010، وبالفعل تمت الموافقة على طلب الشركة وتم توقيع ملحق ثان يتضمن الاستجابة لمطالب ديبكو ينص على اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرد الإخطار فى حالة تجدد تعثر ديبكو.
لكن ديبكو تعثرت مجدداً ولم تبدأ المحطة فى العمل مع نهاية ديسمبر 2011 وفقا لما هو منصوص عليه بالملحق الثانى للتعاقد المبرم بين الطرفين، وتقدمت بطلب رابع تطلب مهلة 22 شهرا لتنفيذ وبدء تشغيل المشروع.
وفى سياق متصل أوضح أمين أنه تم عقد تسوية مع شركة «سونكر» صاحبة مشروع الصب السائل وتموين السفن بشرق التفريعة للتخارج من المشروع عقب تعثرها فى تنفيذه، لافتاً إلى أنه من المتوقع توقيع عقد التسوية بداية العام الجارى مع لجنة فض المنازعات التابعة لمجلس الوزراء.
وحصلت شركة «سونكر» بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء فى سنة 2010 على حق امتياز إنشاء وتشغيل محطة الصب السائل لتموين السفن بميناء شرق بورسعيد، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالى 3.2 مليار جنيه على مساحة 500 ألف متر مربع لتداول وتخزين الوقود، إلى جانب إنشاء رصيف بحرى لرسو السفن بطول 900 متر بشرق التفريعة.
وتقوم وزارة النقل حالياً بإجراء مفاوضات مع شركة «قناة السويس لتداول الحاويات» لتعديل ملحق «5» الذى تم بموجبه زيادة حق الانتفاع لصالح الشركة إلى 49 سنة بدلاً من 35 سنة، بالإضافة إلى إعفاء الشركة من رسوم تداول الحاويات التى تدفعها للحكومة على كل حاوية يتم تداولها والتى تبلغ 3 دولارات، وذلك لمدة 17 عاماً تبدأ من 2008.
تضمن الملحق كذلك إعفاء الشركة من إيجار أرض المرحلة الثانية من المشروع، والمقدرة بنحو 600 ألف متر مربع، ما يوازى نصف مساحة المشروع، لمدة 17 سنة أيضاً.
وحصلت الشركة خلال الملحق الأخير على العديد من الشروط المجحفة على الحكومة المصرية التى شملت أيضاً إنشاء رصيف إضافى بطول 450 متراً تتولى الشركة بناءه بتكلفة تبلغ 80 مليون دولار سيتم خصمها من عوائد الشركة المستحقة لهيئة موانئ بورسعيد.
وتحاول وزارة النقل تعظيم إيراداتها من الموانئ المصرية التى لا تتجاوز 800 مليون بالرغم من الموقع الاستراتيجى الذى تتمتع به مصر، وذلك من خلال ادخال الموانئ فى جميع المشروعات التى سيتم طرحها بنسبة مساهمة تبلغ %20، حيث ستكون هذه النسبة نصيب الميناء من الربح الذى ستحصل عليه الشركة من تنفيذ المشروع وأن الميناء ليس شريكا فى الخسارة.
علاوة على أن وزارة النقل قامت مؤخرا بإجراء بعض التعديلات على كراسة شروط المحطة الثالثة للحاويات بميناء الدخيلة، والمعروف بمشروع «رصيف رقم 100»، والتى تتضمن دخول هيئة الميناء بنسبة مساهمة فى المشروع لا تقل عن %20، وتنقسم تلك النسبة إلى %5 منحة مجانية للهيئة، و%15 يتم خصمها من العوائد المستحقة للهيئة بعد التشغيل من الإيرادات ورسوم التداول وإيجار الأرض والخدمات اللوجيستية للسفن، بخلاف ما يتم تحصيله من الشركة مقابل التداول ومقابل الانتفاع بالأرض على أن يتم خصم %50 من مستحقات الهيئة مع بدء تشغيل المشروع.
وستقوم وزارة النقل بتعميم تلك التعديلات على جميع المشروعات التى سيتم طرحها بالموانئ خلال الفترة المقبلة.
يأتى انعدام الرؤية تلك فى حل مشكلات أكبر قطاع يتبع وزارة النقل، فى وقت انفجرت فيه ماسورة المزايدات والمناقصات التى طرحتها الوزارة مؤخراً لإنشاء محطات تداول حاويات وغلال وبضائع عامة على ساحلى البحر الأحمر والمتوسط والتى لم يتقدم إليها أحد وفشلت جميعها فى اجتذاب المستثمرين.
