دفعت الطفرة الإلكترونية التى شهدتها القطاعات المصرفية العالمية، خلال الأعوام الماضية، البنوك المصرية إلى تعديل استراتيجياتها التوسعية، لتضع فى أولوياتها تكثيف الانتشار الإلكترونى ، عبر إتاحه «منتجات الإنترنت» و«الموبايل بانكنج»، خصوصاً عقب زيادة عملاء المدفوعات الإلكترونية.
«الإنترنت بانكنج» فى 27 بنكاً و«خدمات الموبايل» فى 11
«باركليز» و«الاتحاد الوطنى» و«قناة السويس» تدرس اقتحام سوق التكنولوجيا
حرص أغلب البنوك فى النصف الثانى من العام الماضى، على إتاحة خدمات تكنولوجيا مصرفية لعملائها، أو العمل على تحديث أنظمتها المصرفية، لإتاحة تلك المنتجات والخدمات المصرفية عبر «الإنترنت» و«الموبايل» خلال العام الجارى. وبلغ إجمالى عدد الفروع التى تتيح خدمات «الإنترنت بانكنج» فى مصر بنهاية العام الماضى، 27 بنكاً، أبرزها «فيصل» و«أبوظبى الإسلامى» و«التجارى الدولى» و«قطر الوطني» و«بنك المؤسسة المصرفية».
كما يتيح 11 بنكاً خدمات «الموبيل بانكنج» أبرزها بنوك «مصر» و«الأهلى» و«التجارى الدولى» و«المصرف المتحد».. وفقاً لمسح من إعداد «بنوك وتمويل».
وتسعى بنوك «باركليز» و«قناة السويس» و«الاتحاد الوطنى»، لإتاحة تلك الخدمات خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن عدد من البنوك الأخرى التى لم تطبق أياً من الخدمتين، والتى تسعى لاقتحام سوق التكنولوجيات المصرفية، بحثاً عن اقتناص حصة من كعكة عملاء التكنولوجيا البينية، المتوقع تزايدها بشكل ملحوظ العام الجارى. ويرى مصرفيون، أن خدمات التكنولوجيا البنكية، ستكون رهان البنوك الجديد؛ لجذب شرائح جديدة من العملاء، فضلاً عن أن القطاع المصرفى المصرى سيشهد منافسة شرسة بين البنوك خلال الأعوام المقبلة، لإتاحة تلك المنتجات وبرامجها المختلفة.
وقال عبدالحميد سليمان، رئيس لجنة التكنولوجيا والخدمات المصرفية بـاتحاد البنوك، إن الأنظمة التكنولوجية بالبنوك جاهزة لتطبيق جميع منتجات التكنولوجيا المصرفية الحديثة، التى تطبق عالمياً.
أضاف أن العام الجارى سوف يشهد طفرة غير مسبوقة فى تقديم الخدمات الإلكترونية بين البنوك، مشيراً إلى أن البنوك استطاعت الانتهاء من أهم المعوقات، وهو إعداد التطبيقات التكنولوجية لأنظمتها والتى تتطلب تكلفةً مرتفعةً.
وأشار سليمان إلى ضرورة وضع برامج تثقيفية للعملاء، توضح لهم مدى أهمية الخدمات الجديدة، لما تمثله هذه الخدمات من أهمية كبيرة فى توفير الوقت والجهد المبذول.
وطالب رئيس لجنة التكنولوجيا، بتشكيل لجنة قومية مكونة من ممثلى للبنوك وهيئات الدولة؛ للنظر فى البيانات القومية، وما تتطلبه من تعديلات فى القوانين، بما يسهم فى بناء منظومة متكاملة للتحصيل الإلكترونى.
وأكد محمد نجيب، رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات ببنك البركة، أن توسع البنوك فى تقديم الخدمات الإلكترونية يسهم فى زيادة عدد عملائها، والذى لا يتجاوز حالياً 10 ملايين عميل، والظروف السياسية التى مر بها الاقتصاد المصرى خلال الأعوام الثلاثة الماضية قلصت من توسع البنوك فى تقديم الخدمات الإلكترونية، متوقعاً حدوث طفرة غير مسبوقة لهذا القطاع العام الجارى.
وأرجع نجيب، عدم توسع البنوك فى تقديم خدمة «الموبيل بانكنج»، لما تطلبه من تقنيات حديثة على الأنظمة التكنولوجية للبنوك، إضافة إلى العدد القليل من العملاء الذين لديهم معرفة بطريقة التطبيق للبرنامج.
