مصر تستطيع الاعتماد على المخلفات الزراعية بنسبة 50% خلال 5 سنوات
76 انبعاثاً ضاراً وعقوبة المخالف لا تتعدى 20 ألف جنيه
قال المهندس أحمد الدروبي، رئيس حملة «مصريون ضد الفحم »، إن استيراد الفحم وحرقه فى توليد الطاقة لمصانع الأسمنت أصبح أمراً واقعاً، رغم الأضرار التى ستنتج عنه، نافياً وجود قرار رسمى لاستخدام الفحم فى مصر، إذ أن قرار مجلس الوزراء بشأنه لم ينشر فى الجريدة الرسمية.. وهو مايعد خارج القانون.
وأضاف الدروبي، أن جميع مصانع الأسمنت قررت استخدام الفحم وبدأت فى تأهيل نفسها من خلال استيراد المعدات اللازمة حتى قبل إعلان الحكومة عن موافقتها على استخدامه فى توليد الطاقة.
ولفت إلى دور حملته التى تعارض بشدة استيراد الفحم، موضحاً أن الحملة تقدمت بدعوى قضائية إلى مجلس الدولة فى بداية العام الجارى، تطالب فيها بمنع استيراد الفحم واستخدامه نهائياً، ولن ترضخ لمصانع الأسمنت.
وتم تقديم جميع الأدلة والإثباتات التى تؤكد أن دخول الفحم سيسبب العديد من الأضرار البيئية والأمراض السرطانية التى تضر بصحة المواطنين، وكان موقف القاضى أنذاك انه استشعر الحرج، وتمت إحالة الدعوى إلى هيئة المفوضين وحتى الآن لم يتم البت فيها.
وأوضح الدروبى، أن حملته لديها العديد من الخبراء فى جميع التخصصات المختلفة فى مجال البيئة والطاقه والصحة العامة.
وأكد أن أفران الفحم التى تقوم المصانع بإنشائها حالياً بتكاليف باهظة، ستعمل بعمر افتراضى يتجاوز الـ50 عاماً، مشيراً إلى أن الفترة التى حددها وزير البيئة الدكتور خالد فهمى الممثلة فى 15 عاماً لاستخدام الفحم فى مصر غير صحيحة.. و«كلام وهمى» لايعقل -على حد قوله.
وأوضح أن جهاز شئون البيئة وهيئة الأمم المتحدة فى عام 2010، أصدرا تقريراً يوضح كيفية زيادة الكفاءة الإنتاجية لصناعة الأسمنت، ووضعا 10 أنواع من التكنولوجيا البسيطة التى تساهم فى رفع الكفاءة الإنتاجية للطاقة، وتوفير ما بين 22 و%34 من الطاقة المستهلكة فى قطاع الأسمنت، ولكن لم يؤخذ بالتقرير.. وتم اللجوء للحل الأسهل والأكثر ضرراً -على حد قوله- وهو استخدام الفحم، مشيراً إلى أن متوسط استهلاك الطاقة فى صناعة الأسمنت فى مصر يصل إلى 0.12 طن نفط مكافىء لإنتاج طن أسمنت واحد، أى 120 كيلو جرام نفط لإنتاج طن أسمنت.
وطبقاً لتصريحات مسئولى مصانع الأسمنت، لم تحصل الشركات سوى على %85 فقط من الغاز المتفق عليه فى عامى 2012 و2013، وهناك عدة بدائل للغاز بديلة عن استخدام الفحم، أبرزها تدوير المخلفات الزراعية والصلبة، والعديد من الدول تعتمد على المخلفات بأنواعها لرفع كفاءة طاقتها الإنتاجية حيث تولد المانيا %61 من طاقتها الإنتاجية من المخلفات، والنمسا تتجاوز نسبتها %66، كما تعتمد هولندا على المخلفات بنسبة %89.. ولكن مصر لم تلجا إلى هذه الحلول.
وقال الدروبى إن مصر يمكن أن تعتمد على المخلفات الزراعية والصلبة فى رفع كفاءتها الإنتاجية بشكل قوى، ولا تحتاج سوى مهنيين وفنيين لفرز المخلفات بطريقة دقيقة وعلمية، مؤكداً انه فى خلال السنوات الـ5 المقبلة يمكن أن تصل نسبة الاعتماد على الطاقة من المخلفات لنحو %50، وفقاً للدراسات التى صدرت عن أوروبا وأمريكا اللاتينية والصين.
وأضاف أن جهاز شئون البيئة فى عهد د. ليلى إسكندر، أصدر أكثر من تقرير يؤكد أن التكلفة الصحية السنوية لاستخدام الفحم داخل مصانع الأسمنت فى مصر تتجاوز 3 مليارات دولار، فى ظل وجود المعايير البيئية، موضحاً انه لم يتم تحديد نوع الفحم المستخدم حتى الآن سواء كان حجرياً أونباتياً أو غير ذلك.
