اعتبر تحليل لصحيفة “الجارديان” البريطانية أن أزمة الديون التي تلقي بظلالها على العملة الأوروبية الموحدة “اليورو“، مع الانكماش الاقتصادي الذي تشهده دول المنطقة في الوقت الحالي يتطلب حلًا غير مألوف.
وحول تلك الديون، استشهد التحليل بعبارة للاقتصادي البريطاني الشهير “جون ماينارد كينز” عن التعويضات التي فُرضت على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، حيث قال آنذاك: إن هذه الالتزامات “لن يتم سدادها”.
واعتبر أن العالم سيتعلم قريبًا التكلفة الكارثية جراء مطالبة دولة بسداد ديون “غير قابلة للسداد”، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتم بالتوازي مع فرض التزامات خانقة على دول جنوب أوروبا من قبل المقرضين في منطقة اليورو وبصفة خاصة ألمانيا.
وتعد الانتخابات العامة المفاجئة في اليونان، والتي نتجت عن فشل رئيس الوزراء اليوناني في دفع البرلمان لانتخاب مرشحه لمنصب الرئيس، أولى الأزمات المتوقعة في عام 2015، فيما سيشهد فصل الخريف انتخابات في البرتغال تليها إسبانيا، في اختيار بين الوضع المالي الجيد أو إنهاء حالة التقشف في البلاد.
وأشار التحليل إلى أنه على كل من يريد بقاء العملية الأوروبية الموحدة أن يفتح الباب أمام كل الطرق الممكنة لتحقيق ذلك، إلا أن بدلًا من إبداء المرونة انتهجت ألمانيا أسلوبًا شديدًا، حيث أورد تقرير نشرته صحيفة “دير شبيجل” الألمانية أن المستشارة “أنجيلا ميركل” ووزير ماليتها ” فولفجانج شويبله” غير قلقين من إخراج اليونان من منطقة اليورو.
واعتبرت “الجارديان” أن تصريحات مسؤولين ألمانيين بشأن توقعات بقاء اليونان ضمن منطقة اليورو، واستمرار سدادها لالتزاماتها المالية لا يمحي شيئًا من “اللدغة” التي تمثلت في لهو برلين بالفكرة التي كانت قريبًا “غير ممكنة تمامًا”.
ويعود تراجع القلق الألماني من احتمالية خروج اليونان من منطقة اليورو وتخلفها عن سداد ديونها إلى أسباب فنية منها أن خطة الإنقاذ في الأزمة اليونانية الأولى تمت بشكل سريع وطارئ، بينما يقف صندوق الاستقرار الأوروبي في الوقت الحالي في وضع مستعد تمامًا لأي طارئ.
وبالرغم من عدم قدرة الصندوق على وقف انتقال عدوى أزمة الديون إلى دول مدينة أكبر من اليونان مثل إيطاليا، إلا أن امتلاك المؤسسات الحكومية لكثير من السندات في الوقت الحالي يجعل الضغوط السوقية أقل مما كانت عليه في عام 2010 – 2011.
كما تعهد رئيس البنك المركزي الأوروبي “ماريو دراجي” في عام 2012 بأن البنك سوف يظل دومًا يفعل “ما في وسعه” في حال وجود أزمة مالية، وهو ما يعني أن المركزي الأوروبي قد يوفر الأموال اللازمة لفك حصار البنوك والحكومات من أي أزمة محتملة.
ويسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تنفيذ برنامج تيسير نقدي مناسب، مع انحدار دول القارة بأكملها تجاه الانكماش، حيث كشفت بيانات ارتفاع معدل أسعار المستهلكين في ألمانيا بنحو 0.2%.
وتساءل التقرير بشأن إمكانية اتجاه البنك المركزي الأوروبي لتوجيه خططه للطوارئ لإنقاذ الدول في جنوب أوروبا، بدلًا من مواجهة خطر الكساد في منطقة اليورو بشكل كامل.
وظلت خيارات البنك المركزي الأوروبي تدور حول الصمود الفعال لدول الشمال، وموافقة دول الجنوب على سياسة التقشف، إلا أنه بعد سنوات على هذا المزيج لا تزال حالة الركود الاقتصادي مستمرة، مع عدم قدرة دول شمال المنطقة على السداد المبكر، واتهام سكان دول الجنوب بالكسل، وهو ما يعجل بانتهاء صبر كل الأطراف في منطقة اليورو.
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن اليورو لم يعد في مواجهة مع عاصفة مالية، وإنما أصبح أمام قوة الديمقراطية الأوروبية.