وأوضح أن الضوابط الجديدة الخاصة بخدمة «الإنترنت بانكنج»، والتى أقرها البنك المركزى مطلع نوفمبر الماضى، أسهمت فى إقبال بعض البنوك على تقديم هذه الخدمة للعملاء.
التكنولوجيا بديلاً للفروع
«الموبايل بانكنج» أكثر تسهيلاً للعملاء ويقلل مخاطر«الكاش»
يرى مصرفيون، أن الانتشار من خلال منتجات الصيرفة الإلكترونية، أكثر جدوى وسرعة من تدشين الفروع، إذ إن منتجات الصيرفة الإلكترونية تسهل على العميل القيام ببعض العمليات المصرفية، واتخاذ قرارات باستخدام «الموبايل»، أو من خلال حسابه البنكى على الإنترنت، متوقعين اتجاه بعض البنوك لاستبدال التوسع الأفقى بتحديث وإتاحة منتجات إلكترونية جديدة فى الفترة المقبلة.
وأضاف المصرفيون، أن السوق المصرى شهد طفرةً غير مسبوقة، وهناك شريحة كبيرة من عملاء البنوك لديهم الرغبة فى تطبيق الخدمات الإلكترونية الحديثة؛ لتوفير الوقت والجهد، لذا يصبح لزاماً على البنوك الاتجاه إلى تطبيقها.
قالت سهر الدماطى، نائب العضو المنتدب لبنك «الإمارات دبى الوطنى»، إن عام 2015 سيشهد طفرةً غير مسبوقة فى تقديم الخدمات الإلكترونية، لما تمثله من أهمية كبيرة فى توفير الوقت والمجهود.
أضافت أن الطفرة التكنولوجية التى شهدها السوق خلال الأعوام الثلاثة الماضية، دفعت البنوك إلى اتخاذ طريق معاكس لخططها، وفضلت عدم التوسع فى إنشاء الفروع والتوسع فى خدمات الإنترنت.
وأشارت الدماطى إلى أن هناك تغيراً فى المفاهيم الحديثة المصرفية، والتى تلزم البنوك بمواكبة التطورات الخارجية، لذا أصبح لزاماً على البنوك أن تسعى إلى تطوير أنظمتها التكنولوجية، وأهمها خدمات «الموبايل بانكنج» و«الإنترنت بانكنج».
قال باسل رحمى، الرئيس التنفيذى لبنك الإسكندرية لقطاعى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتجزئة المصرفية، إن البنوك تتجه فى استراتيجياتها العام الجارى، نحو التوسع بقوة فى تطبيق الخدمات الإلكترونية.
أضاف أن مصرفه، وفقاً لاستراتيجية العام الجارى، لا يسعى التوسع فى إنشاء فروع جديدة، وإنما سيعيد هيكلة بعض الفروع المتواجدة بكافة المحافظات.
أوضح رحمى أن الخدمات الجديدة، تمكن الكثير من عملاء البنوك من الاستمتاع بمزايا إجراء تعاملات الدفع بواسطة هواتفهم المحمولة، إضافة إلى كون هذه الخدمة أسرع وأسهل وأكثر أمناً مقارنة بالدفع نقداً.
واشار إلى أهمية تطبيق الخدمات الإلكترونية فى تقليل مخاطر خسارة النقد (الكاش)، والتى لا يمكن تعويضها أو استعادتها، لكن التطبيقات الإلكترونية تمكن العميل فى حالة حدوث أى أخطاء، من استعادة المبالغ فوراً من البنك.
ويصبح لزاماً على البنوك أن تضع فى خططها جميع التطورات العالمية، والتى تهدف إلى تقليل المعاملات النقدية (الكاش)، مشيراً الى أن أغلب البنوك العالمية تسعى إلى تطبيق الخدمات الإلكترونية.
وقال مسئول بقطاع التجزئة ببنك الشركة المصرفية العربية، إن هناك العديد من البنوك الخاصة أو الحكومية بدأت فعلياً التوسع فى تطبيق الخدمات الإلكترونية، لما تمثله من أهمية.
وأوضح المسئول الذى رفض نشر اسمه، أن الضوابط التى أقرها البنك المركزى المصرى مؤخراً تسهم بشكل جيد فى تطبيق أقصى معايير الأمان سواء على خدمات «الموبايل بانكنج» أو «الإنترنت بانكنج».
وأشار المسئول إلى أن التوسع فى الخدمات الإلكترونية، يسهم أيضاً فى الحد من احتياج البنوك إلى فروع جديدة لخدمة العملاء.
