قد تكون الطاقة الشمسية الحل بالنسبة لأفقر سكان العالم الذين يبلغون 1.2 مليار، وينتظرون طويلاً، وربما يكون انتظارهم أبدياً لوصول الكهرباء إليهم، فضلاً عن 2.5 مليار شخص آخرين لا يحصلون سوى على طاقة ضئيلة جداً لا يمكن الاعتماد عليها، وتستهلك قارة أفريقيا جنوب الصحراء بأسرها، التى بها 910 ملايين نسمة، 145 تيراوات فى الساعة فقط سنوياً، وهذا يعادل إضاءة لمبة واحدة لكل شخص لمدة ثلاث ساعات يومياً.
وفى غياب الكهرباء، يكون الكيروسين البديل المعتاد، واستخدامه فى الإضاءة والطهى يكلف فقراء العالم ما يزيد على 23 مليار دولار سنوياً، وتنفق افريقيا وحدها على الكيروسين 10 مليارات دولار، وتشترى الأسر الفقيرة الإضاءة مقابل 100 دولار لكل كيلووات فى الساعة، أى أكثر من مائة ضعف ما يدفعه الناس فى الدول المتقدمة، ولا يعد الكيروسين باهظ الثمن فقط بل خطيراً أيضاً، إذ يتسبب دخان الكيروسين فى وفاة 600 ألف شخص سنوياً فى أفريقيا فقط، والأسوأ من ذلك هو الظلام الذى يضر بالانتاجية ويشجع على انتشار الجريمة.
وستتضاعف تقريباً الكثافة السكانية فى أفريقيا مطلع عام 2040، لذا فقد جاءت ثورة الطاقة الشمسية التى فى طريقها الآن إلى القارة فى الوقت المناسب، وتعتمد تلك الثورة على ثلاثة تغييرات تكنولوجية تعزز كل منها الأخرى.
أولا، التراجع الشديد فى تكلفة الطاقة الشمسية، وثانياً، انخفاض أسعار لمبات الليد، التى تحول الطاقة الكهربائية كلها تقريباً إلى إضاءة، فى حين أن اللمبات التقليدية هشة وتنبعث الحرارة منها، وإضاءة لمبات الليد ليست قوية ومعمرة فقط، بل تستطيع الأسر الفقيرة تحمل تكلفتها، والتغير الثالث الحاسم لثورة الطاقة الشمسية فى أفريقيا هو التخزين.
وأوضحت مجلة الايكونوميست أن تكلفة انتاج وات من الطاقة الشمسية تراجعت من 4 دولارات عام 2008 إلى دولار واحد، وأقل تكلفة للمبات التى تعمل بالطاقة الشمسية تبلغ حوالى 8 دولارات، أى أن تكلفة استخدام الطاقة ما زالت باهظة بالنسبة للعديد من الأسر الفقيرة، ولكن مقارنة بتكلفة استخدام الكيروسين، فإن الطاقة الشمسية تعد استثماراً جيداً، كما أن الإضاءة الأفضل تمكن الأشخاص من المذاكرة والعمل فى المساء، كما توفر الطاقة الشمسية الكهرباء اللازمة لشحن الهواتف النقالة التى يدفع مستخدموها فى الدول الفقيرة مبالغ باهظة من أجل شحنها.
وارتفعت نسبة المناطق فى افريقيا جنوب الصحراء التى لا تصل اليها الكهرباء من %1 فى عام 2009 إلى %5 تقريباً الآن، وتقدر وكالة الطاقة الدولية، بفضل الطاقة الشمسية، أن 500 مليون شخص ممن يعيشون دون كهرباء سيتمتعون بنحو 200 وات على الأقل للشخص مطلع عام 2030.
وهناك ثلاث مشكلات رئيسية يجب حلها، فالمستهلكون الفقراء يفكرون ملياً، ثانياً صانعو الأجهزة الكهربائية، الذين يستخدمون شبكات الكهرباء الرئيسية، متباطئون فى إعادة تشغيل منتجاتهم على الجهد المنخفض الذى تنتجه موارد الطاقة المتجددة.
وثالث وأكبر عائق هو رأس المال العامل، فعادة ما يستغرق الأمر خمسة أشهر لتسترد الشركات المصنعة ما دفعته من المستهلكين، وتقدم بعض الشركات مخططات بارعة للإجارة المنتهية بالتمليك لتوزيع التكلفة، فى حين تقدم الشركات الأخرى، «الطاقة الشمسية كخدمة» حيث يدفع المستهلك شهريا مقابل حصوله على الكهرباء.
ويرى بعض الخبراء أن الطاقة الشمسية هى ثانى أفضل حل لتوفير الكهرباء، فهى تستطيع تحسين معيشة السكان ولكنها لا تعطى دفعة للاقتصاد، إلا أن شبكات الكهرباء فى البلدان الفقيرة شحيحة ولا يمكن الاعتماد عليها وسيستغرق تطويرها وقتا طويلا جدا ولا سيما فى المناطق الريفية النائية حيث يعيش السكان الأكثر فقرا، كما أن نموذج العمل التقليدى لقطاع الطاقة الذى يتضمن توفير الشبكات الكهربائية لمسافات طويلة آخذ فى التراجع فى كل مكان بما فى ذلك الدول المتقدمة.








