أكد تقرير نشرته وكالة الأنباء الأمريكية “استوتشيد برس” أن خطة البنك المركزي الأوروبي لإنقاذ الاقتصاد لن تنجح من تلقاء نفسها، ولكنها بحاجة إلى أن يقوم المواطنين، والحكومات، والشركات بالدور الخاص بها والذي يشمل الإنفاق، والتشغيل، والاقتراض، والاستثمار، والتصدير، والتوسع.
وأعلن رئيس البنك المركزي الأوروبي “ماريو دراجي” يوم الخميس قرارًا بشراء سندات سيادية ومؤسسية بقيمة إجمالية تصل إلى 1.1 تريليون يورو (1.3 تريليون دولار أمريكي) حتى سبتمبر/آيلول 2016 مع إمكانية تمديدها لفترة زمنية أطول حال الحاجة لذلك، في محاولة لتقليص قيمة اليورو ورفع الصادرات وتشجيع الاقتراض والإنفاق والتشغيل.
وقال رئيس قطاع البحوث في مؤسسة “بريستون” للاقتصادات الدولية “جاكوب كيركجرد” إن البنك المركزي الأوروبي قام بما يتوجب عليه فعله، والآن يجب أن تعمل منطقة اليورو أيضًا.
وكان متوسط نمو اقتصادات الدول التسعة عشر الأعضاء في منطقة اليورو قد بلغ 0.2% في الربع الثالث من العام الماضي.
ورصد تقرير الوكالة الأمريكية 5 إجراءات اقتصادية ضرورية للنهوض باقتصاد منطقة اليورو عقب قرار المركزي الأوروبي.
1- الإنفاق الحكومي
قامت عدة حكومات أوروبية بعد الكساد الكبير في عام 2008 بتقليص الإنفاق ورفع الضرائب لتخفيض ديونها، بدلا من زيادة الإنفاق لدعم النمو الاقتصادي، وهو ما أدى لدخولها مجددًا في حالة ركود اقتصادي في عام 2011.
ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو بحوالي 1.2% فحسب خلال العام الجاري، وفقاً لصندوق النقد الدولي، في حين يبلغ معدل البطالة نحو 11.5%، مقابل 5.6% في الولايات المتحدة.
ويعتقد عدداً من الاقتصاديين أنه على دول منطقة اليورو أن تقوم بضخ المزيد من الأموال في مشروعات البنية التحتية وغيرها، لتنشيط التشغيل والنمو.
وأوضح “جاكوب” أن قرار المركزي الأوروبي الأخير قد يساعد على ذلك، مع إمكانية أن يقوم بشراء سندات خاصة بمشروعات البنية التحتية والمطروحة من قبل بنك الاستثمار الأوروبي التابع للاتحاد الأوروبي.
وعلى الجانب الآخر، لاتزال بعض الدول الثرية في منطقة اليورو وعلى رأسها ألمانيا تعارض الإنفاق الحكومي الضخم، بسبب المخاوف من أن يسفر عن زيادة الديون.
2- ثقة المستهلكين
يبدى المستهلكون في أوروبا ترددًا بشأن الإنفاق، حيث أنه مع تباطؤ نمو الاقتصاد فإن الأسعار تتجه لمزيد من الهبوط، وهو ما يجعل المستهلكون يفضلون تأجيل الإنفاق لحين تراجع الأسعار أكثر، ليتمكنوا من شراء السلع بأسعار أقل في المستقبل.
وكان معدل أسعار المستهلكين في منطقة اليورو تراجع للنطاق السلبي (0.2-%) في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، للمرة الأولى في أكثر من 5 سنوات.
ويسعى قرار المركزي الأوروبي بشراء سندات لإنهاء تراجع الإنفاق الاستهلاكي، وإقناع المستهلكين بأن الأسعار سوف ترتفع في المستقبل ما يدفعهم للإنفاق الحالي.
كما قد يساعد برنامج شراء السندات في زيادة أسعار الأسهم الأوروبية، وضخ مزيد من المكاسب الرأسمالية في أيدي المستثمرين، ما سيساعد على زيادة الإنفاق أيضًا.
3- زيادة الصادرات
يعتقد الكثير من الاقتصاديين أن برنامج شراء السندات يهدف بشكل أساسي إلى تخفيض قيمة اليورو، ما يمنح الصادرات الأوروبية مزيد من التنافسية في الخارج.
ومع تراجع قيمة العملة الأوروبية الموحدة ومعدل الفائدة بالتبعية، فإن المستثمرون سوف يتحولون لشراء أصول للدخل الثابت مع معدل عائد أعلى مثل السندات الأمريكية، وهو ما يساعد على مزيد من تراجع اليورو.
وسجلت العملة الأوروبية الموحدة يوم الخميس تراجعًأ لأدنى مستوى في 11 عامًا مقابل الدولار الأمريكي.
وتستفيد الشركات الأوروبية من هبوط قيمة اليورو، حيث يمنح منتجاتها وخدماتها مزيد من الأفضلية في الأسواق الخارجية، كما ترفع من أرباح الشركات التي تحصل على إيرادات بالعملات الأجنبية الأعلى قيمة من اليورو.
كما يساعد تراجع قيمة اليورو على ارتفاع قيمة الواردات القادمة إلى أوروبا، ما يزيد من مستويات التضخم المتراجعة بشكل حاد في الوقت الحالي.
وقال “توم إليوت”، الخبير الاستراتيجي في الاستثمارات الدولية إن البنك المركزي الأوروبي يهدف إلى إضعاف اليورو، ما يرفع من حجم الصادرات، ويزيد من التضخم المستورد من الخارج.
4- اصلاحات اقتصادية
يعتقد بعض الاقتصاديين أن الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا، وإيطاليا، يمكن أن تقوم بمزيد من الإجراءات التشجيعية لنمو الاقتصاد عن طريق إلغاء قواعد مقيدة.
وتدفع بعض القواعد لعدم تشجيع التوظيف في أوروبا، حيث تجعل بعض القوانين من الصعب على الشركات أن تفصل موظفيها، وهو ما يحمي العاملين القدامى بالفعل، ولكنه يجعل الشركات تفضل عدم تعيين آخرين مع عدم قدرتها على فصلهم وقت الحاجة.
ويبلغ معدل البطالة في منطقة اليورو للشباب أدنى 25 عامًا نحو 23.7%.
وقال “كيركجرد” إن رئيس الوزراء الإيطالي “ماتيو رينزي” تعهد بإجراء إصلاحات، في حين الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” لا يبدو راغبًا في إتخاذ أي مخاطر سياسية في الوقت الحالي.
5- دعم القطاع المصرفي
لم تتعافى البنوك الأوروبية بشكل كامل من الأزمة المالية الأخيرة، حيث لاتزال بعض المصارف تحمل “ديون رديئة”، بالإضافة إلى افتقادها الثقة لإقراض المستهلكين والشركات.
ويشير محللون إلى أن البنوك الأوروبية بحاجة إلى إعادة تجميع قواها لمواجهة الخسائر عن طريق زيادة رأسمالها، أو الحصول على مساعدة حكومية.
ويقول “اريك اسيلس” كبير الاقتصاديين في “أر بي سي جلوبال اسيت مانجمينت” إن توقف البنوك عن الإقراض يعني تواصل معاناة الاقتصاد الأوروبي، حيث تعتمد الشركات بشكل كبير على قروض المصارف لتمويل أنشطتها.