انخفاض تكلفة التشغيل.. أهم المكاسب على المدى المتوسط
المنتجات الإلكترونية بديلاً لـ«الفروع وموظفى خدمة العملاء والمستندات والأوراق»
توقعات بطفرة ملحوظة فى تعاملات الإنترنت و«الموبايل بانكنج»
رغم ارتفاع تكلفة تحديث الأنظمة التكنولوجية بالبنوك، لإتاحة منتجات مصرفية إلكترونية منها «الإنترنت بانكنج» و«الموبايل بانكنج»، إلا أن البنوك يمكنها استغلال تلك المنتجات على المدى المتوسط فى تخفيض تكلفة تشغيلها، من خلال الوصول لعملائها عبر الإنترنت بدلاً من ضرورة التوسع فى الفروع.
كما أن إتمام عمليات مصرفية للعملاء من خلال التليفون المحمول أو الإنترنت، سيحد من استهلاك للمستندات والأوراق وأدوات الطباعة، ويقلص حجم الإجراءات الخاصة بعملاء البنوك.
واتفق مصرفيون، على أن التكاليف الكبيرة التى تتحملها البنوك فى الوقت الراهن من أجل تحديث أنظمتها التكنولوجية مؤقتة، وستنخفض بمجرد إطلاق برامج التكنولوجيا المصرفية.
قال عبدالرحمن عبدالباسط، مسئول العمليات المصرفية ببنك التعمير والإسكان، إن قطاع التجزئة المصرفية من أكثرالقطاعات التى تحمل البنك أعباء وتكاليف مرتفعة، نظراً لكون عملاء تلك الإدارة من الأفراد، وهو ما يتطلب إجراءات عديدة لكل عميل وتواجد أعداد كبيرة من موظفى خدمة العملاء وتخصيص فروع وماكينات صراف آلى لتلبية طلبات واحتياجات تلك القاعدة الكبيرة من العملاء، بجودة وسرعة فائقة، مشيرا إلى أن إتاحة خدمات مصرفية للعملاء إلكترونيا أو خلال الإنترنت والموبايل سيخفف من حدة التكاليف التى يتحملها البنك فى خدمة تلك الشريحة الضحمة من عملائه.
أضاف عبدالباسط أن تراجع تكلفة التشغيل نتيجه انخفاض نفقات البنوك على بعض البنود، واستبدالها بالاعتماد على انظمتها التكنولوجية فى إتاحة وخدمة عملائها، من المتوقع أن يظهر تأثيره خلال عامين مقبلين، عقب انتشار الثقافة والوعى لدى العملاء بتلك الخدمات وما تحققه لهم من سرعة وجودة، بالإضافة إلى انتهاء أغلب البنوك من إتاحه تلك الخدمات بعد الحصول على موافقات من البنك المركزى.
ومن جانبه، قال عدنان الشرقاوى، نائب رئيس البنك العقارى العربى، إن أغلب البنوك تتحمل فى الوقت الراهن ارتفاعا فى تكلفة التشغيل، نتيجة التحديثات فى أنظمتها التكنولوجية، كى تتمكن من إتاحة خدمات ومنتجات مصرفية عبر الإنترنت والموبايل، متوقعا طفرة غير مسبوقة فى تلك التعاملات.
أضاف أنه بعد انتهاء طرح تلك المنتجات وزيادة أعداد المتعاملين بتلك المنتجات، ستقوم البنوك بتخفيض تكلفة تشغيلها، وستخفف من حاجة البنوك لتدشين فروع بهدف الوصول إلى جميع عملائها، إذ ان أغلب العملاء فى الوقت الراهن لديهم أجهزة تليفون محمول، وقادرون على إتمام تعاملات من خلال الإنترنت، وسيكون الانتشار الاسرع للبنوك وخدماتها من خلال تلك السبل.
وأشار حازم حجازى رئيس قطاع التجزئة المصرفية ببنك باركليز، إلى أن الأعوام المقبلة ستشهد تحولاً ملحوظاً فى حجم العمليات المصرفية، من خلال «الإنترنت» و«الموبايل». لذا فإنها ستكون وسيلة الانتشار الأولى التى ستعتمد عليها البنوك بدلاً من الاضطرار لتدشين فروع وتحمل نفقات الملكية أو الإيجار بالإضافة إلى تجهيز تلك الفروع لتكون مستعدة لمقابلة العملاء.
وتوقع حجازى انخفاض نفقات وتكاليف التشغيل بالبنوك على المدى المتوسط، عقب إتاحة الخدمات والمنتجات المصرفية عبر الإنترنت.