ولفت إلى أن حجم وعدد الانبعاثات الضارة قد يصل حال استخدام الفحم إلى 76 انبعاثاً حسب نوع الفحم المستخدم، موضحاً أن حرق الفحم ينتج عنه أول أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت والمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق والزرنيخ.
وأكبر مصانع الأسمنت فى العالم المستخدمة للفحم، تضع فلاتر جديدة تعمل بالزئبق، لكن نسبة فعاليتها %90 فقط.. الأمر الذى يمثل خطورة كبيرة فى حد ذاته لأن الانبعاثات الباقية الـ%10 تكون من الزئبق، موضحاً أن ملعقة شاى مليئة بالزئبق حال وضعها فى بحيرة بمساحة 1750 فداناً، لا يصلح أكل السمك منها، لانها ستكون عبارة عن سموم.
وأكد رئيس حملة «مصريون ضد الفحم» أن الولايات المتحدة تستخدم أحدث الضوابط البيئية والإمكانيات المادية لمزيج الفحم داخل صناعة «الأسمنت»، ووفقاً لتقرير أمريكى فإنه يتم إنفاق ما يتراوح بين 350 و550 مليار دولار سنوياً للتكلفة الصحية والبيئية لتجنب الأثار السلبية لاستخدام الفحم، مشيراً إلى أن الثورة الصناعية التى حدثت فى أوروبا قامت على أساس استخدام الفحم، ولكن مصر لا تستطيع استخدامه لأنها لا تمتلك الخبرة والبنية الأساسية اللازمة له.
وشدد على ضرورة إيجاد حلول بديلة للطاقة بدلاً من الفحم، وعلى المدى القصير (2017 – 2018) ستحل آبار جديدة مكتشفة يبدأ تشغيلها فى ذلك التاريخ، أزمة الغاز حتى 2024، لافتاً إلى أن %80 من شركات الأسمنت الموجودة فى الدولة غير مصرية، ولايعقل أن تستورد الحكومة وقوداً أكثر ضرراً على حياة المواطنين لصالح شركات أجنبية، مؤكداً أن الحملة لن تتوقف عن هدفها التوعوى مهما واجهت من عقبات.
وأكد أن حملة «مصريون ضد الفحم» قدمت دعوى قضائية أخرى فى مجلس الدولة خلال الأيام القليلة الماضية.. ولن تكف عن مواجهة استخدام الفحم، وسيكون للحملة دور فى مراجعة المعايير حين صدورها لتوضيح النقص الموجود فى هذه المعايير، وما يجب ان تتضمنه وفقاً للمعايير الأوروبية.
وأوضح أن الحملة تواصلت مع أغلب الوزارت ولكن لم تجد ردوداً إيجابية، وبدأت تتوجه إلى التعاون مع عدد من الجمعيات الأهلية حالياً أبرزها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وجمعية حماية البيئة فى البحر الأحمر، وجمعية المركز المصرى.
وقال إنه وفقاً لنتائج عملية الرصد فى مداخن مصانع الأسمنت، فهناك 12 انبعاثاً ضاراً يصدر حالياً من مصانع الأسمنت دون استخدام فحم، موضحاً أن الأجهزة التى تضعها المصانع على مداخنها لم تنجح فى قياس سوى الأتربة الدقيقة فقط.
وأوضح أن هناك العديد من الانبعاثات التى تدخل على الرئة، وتسبب العديد من الأمراض مثل الربو، والقلب، وعدد المخالفات التى تم الإعلان عنها فى عام 2013 وصل إلى 813 مخالفة، فى حين ان أقصى عقوبة لا تتجاوز 100 الف جنيه، والعقوبة الفعلية لا تتعدى 20 الف جنيه فقط.
وأكد أن الحملة تعد حالياً تقريراً يبين المصالح الاقتصادية للمستفيدين من الموافقة على استخدام الفحم.. وسيتم إصداره الشهر المقبل.. والدولة يستحيل ان تضع معايير على المستوى العالمى لان مصانع الاسمنت لم توافق على ذلك لانها تتعارض مع مصالحهم الشخصية، مشيراً إلى انه حين قامت امريكا بتحديث معاييرها والضوابط البيئية المتعلقة بشأن استخدام الفحم قامت شركات الأسمنت برفع دعاوى تطالب بعدم تطبيق التحديثات التى تعد إنهاء لاستخدام الفحم على المدى البعيد، ولكن رفضت المحكمة الدستورية العليا فى أمريكا هذه الدعاوى حفاظاً على حياة المواطنين.
وأكد أن المعايير البيئية التى تضعها وزارة البيئة حالياً ليست حلاً ولم تحد من الأضرار الناتجة عن استخدامه، و لا أحد يستطيع تحديد نسبة الضرر الناتج عن استخدام الفحم، كما أن مصر لا تمتلك الخبرة والأجهزة العلمية التى تؤهلها لحصر وإعداد الإحصائيات الدقيقة لنسبة الضرر.