ترشيد النفقات وزيادة إنتاجية فى القطاع الخاص المخرج من أزمة تراجع الأسعار ..و 200 مليار دولار خسارة فى الإنفاق عند مستوى 60 دولاراً للبرميل
يقلل بعض المسؤلين من أهمية التغيير داخل دول الخليج، قائلين، إن الاحتياطيات المالية القوية، أو الاقتراض قصير الأجل سوف يسمح للمنطقة التى تعتمد على البترول بمواصلة الإنفاق خلال فترة تراجع الأسعار.
وتملك الدول الأكثر ثراءً فى الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، احتياطيات وادخارات يمكن أن تدعم من خلالها برامج الإنفاق، وأنشأت المملكة العربية السعودية، القوة الإقليمية الأكبر، احتياطيات قدّرت بنحو 750 مليار دولار خلال فترة الازدهار، ولكن تضخم الإنفاق فى عهد الملك عبدالله ترك إرثاً من التحديات الاقتصادية لخليفته سلمان. وتأتى البحرين وسلطنة عمان، على رأس الدول التى تواجه مشاكل أكبر من باقى دول الخليج.
وذكرت مجلة الإيكونوميست، أن الاقتصاديين يحذّرون من أن المنطقة سوف تشهد مزيداً من الانزلاق فى حفرة الاعتماد على البترول ما لم تجمع بين ترشيد الإنفاق وتدابير زيادة الإنتاجية فى القطاع الخاص.
وحذّر صندوق النقد الدولى الشهر الماضى من أن الانخفاض فى أسعار البترول يمكن أن يكون مستمراً، ومعظم الدول المصدرة للبترول فى المنطقة قد تحتاج أيضاً إلى ضبط أوضاعها المالية مع الحقائق الجديدة فى سوق البترول العالمى لضمان حفاظها على الاستدامة المالية.
وأشار بنك «اتش إس بى سى» إلى أنه كانت هناك زيادة قدرها أربعة أضعاف فى الإنفاق العام على أساس صعود سعر البترول بين عامى 2003 و2014، مما قاد الازدهار الاقتصادى فى منطقة الخليج، لكن البنك جعل تخفيض الإنفاق الحكومى عاملاً حاسماً فى الوقت الحالى للحفاظ على الثروات الاقتصادية فى المنطقة.
وانطلقت مشاريع البنية التحتية المحلية ذات التكلفة العالية إلى جانب مساعدات حكومية سخية، وخاصة فى أعقاب الانتفاضات العربية منذ عام 2011، وكان هذا السخاء بمثابة الجزرة التى رافقت عصا الحملات القمعية، والتى أطلقت بدرجات متفاوتة ضد الإصلاح السياسي.
وأضاف «اتش اس بى سى» فى تقريره، أنه حتى لو استقرت أسعار البترول عند 60 دولاراً للبرميل، فإن الإنفاق العام فى منطقة الخليج سوف يخسر 200 مليار دولار، وسوف يتحول فائض الـ%6 فى الناتج المحلى الإجمالى إلى عجز بنسبة %7، حتى نهاية عام 2016.
وإذا لم تشهد الأسعار انتعاشاً بحلول منتصف العام، فسوف تقوم الحكومات بخفض الإنفاق غير الأساسي، والاقتراض بجانب البدء فى تصفية الأصول من أجل تمويل العجز المتصاعد مع تعديل أكثر وضوحاً فى موازنة العام المقبل.
جاء ذلك فى الوقت الذى أفاد فيه بعض الاقتصاديين بأن انخفاض سعر البترول لفترة طويلة قد يدفع إلى إصلاح ضرورى لنظام الدعم، وترشيد الإنفاق الحكومى بجانب زيادة تنمية القطاع الخاص.
وأشار عبدالعزيز الياقوت، الشريك فى شركة المحاماة الكويتية «ميسان»، إلى أن هناك جانباً مشرقاً فى هذه الأزمة، وهو إمكانية حدوث الإصلاح الذى تشتد الحاجة إليه. وأضاف أن الحكومات تستطيع استخدام هذه الفرصة لكى تشرح لسكانها لماذا يجب اتخاذ بعض التدابير الصعبة، مثل إنهاء الإعانات.
فانهيار أسعار البترول منتصف الثمانينيات أنذر بفترة من التقشف النسبى فى الخليج، كما خفضت الحكومات إنفاق رأس المال على المشاريع، وتم تقليص الإعانات الصناعية.