شعار البنوك الأمريكية.. معك أينما كنت
المؤسسات المالية تسعى للتخلص من الأفكار التقليدية وثقافات المخاطر
تتهيأ البنوك، لتبنى طريقة غير تقليدية عند فحص واختبار المرشحين لوظائف لديها فى العام الجديد، من خلال التأكد من قدرة المرشح على متابعة ومعرفة التغييرات التكنولوجية، ومدى معرفته بتطبيقات المحمول وخدماته، إيماناً منها بأن مستقبل إرضاء العميل وجذب مزيد من شرائح العملاء يأتى من خلال التكنولوجيا، وضمان المنافسة فى السوق ومواكبة التغيرات فى قطاع التكنولوجيا اليومية.
قال «جيم سيمبسون» النائب الأول للرئيس، الرئيس التنفيذى لقطاع التكنولوجيا فى «لوبوك تكساس بنك»، معلقاً حول الخطوات الجديدة: «إنها طريقة غير تقليدية لتعيين موظف البنك.. وستبدأ من العام الجديد».
ويمثل هذا الفكر جزءاً بسيطاً من الطرق العديدة التى ستقوم التكنولوجيا بتغييرها فى القطاع المصرفى، إذ أنه فى العام الجديد ستتجه البنوك إلى توفير الخدمات المالية بصورة أسرع، والاعتماد على تكنولوجيا جديدة فى المدفوعات، بجانب مساعدة العملاء الراغبين فى أن يصبحوا من أوائل الحاصلين على الخدمات من خلال المحمول، بالإضافة إلى التغييرات الكبيرة الأخرى، وفقاً لمجلة «الأميريكان بانكر».
وتوقع «جيمس بلاث» المدير الأول، قائد الأعمال الرقمية لشركات الخدمات المالية فى مؤسسة «جارتنر للاستشارات»، أن تواجه جميع البنوك تحدياً متمثلاً فى العمل فى العالم الرقمى بشكل متزايد، وتحاول المؤسسات المالية التخلص من الأفكار التقليدية وثقافات المخاطر.
وقال «جيف دينس» رئيس مكتب الصيرفة الرقمية، رئيس تطوير الأعمال والتحول الرقمى فى الشركة المالية القابضة «بى بى فى إيه كومباس بانس تشاريس الأمريكية» من مقرها فى برمنجهام، إن فكرة التعديل تأتى من خلال الطريقة التى يحصل بها العميل على الخدمات والمنتجات المالية.
وأضاف:« نوع من الجنون عندما أقوم بشراء ألف منتج مختلف وخدمة من خلال الإنترنت وأحصل عليها اليوم التالى، رغم عدم استطاعتى الحصول على حساب جارى أو قرض فى وقته الحقيقى»، مشيراً إلى أن التجزئة المصرفية من الضرورى أن يتم تسويقها بشكل أفضل من خلال التكنولوجيا الرقمية والوفاء بجميع الخدمات والمنتجات دون تدخل بشرى.. وقال:«علينا أن نتحول إلى التكنولوجيا الرقمية فى النهاية بالكامل».
إلى ذلك، قال مصرفيون إن الشهور القليلة القادمة، ستكون فيها البنوك بحاجة إلى تحسين خبراتها بالنسبة للعملاء الراغبين فى البدء فى المعاملات من خلال تطبيقات المحمول، وينتهون تماماً من الذهاب إلى الفروع.
وتوقع خبراء مصرفيون، أن أكبر تغير يتعلق بالتكنولوجيا فى القطاع المصرفى على مدار الـ12 شهراً القادمة، سيكون حول طريقة المدفوعات التى يستخدمها العملاء.
كما توقع البعض، أن ظهور تكنولوجيا «أبل للمدفوعات» من خلال الموبايل، بالإضافة إلى اتجاه التجار لتحديث الطرق للدفع من خلال البطاقات الائتمانية، من شأنهما إحداث تغيير كبير فى وسائل الدفع من خلال الموبايل، العام الحالي.
وتنبأ آخرون، أن تساعد الهواتف الذكية على إخفاء الخبرات المصرفية، لأن الدفع من خلال التسوق سيتلاشى، مشيرين إلى أن البنوك ستواكب التطورات الرقمية وستتوسع بها فى كثير من مجالات الخدمات المالية.
ويعد «ويسترن بنك» فى بوسطن، واحداً من ضمن البنوك التى استهدفت العمل بمثالية فى قنواتها، إذ أن واحداً من أهدافه، هو السماح للعميل بأن يستخدم الموبايل فقط حال رغب فى ذلك، وبنوك كثيرة عدا «بى بى فى إيه كومباس» و«بانكورب الأمريكى» وبعض البنوك الأخرى، أجبرت عملاءها على التسجيل فى الموبايل عبر الإنترنت قبل تسجيلهم فى تقديم الخدمات عبر المحمول.
