كراكاس مضطرة لإنهاء برنامج البترول مقابل فول الصويا!! ..و 44 مليار دولار تخسرها البلاد بسبب برنامج «بيتروكاريبى»
تعود كل أيام المجد فى فنزويلا إلى فترات حكم القائد الاشتراكى هوجو تشافيز، حيث كانت أسعار البترول مرتفعة، وكانت تستطيع مدينة كراكاس، التى بها أكبر احتياطيات للطاقة فى العالم، أن تتحمل تكلفة إرسال 200 ألف برميل من البترول المدعم يومياً إلى 13 دولة فى منطقة الكاريبى بما فى ذلك كوبا.
وتقدم فنزويلا هذه الخدمات البترولية مقابل الحصول على الدعم السياسى فى مواجهة المقاطعة الأمريكية، حتى أنها أحياناً كانت تسدد قيمة البترول من خلال سلع عينية مثل فول الصويا الأسود، لكن فيما يبدو أنها تعيش الساعات الأخيرة فى برنامج «بيتروكاريبى».
ولكن الآن مع انخفاض أسعار البترول إلى النصف خلال ستة أشهر، وانهيار الاقتصاد فى فنزويلا واندلاع المظاهرات داخل البلاد احتجاجاً على نقص الغذاء، تعيد كراكاس التفكير فى اتفاق «بيتروكاريبى»– الذى يسمح لـ13 دولة أعضاء بمنطقة الكاريبى بشراء البترول من فنزويلا بسعر السوق، ولكن بفائدة منخفضة- لتمويل الواردات الآخذة فى التراجع وبناء الاحتياطيات الأجنبية وتجنب التعثر.
وقال نيستور افيندانو، خبير اقتصادى لدى «ماناجوا»، إن اتفاق «بيتروكاريبى» سيظل قائماً، ولكن ستتم مراجعة بنوده نظراً للوضع الحرج الذى تمر به فنزويلا.
ويساوى برنامج «بيتروكاريبى» %3 من الناتج المحلى الإجمالى لدول مثل جامايكا وغيانا وبليز- ولكنه يكلف فنزويلا ما يقدر بنحو 44 مليار دولار من الدخل الضائع منذ عام 2005، لذلك تبدو الحاجة إلى تعديل هذا البرنامج حتمية، ومع ذلك فإن السياسات الحكومية المتذبذبة فى كراكاس تعنى أن مثل هذه التغييرات فى برنامج «بيتروكاريبى» لن تحدث.
وذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز أن نيكولا مادورو، رئيس فنزويلا، يقوم بجولة حول العالم بحثاً عن الدعم المالى واستقرار أسعار البترول عند 100 دولار للبرميل، وعلى النقيض، انخفضت أسعار البترول الفنزويلى، الذى يشكل %96 من الصادرات، إلى أقل من نصف هذا السعر الأسبوع الماضى، ما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن تتخلف الدولة عن سداد 11 مليار دولار من مدفوعات السندات المستحقة العام الجارى.
وضمنت زيارة مادورو إلى الصين الأسبوع الماضى وعوداً استثمارية بقيمة 20 مليار دولار، ولكن تلك الوعود لم تمنح فنزويلا شريان الحياة على الفور، وفى زيارته إلى قطر، أعلن الرئيس الفنزويلى أنه يعمل على التوصل إلى تحالف مالى مع بنوك الدوحة تبلغ قيمته مليارات الدولارات، ولكنه لم يصرح بأى تفاصيل، وفى الوقت ذاته، قامت الشرطة فى كراكاس بتقليل أيام التسوق فى المتاجر الكبيرة التى تديرها الدولة، ولا تحتوى سوى رفوف فارغة إلى يومين فقط فى الأسبوع، بالإضافة إلى ذلك، انخفضت أسعار السندات القياسية فى فنزويلا إلى أكثر من النصف فى ستة أشهر، كما خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى تصنيف البلاد إلى (Caa3) يوم الثلاثاء الماضى.
ورغم تعطش فنزويلا للتمويل، لا توجد أى علامات على انفراج الأزمة، فالمشكلة الرئيسية التى تعانيها البلاد هى أن نحو 2.5 مليون برميل من البترول الذى تنتجه يومياً شركة البترول الفنزويلية المملوكة للدولة مرهون بالتزامات، مثل اتفاق «بيتروكاريبى»، الذى لا تستطيع ولا تريد كراكاس التخلى عنه.
ويتم استهلاك حوالى 600 ألف برميل من البترول المدعم محلياً، ويتم إرسال 500 ألف برميل يومياً إلى الصين لخدمة قروض قديمة مدعومة بعقود البترول، فى حين يتم تخصيص 200 ألف برميل يومياً لاتفاق «بيتروكاريبى»، ويتم إرسال 100 ألف برميل يومياً منهم إلى كوبا.
ويتبقى من إنتاج شركة البترول الوطنية الفنزويلية 1.25 مليون برميل يومياً لبيعهم فى السوق العالمى، وتبلغ قيمتهم أقل من 20 مليار دولار سنوياً بالأسعار الحالية، وفى المقابل بلغت قيمة الواردات فى فنزويلا 77 مليار دولار منذ عامين.
وقال العضو المنتدب لشركة «أى بى دى» الاستشارية، ديفيد فوجت، إن برنامج «بيتروكاريبى» له تأثير سلبى على التدفقات النقدية لشركة البترول الفنزويلية.
وقال الرئيس السابق لشركة البترول الوطنية الفنزويلية، جوايتشابورو لاميدا، إن برنامج بيتروكاريبى يعد سياسياً فى الأساس، لذا سيتم دفع التكاليف الاقتصادية.
وقال محلل قطاع النفط فى أمريكا اللاتينية لدى جامعة تكساس، جورج بينون، ستكون ضربة قوية للثورة الاشتراكية إذا قيل إن البلاد لا تستطيع دعم أشقائها فى هايتى أو رفقائها الثوريين فى نيكاراجوا، وناهيك عن حليفتها كوبا، فذلك سيكون بمثابة الاعتراف بالفشل الاقتصادى لفنزويلا.
كتب: سارة عجور
دعاء فريد






