منذ أواخر يناير، بدأ ارتفاع الدولار الأميركي وانخفاض اليورو متعبا. وقد أفضت التقلبات القوية غير المعتادة في يناير إلى أسواق متذبذبة لا تتبع مسارا محددا.
ومن أجل أن تستعيد الأسواق مسارها، سيكون للتوقعات الخاصة بسياسة مجلس الاحتياط الفدرالي دور أكبر في تحديد العملات، حيث أن سياسة التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي ومخاطر بنك اليابان هي الآن خارج المعادلة، وذلك حسب التقرير الصادر من بنك الكويت الوطني .
ومع استمرار السوق بالاعتقاد بأن مجلس الاحتياط الفدرالي سيرفع أسعار الفائدة مع نهاية العام، فلا سبب يدعو جانيت يلن، رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي، لإعطاء توجيه ما للأسواق قبل اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح في 17 – 18 مارس.
وفي أول اجتماعين لمجلس الاحتياط الفدرالي برئاسة يلن في عام 2015، ارتفعت أسعار الفوائد ولم يفقد الدولار أيا من قيمته، إذ أن رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي لم تكن مع إبقاء أسعار الفائدة على حالها، بالمقدار الذي توقعته الأسواق.
والآن، مع انعدام الاتجاه للأسواق في الأسبوعين الماضيين، من المتوقع أن تؤثر العوامل التالية على الدولار الأميركي في عام 2015. فالمستثمرون سينظرون لمدى التقييد ولتباين السياسات النقدية بين مجلس الاحتياط الفدرالي والبنوك المركزية العالمية الأخرى. والعوامل المعروفة حاليا هي أن سياسة التسهيل الكمي لبنك اليابان وللبنك المركزي الأوروبي ستستمر في الضغط على عملاتها في محاولة لإيجاد النمو وخلق التضخم.
ومن جهة الصرف الأجنبي، ارتفعت قيمة الدولار بداية مع توقع المستثمرين بقاء الأمر على حاله كما بينته محاضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح، وبالتالي، استمر تراجع الأسعار كما شهدنا منذ بداية الشهر. وجاءت محاضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح لتبين توجها نحو التسهيل أكبر بقليل مما كان متوقعا، فارتفعت أسعار سندات الخزينة ووقع الدولار تحت ضغط بيع أكبر وبلغ اليورو مستوى مرتفعا قدره 1.1450. ومع نهاية الأسبوع، استمرت القصة اليونانية بتزايد الضغط على اليونان مع دعوة المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الحكومة اليونانية للتوصل إلى اتفاق مع الدائنين. ومن أجل دعم هذا الأمر، منح البنك المركزي الأوروبي البنوك اليونانية زيادة ضئيلة فقط من أموال آلية الطوارئ.
ومن ناحية آسيا، تراجع الدولار مقابل الين إلى نطاقه المسجل مؤخرا بعد تراجع العائد على السندات الأميركية. ونظرا للتعليقات الأخيرة بشأن تسهيل أكبر من جانب بنك اليابان، فإن تحركات الدولار مقابل الين هي بشكل كبير رهن بالعوائد الأميركية. وإذا ما استمر ضعف البيانات الأميركية، فإنه من الأرجح أن نرى تراجعا أكبر للدولار مقابل الين إلى أدنى مستوى له في عام 2015.
وبقيت أسواق السلع في دائرة الاهتمام مع تراجع سعر الذهب إلى ما يقرب من 1,200$، وتراجع سعر النفط بنسبة تقارب %9 في خلال يومين ليقفل الأسبوع متراجعا بنسبة %5 في الأسبوع الماضي وعند سعر 51.57$ للبرميل.
أوروبا
اليونان تساوم؟
قدمت اليونان يوم الخميس طلبا رسميا لتمديد الدين إلى مجموعة اليورو. ورغم أن وسائل الإعلام كانت متشائمة بشأن الوضع اليوناني، فإن هذا الحدث يمثل تراجعا ملحوظا عن موقف الحكومة اليونانية الأصلي الجامد، مع الالتزام بمراجعة “الترتيب” الحالي والتوصل إلى اتفاق حوله.
والرسالة الموجهة إلى الترويكا لا توفر ضمانات لها، ولكن هذا التقدم هو كبير بما يكفي لدرجة أنه فتح أفقا أكثر وضوحا الآن للاتفاق. وقد وافق الأوروبيون لاحقا على اجتماع مجموعة أوروبية جديدة يوم الجمعة؛ وهكذا يمكن التوصل لاتفاق لتمديد البرنامج قبل نهاية الأسبوع.
وسيتوجب على الحكومة الآن أن تدير المواجهة السياسية لتحرك كهذا ولتمديد البرنامج، حيث أنها كانت قد وعدت الناخبين بداية أنها لن تقوم بذلك. ويبدأ الجزء الصعب مع التفاوض على البرنامج، إذ أن الأوروبيين لن يصرفوا أية أموال قبل إتمام أية إجراءات سبق الاتفاق عليها في البرنامج.
ويبقى الضغط مرتفعا على اليونان، ولكن يبدو أن هناك إرادة للتوصل إلى حل وسط طويل الأجل ومقبول لكافة الأطراف.
ألمانيا تنعش أوروبا مجددا
ساعد النمو القوي في ألمانيا على تعزيز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، ولكن أنحاء كبيرة من هذه المنطقة كانت إما في حالة ركود أو في حالة انكماش. وفي الأسبوع الماضي، أظهرت البيانات الصادرة من ألمانيا أن النمو الألماني ارتفع بشكل حاد وغير متوقع في الربع الأخير من العام الماضي، فيما انكمش الاقتصاد اليوناني مجددا، ما يشير إلى التباين الذي ناقشه البنك المركزي الأوروبي في الاجتماعات الأخيرة.
