«الإعفاءات الضريبية» ليست حافزاً للمستثمر الأجنبى ..و الدولة لا تمتلك الإرادة لضم الاقتصاد الموازى للمنظومة الرسمية
«القيمة المضافة» يعتمد على «فوترة» التعاملات والدولة تأخرت فى إصداره
توقعات بإصدار قانون «الخروج من السوق» قبل مؤتمر القمة الاقتصادية
168 مليون جنيه خسائر 3 شركات أدوية بقطاع أعمال خلال العام الماضى
إسناد الحكومة ترفيق الأراضى لشركات المطور الصناعى أمر «جيد » لحين حل أزمة الطاقة
قال د. محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، ونائب رئيس غرفة الأدوية، إن حجم المتحصلات التى يمكن أن تحصل عليها الدولة من الضرائب نتيجة ضم الاقتصاد غير الرسمى، تصل إلى ثلاثة أضعاف الضريبة الحالية.
أشار إلى أنه أجرى دراسة عن الاقتصاد الموازى الذى كان يمثل %40 من حجم الاقتصاد الرسمى ككل، أو فى دورة رأس المال السنوى، مؤكداً أنه حال تطبيق الضرائب على هذا الاقتصاد بالنسب الحالية سوف ترتفع الضرائب المتحصلة بمعدل %150.
أوضح البهى أن نسب التحصيل الضريبى المتعارف عليها فى العالم تصل إلى %25 و%27، وإجمالى الضرائب التى تطبق على دورة رأس المال السنوية %14، وهو ما يشير إلى أن هناك هدراً وفاقداً من الاقتصاد الموازى، من خلال الاستيراد بفواتير مصطنعة أو مضروبة.
كانت لجنة الضرائب باتحاد الصناعات أعدت دراسة لضم الاقتصاد الموازى للمنظومة الرسمية، وقدرت حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر بنحو 395 مليار دولار «2.4 تريليون جنيه»، ليصل حجم المتحصلات الضريبية من السوق الموازى لـ675 مليار جنيه سنوياً، معتمدة فى تقديرها على إضافة قيمة الأصول العقارية غير المسجلة ورأس المال المتداول.
أشارت الدراسة إلى أن السوق الموازى هو تعبير اقتصادى عن كيان ضخم يضم ملايين العمال فى قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، يعمل بقواعد وأعراف، أهمها التعامل بدون مستندات أو فواتير.
واقترحت الدراسة آليات جديدة لزيادة الحصيلة الضريبية للخزانة العامة للدولة، وسد عجز الموازنة العامة للدولة دون المساس بمحدودى الدخل أو رفع الأسعار بالأسواق، ومنها الاتفاق مع القوات المسلحة على إخلاء الأراضى غير المستغلة داخل كردون المدن، وطرحها لإقامة أسواق منظمة وجراجات للسيارات بطريقة التمليك أو الإيجار، وهو ما يوفر مليارات للخزانة العامة للدولة.
أضاف البهى أنه رغم عرض الدراسة على مجلس الوزراء فى عهد حكومة الإخوان، لم يصدر قرار وزارى حتى الآن بتنفيذها.
أوضح أن الدولة لا تمتلك إرادة لضم الاقتصاد الموازى، وهو ما يتضح جلياً فى صعوبة إصدار التراخيص والبيروقراطية المتفشية فى القطاعات الحكومية، مشيراً إلى أن المستثمر حال التقدم لطلب ترخيص منشأة صناعية يتردد على 22 جهة للحصول عليه.
وشدد على ضرورة تفعيل قانون التهرب الضريبى، مطالباً بمضاعفة العقوبة للقضاء على هذه الظاهرة.
واعترض على مشروع القانون الذى طرحته وزارة الاستثمار على مجتمع الأعمال، مشيراً إلى أن قانون الاستثمار فى إمارة دبى لا يزيد على 8 صفحات، بينما مسودة مقترح القانون فى مصر تضم 95 مادة.
قال إن رجل الأعمال الأجنبى ينتابه القلق من الإجراءات التى تتخذ ضد المستثمرين دون أحكام قضائية، وتجميد أرصدتهم بالبنوك، بعد اتهامهم بالتهرب من الضرائب.
أضاف أن الواجب على الدولة أن تلتزم بنص واضح لحماية المستثمرين الوطنى والأجنبى، بعبارات وضمانات محددة، مشيراً إلى أن أهتمامات المستثمر تنصب على سرعة الإجراءات، ومن أهم أولوياته عامل الوقت، بالإضافة إلى تفعيل سياسة الشباك الواحد بشكل عملى، خاصة أن توحيد الجهات المتعددة فى مكان واحد يحد من الفساد.
أوضح أن الحديث عن منح الإعفاءات الضريبية كحافز للمستثمرين الأجانب ليس عامل جذب، لأنه بالفعل يسددها فى بلده، ورغم ذلك يواصل ضخ استثماراته.
