أشار تحليل نشرته وكالة “بلومبرج” إلى أن صناعة الصلب في الصين تعاني من عدة أزمات تشير إلى بداية عهد جديد تتوجه فيه المؤسسات الصينية إلى الأسواق العالمية بعيدًا عن السوق المحلي “المتشبع”.
وتعاني مصانع الصلب الحكومية في الصين من أزمات تباطؤ نمو الاقتصاد، وزيادة المنافسة، بالإضافة إلى النقاش الدائر بشأن تأثير الضباب الدخاني المتدفق منها، مما يشير إلى أن نموذج الأعمال المربح لهذه المؤسسات خلال العقود الثلاثة الماضية “يموت ببطء”.
ويعد أحد أبرز الآراء شعبية هو أن اقتصاد الصين قد انتهى، ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلنت شركة “خبى أيرون أند ستيل” المملوكة للمقاطعة الصينية التي تحمل نفس الاسم، والي تعد أكبر مصانع الصلب انتاجًا في الصين أنها تقوم بنقل 5 ملايين طن سنويًا (نحو 11% من انتاجها السنوي من الصلب) إلى جنوب إفريقيا.
وتخطط مقاطعة “خبي” الصينية التي تعتبر أكثر مقاطعات البلاد تلوثًا لتصدير 20 مليون طن من الصلب، و30 مليون طن من الإسمنت، و10 ملايين صندوق من الزجاج (الصندوق يساوي 50 كيلوجرام) إلى جهات لم تُعلن حتى الآن.
وتمثل الطاقة الإنتاجية للصلب المقرر أن ينتجه المصنع الصيني لجنوب إفريقيا نحو ثلثي انتاج البلاد من المعدن، ونحو ثلث انتاج قارة إفريقيا، أي أنه من غير الواضح وجود طلب متوقع على الصلب الصيني الذي سيتم انتاجه في جوهانسبرج، وهو ما يثير التساؤلات بشأن قرار الشركة.
واعتبر التحليل أن قيادات الشركة الصينية اضطروا لهذا الإجراء لعدة أسباب، أولها أنهم يواجهون ضغوطًا سياسية لتقليص التأثير البيئي الضار لهذه الصناعة على البلاد، كما أن تخفيض انتاج الصلب والإسمنت والزجاج الذي عادة ما يعتبر من الصناعات الملوثة للبيئة في البلدان النامية سيكون له تأثير على الأهداف البيئة للرئيس الصيني.
كما أن مصنع “خبي” ربما يكون في حيرة بشأن كيفية تقليص أعماله التي تضخمت بشكل كبير، حيث من الواضح أن الشركة الصينية تمتلك طاقة انتاجية كبيرة، مع طلب منخفض على السلع، وهو حال قطاع الحديد والصلب بصفة عامة في الصين، والذي ارتفعت طاقته الانتاجية بنحو 200 مليون طن منذ عام 2012، لتتجاوز 1.1 مليار طن، في حين أنها معظم هذه الطاقة غير مستغلة، حيث سيصل انتاج الصلب إلى 750 مليون طن في عام 2014.
وشهدت أسعار الصلب المحلي الصيني أثارًا مدمرة خلال الفترة الماضية نتيجة الطاقة الانتاجية وتراجع الطلب، حيث هبط سعر قضيب حديد التسليح في “شنجهاي” والذي يدخل في كافة أشكال البناء من المساكن وحتى مترو الأنفاق بنحو 29% خلال عام 2014.
وقامت المصانع الصينية بمحاولة حل أزمة تراجع الطلب المحلي مقارنة بالطاقة الانتاجية عن طريق التصدير، حيث تم تصدير نحو 86 مليون طن من الصلب خلال أول 11 شهرًا من 2014، وهو ما يعادل إجمالي انتاج الولايات المتحدة من المعدن في عام 2013، بنسبة نمو في الصادرات بلغت 47% خلال نفس الفترة من العام السابق.
وتواجه المصانع الصينية حقيقة أن اللجوأ للصادرات لا يعتبر أمر مستدام على المدى الطويل، خاصة في حال فرض الولايات المتحدة وباقي الدول المستوردة للمعدن رسوم لمكافحة الإغراق الصيني.
وأشار تحليل “بلومبرج” إلى أن هذه الحقائق تجعل المصانع الصينية أمام خيار وحيد وهو أن تتجه للأسواق العالمية، وهو ما سبق وشجعت الحكومة الصينية شركاتها منذ تسعينيات القرن الماضي على التوجه إليه، في سبيل استخراج المواد الخام، والطاقة، ليتحول الأمر من مجرد استثمار طويل الأجل إلى ضرورة ملحة.
وأعلن مجلس الدولة الحاكم في الصين الأسبوع الماضي أن الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم سوف تعيد تسويق شعار “التوجه العالمي” للشركات المحلية، بالإضافة إلى دعم هذا التوجه ماليًا، في سبيل تحويل مؤسساتها المحلية إلى منافسين عالميين، وتوضيح أنه بالتمويل الحكومي لهذا التوجه فإن الصين تسعى لعائد أكبر على هيئة أرباح، وتأثير سياسي.