ويبدو أن السيناريو المتفائل بعد حل المشكلة اليونانية سيتكون من يورو منخفض وأسعار نفط منخفضة وإشارات إلى أن الإقراض البنكي سيزداد بعد سنوات من الانخفاض.
وبالمختصر، نما الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة %0.7، أي أعلى بكثير من النسبة التي توقعها الاقتصاديون والبالغة %0.3. ونما كذلك الاقتصاد الإسباني والبرتغالي، بنسبة %0.7 و %0.5 على التوالي في الربع الأخير من عام 2014. وجاء النمو اليوناني سلبيا بنسبة %0.2، وازداد الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا وبلجيكا بنسبة %0.1 فقط. وبالإجمال، ازداد الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة %0.3.
المملكة المتحدة في طريقها لتكون التالية في رفع أسعار الفائدة
في تقرير التضخم لهذا الأسبوع، رفع بنك إنكلترا توقعاته الخاصة بالنمو والأهم من ذلك بالتضخم في المدى المتوسط. وكانت محاضر اجتماع لجنة السياسة النقدية في يناير قد أشارت إلى مخاطر ارتفاع معدل التضخم في المدى الأبعد. وإضافة لذلك، فإن بنك إنكلترا قد رفع أيضا توقعه بالنسبة للتضخم للسنوات الثلاث المقبلة حسب أسعار الفائدة إلى %2.15. وبعد أن أفاد بنك إنكلترا أنه يرى أن معدل التضخم سيرتفع فوق المستوى المستهدف بعد ما يربو على سنتين من الآن، تفوق الجنيه الإسترليني في أدائه على العملات الرئيسة
وبالإضافة لذلك، جاءت البيانات قوية في الأسبوع الماضي، مع تراجع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ست سنوات، مع زيادة الرواتب في الربع الأخير من عام 2014. وانخفض معدل البطالة إلى %5.7 وازدادت الرواتب بنسبة %2.1.
أسيا وأسواق السلع
ستاندرد أند بورز تنذر بأن ميزانية أستراليا المتعثرة تشكل خطرا على التصنيف
أصدر مجلس الاحتياط الأسترالي هذا الأسبوع محاضر الاجتماع الذي عقده في فبراير والتي تظهر أن المجلس لديه شكوك حول ازدياد الإنفاق المحلي وحول شهية الصين للمواد الخام. وبحسب المحاضر، “كان هناك عدم يقين كبير حول توقيت ومدى الزيادة المتوقعة في نمو الاستهلاك في قطاع العائلات وفي استثمار الشركات في غير قطاع المناجم.”
ومن ناحية أخرى، أفاد محلل الديون السيادية في وكالة التصنيف ستاندرد أند بورز أنه “إذا حصلت صدمة خارجية قوية، من المحتمل جدا أن يكون لذلك تأثير كبير على الميزانية مثل الذي حصل إبّان الأزمة المالية العالمية”. ونظرا للدين الحكومي المتدني نسبيا لأستراليا، قال المحلل إنه لا يوجد تهديد مباشر للتصنيف AAA الذي تتمتع به، رغم أن المجال أضيق من قبل للقيام بتحفيز مالي جديد. “لا زلنا مرتاحين جدا لوضع الدين” وسيقع التصنيف تحت الضغط فقط إذا اقترب الدين من %30 من الناتج المحلي الإجمالي. “ونظرا لأن الدين لازال منخفضا فإن المجال متاح للحفاظ على التصنيف وامتصاص بعض الصدمات في العوائد، ولكن لا زلنا نتوقع أن نرى استمرار التقييد في نمو الإنفاق”.
الين الضعيف لا يوقف التحفيز في حال الحاجة
بعد أن أشارت تقارير صحفية إلى أن مسؤولي بنك اليابان يرون أن تسهيلا إضافيا في السياسة النقدية سيأتي بنتائج عكسية “حاليا”؛ ردّ محافظ بنك اليابان كورودا أن مسارات أسعار المستهلك تبقى على حالها حتى مع تأثير تراجع سعر النفط على معدل التضخم. وكرّر أيضا أنه لن يتردد في اتخاذ إجراء في حال الحاجة إلى تحفيز إضافي، وذلك من أجل إبقاء معدل التضخم في مساره المستهدف من قبل البنك المركزي. وأفاد أيضا أن تحركات سعر الصرف غير مؤذية طالما تعكس الأساسيات الاقتصادية.
هل يؤثر الاحتفال بالسنة الصينية القمرية الجديدة على سيولة المعادن الثمينة؟
كانت أسعار المعادن الثمينة متقلبة في الأسبوع الماضي مع انخفاض أسعار الذهب إلى ما يقارب 1,200$ قبل إقفال الأسواق الصينية بسبب عطلة أسبوع كامل.
ومع إقفال سوق صرف الذهب في شنغهاي حتى 25 فبراير، من المتوقع أن تكون أسعار المعادن الثمينة متقلبة بشكل كبير.
وإضافة لذلك، فبعد إصدار محاضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح في 27-28 يناير، استعادت أسعار الذهب بعضا من خسائرها. وأشار العديد من أعضاء مجلس الاحتياط الفدرالي إلى أن تقييمهم لتوازن المخاطر المتعلقة بتوقيت بدء تطبيع السياسة قد جعلهم أميل إلى الإبقاء على أسعار الفائدة على الأموال الحكومية عند حدها الأدنى لوقت أطول.
تنشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الاوسط