قال إنه خلال سنوات عديدة درست كثير من الجهات قانون القيمة المضافة، الذى يحل محل ضريبة المبيعات، إلا أن الدولة تأخرت كثيراً فى إصداره، خاصة أنه يعالج التشوهات فى سعر الضريبة بين القطاعات الصناعية المختلفة، حيث إن الضريبة تصل فى بعض القطاعات لـ%25 و%45، ما أدى لتهرب المصنعين من السوق الرسمى.
قال إن قانون القيمة المضافة، يعتمد على فوترة التعاملات، ما يتيح ميزة للقطاع الصناعى بخصم كل ما سدد من الخامات أو مستلزمات الإنتاج، مضيفاً أن فلسفة القانون تتيح انضمام جزء كبير من الاقتصاد الموازى غير الرسمى للمنظومة الرسمية، من خلال تقليل سعر الضريبة.
أضاف:«إذا كانت الدولة تسعى إلى زيادة الإيرادات من خلال تشريعات معينة لتطبيق العدالة الضريبية على المجتمع، من الأولى أن كل من تصدر له بطاقة ضريبية يصبح مسجلاً فى ضرائب المبيعات، خاصة أن ضريبة المبيعات غير مباشرة على السلعة يتحملها المستهلك، وهو ما يخل بالعدالة فى المجتمع الضريبى».
كانت وزارة المالية قد أعلنت عن اقتراب اقرار مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة للقضاء على تشوهات النظام الحالى، ونص على رفع حد التسجيل تيسيراً على المجتمع مع إخضاع جميع الخدمات والسلع للضريبة، باستثناء بعض الخدمات التى توضع فى جدول خاص بمشروع القانون المقترح، إلى جانب استمرار المعاملة الضريبية لعدد من السلع، مثل السجائر والمشروبات الروحية والمنتجات البترولية التى تخضع لضريبة بقيم قطعية، إلى جانب السماح برد ضريبة السلع الرأسمالية فور بدء تشغيل الآلات والمعدات الرأسمالية، وهو ما يسهم فى دفعة قوية لخطط ضخ استثمارات جديدة وتوسعات بالقطاع الإنتاجى.
واعترض على بعض البنود الخاصة بزيادة حد التسجيل للنشاطين التجارى والصناعى، من نحو 54 ألف جنيه إلى مليون جنيه، مؤكداً أن هذا يقنن التهرب من الضرائب تحت المظلة التشريعية.
من ناحية أخرى، أشار البهى إلى مناقشة الضريبة العقارية مع العديد من الوزراء، مطالباً بألا تطبق الضربية على الأرض الفضاء غير المستغلة، بالإضافة إلى ضرورة النظر فى إعفاء غير القادرين أو المتعثرين لحين تحسن الأوضاع.
أضاف أن قطاع الطاقة من أكثر القطاعات جذباً للاستثمار خلال الفترة الحالية، قائلاً: «المنهجية تقتضى أن نستثمر فى الطاقة والعمالة»، ومن الخطأ الشديد المبالغة فى سعر الأرض، ويجب طرحها بسعر بسيط أو بحق انتفاع، كما أن على الدولة أن تحدث منظومة التعامل مع المستثمر، ويجب ألا نستدعى كل مراحل الفشل السابقة.
قال البهى، إن دراسة وزارة الصناعة إسناد ترفيق الأراضى لشركات المطور الصناعى خطوة جيدة، خاصة أن الدولة لا تمتلك القدرات المالية على ترفيقها، إلا أن الدولة دورها أن تشرع وتراقب أداء المطور الصناعى، حتى لا تترك المستثمرين فريسة للآخرين.
وبصفته عضو غرفة الأدوية، قال البهى إن السوق المصرى يستهلك سنوياً أدوية بـ35 مليار جنيه، ما يوازى حجم الاستهلاك السنوى فى سوق مستحضرات التجميل، مضيفاً أنه طبقاً للدراسات التى أعدت، من المتوقع أن يصل حجم استهلاك الأدوية إلى 50 مليار جنيه خلال 2016، مشدداً على ضرورة إصلاح منظومة تسعير الأدوية.
أضاف أن ثلاث شركات من قطاع الأعمال تكبدت خسائر تقدر بـ168 مليون جنيه خلال العام الماضى، وحوّل رؤساء الشركات الثلاثة إلى النيابة العامة من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات بإنتاج أدوية بتكلفة أعلى من سعر البيع، مؤكداً أن الدولة تعمل كجزر منعزلة، حيث إن هناك شركات تنتج أدوية بسعر أقل من العبوة الفارغة، والدولة لا تستجيب لمطالب تحريك سعر الدواء.
أضاف أن حال تحريك السعر بما يغطى خسائر الشركات، سوف يصب فى مصلحة المريض، موضحاً أن الدواء البديل «المهرب» يتراوح سعره بين 15 و20 ضعف الدواء فى مصر.