وعزفت الشركات الاستثمارية العاملة فى المجال البحرى سواء تداول الحاويات أو التخزين أو الصب السائل عن التقدم لتلك المشروعات رغم شراء معظمها لكراسات شروط المشروعات.
ولم يمر سوى أقل من أسبوع على عدم تقدم المستثمرين لمشروع إنشاء محطة غلال ميناء الدخيلة بالإسكندرية ليصعق مجلس إدارة هيئة ميناء دمياط بسبب عدم تقدم أى من الشركات التى سحبت كراسات شروط محطة مشروع لتخزين الغلال بسعة 28.5 ألف طن، حيث قالت المصادر إن كراسة الشروط مجحفة للمستثمرين.
وكانت شركتا «بونجى» و«كارجل» الأمريكيتان و«سيسكو ترانس» و«العربية للشحن والتفريغ» التابعان للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى بالإضافة إلى شركة «كايرو ثرى إيه» المملوكة لرجل الأعمال رفعت الجميل قد سحبت كراسة شروط مشروع محطة غلال دمياط فى وقت سابق من العام الجاري.
ما حدث فى هيئتى موانئ الإسكندرية ودمياط يشبه تماما لما حدث بمحطة حاويات سفاجا التابعة لهيئة موانئ البحر الأحمر، والنتيجة أن المحطة سقطت من حسابات المستثمرين رغم سحب كيانات عملاقة كشركة موانئ دبى العالمية – السخنة وشركة تشاينا هاربر الصينية لكراسات الشروط.
الدولة طرحت كراسات الشروط لتلك المشروعات فى وقت سابق من العام الجارى وسحبتها الشركات العملاقة فى المجال البحرى إلا أنه لم يتقدم أحد وتدرس هيئة موانئ البحر الأحمر تجميد مشروع محطة حاويات سفاجا أو إعادة طرحه عقب مراجعة كراسة الشروط أول العام المقبل، وهو بالمثل ما تقوم به هيئة ميناء الإسكندرية التى تراجع حاليا كراسة شروط محطة الغلال بميناء الدخيلة بالتعاون مع وزارة النقل.
كما ألغت وزارة النقل، أيضًا، مزايدة إنشاء محطة متعددة الأغراض فى ميناء الطور بمحافظة جنوب سيناء، لعدم تقدم الشركات للمزايدة، رغم أن عدة شركات سحبت كراسة الشروط، منها «أوراسكوم للإنشاءات» والشركة الهندسية للموانئ الصينية «شيناهاربر» وشركة «القومية للتشييد» المملوكة للدولة، ويقع المشروع على مساحة 85 ألف متر مربع، وتصل استثماراته إلى 1.5 مليار جنيه.
ولا تختلف مزايدة ميناء الأدبية عن باقى موانئ البحر الأحمر فقد ألغت الوزارة المزايدة على مشروع إنشاء محطة للصب الجاف هناك، للسبب نفسه وهو «عدم تقدم المستثمرين»، وقامت عدة شركات بسحب كراسة شروط المشروع الذى يهدف إلى تصميم وإنشاء رصيف ومحطة صب جاف حديثة للغلال بميناء «الأدبية» على مساحة 250 ألف متر مسطح، وضمّت تلك الشركات كلاً من «أوراسكوم للإنشاءات» والشركة الهندسية للموانئ الصينية «شيناهاربر» وشركة «بن لادن» السعودية، وشركة «موانئ دبى العالمية»، وشركة تركية.
وعلل خبراء النقل البحرى عزوف المستثمرين عن التقدم لأى مناقصات أو مزايدات طرحتها الوزارة مؤخرا إلى انعدام الرؤية للمستثمرين فى كراسة الشروط كذلك عدم ملاءمة الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية لطرح مشروعات يضخ فيها مليارات الدولارات.
واتفق الخبراء أن وزارة النقل أخطأت فى طرح تلك الحزمة من المشروعات المهمة خلال منتصف العام الجارى وأنه كان لابد من وجود رؤية واضحة لكل تلك المشروعات، مضيفين أن وزير النقل الحالى المهندس هانى ضاحى لم يوضح كيف لكل تلك المشروعات أن تفشل دفعة واحدة.








